ركوع صلاة الجنازة

محمد عبد الله الحبيب

مقابل مقر نقابة المعلمين، في إحدى الشقق بالطابق الثاني، كان البعوض يحرق أرجلنا. كنا نتبادل النكات بشأن وضع الصحافة في البلد، وكان المدير الحافظ ولد الغابد يضحك عميقا قبل أن يلقي عبارته الشهيرة؛ "هذا بلامول". الساعات بعد المغرب ترتفع فيها درجة حرارة نواكشوط، وتتنفس الإنترنت الصعداء فنتمكن من نشر بعض الأخبار، وإضافة تحسينات على أخبار أخرى.
دخل الصديق سيدي أحمد ولد باب وهو يغالب الضحك، مطلقا بعض العبارات الساخرة! لقد جئتكم بأعجوبة. اتفقنا بعد التداول على تحويل الأعجوبة إلى قصة في زاوية "بانوراما". كانت زاوية في الموقع ننشر فيها الأخبار الطريفة، والقصص الخفيفة، وأحيانا ننشر فيها بعض الآراء الساخرة.
اختار سيدي أحمد أن يضع على القصة عنوان: "الفاتحة وركوع وسجود في صلاة الغائب". أو عنوانا يشبهه. كان النشاط التأبيني لبعض شهداء غزة في سفارة فلسطين بنواكشوط. وكان الإمام رئيس الحزب الوحدوي الديمقراطي محفوظ ولد عزيزي.
طريقة الأستاذ محفوظ في الصلاة على الجنائز هي نفسها التي اختار أن يودع بها المرحوم "الوحدوي الديمقراطي". ربما لقن الطريقة للرئيس السابق، وتناوبا على إمامة الجمع فيما بعد المؤتمر انضمام الوزير والسفير.

رفقة عالم الرياضيات المتفرغ لتحسين صورته الدكتور إسلك ولد أحمد إزيد بيه يتنقل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بين مقرات أحزاب لم نكن نعرف لها مقرات قبل إحالة ملف التحقيق في صفقات العشرية إلى القضاء.

رفيقا البحث عن ترخيص للاحتماء به من خناق القضاء الذي يزداد ضيقا حول رقبتيهما، يريدان أن يأتي الاستدعاء إلى أثقلهما حمولة وهو في بيت عليه اسم حزب سياسي ذي رقم ترخيص. هذا الأمر لا يختلف في شيء عن نهاية صلاة جنازة جلس إمامها وقرأ "التحيات لله الزاكيات.. إلى قوله: إنك حميد مجيد" ثم سلم. لقد صلى ركعتين قرأ فيهما ما قرأ، وقف وانحنى وجلس، ولكنه لم يصل على الجنازة. وأنتم أيها الأفاضل لقد دخلتم بيتا عليه شارة حزب، ولكنكم لم تنالوا شرعية العمل السياسي، وليست لكم حقوق في وطن تمالأتم على نهبه، وأكلتم أخضره ويابسه. 

ضعوا لافتة على أحد المخازن التي تخفي سيارات من أموال الشعب، أو على مزرعة، أو على بيت من تلك البيوت الكثيرة، واجعلوها رمية عصفورين: 
ستكون الصورة هكذا؛ الشرطة تضع يدها على منزل مملوك للرئيس السابق، وتخرج "الحلمة المشروطة" الخبر في إحدى صفحات الفيس بوك بأنه اعتداء على مقر حزب!. جنبوا أخاكم الدكتور السعد الحرج، واطبعوا لافتة وضعوا عليها اسم حزب. أقترح عليكم مثلا: "حزب آحفير الديمقراطي التقدمي (حادت)". أو "حزب الطرائد الوطني (حطو)" أو أي اسم آخر.

ما هي إلا أيام حتى يصلكم الطابور، وتكونوا في ضيافة القضاء، أو شرطة الجرائم الاقتصادية. اتركوا اللافتة حتى تشرط عليها الحلمة كما تتوعدون، سيرفعها المناضلون ودماء الحلمة تنهمر معلنة أن دماء الشهداء لن تضيع سدى!.

جمعة, 14/08/2020 - 23:35