"وَهَاوْ نَحَرْثُ"، هيا الي الحراثة

 مريم اصوينع

الزراعة الذاتية يقصد بها أن نعتمد على إمكانياتنا الخاصة وتطويرها للحصول على احتياجاتنا من المواد الغذائية الضرورية لحياة كريمة. وذلك بهدف التقليل من مستوى التبعية الغذائية للآخر. وبالتالي تحقيق درجة أعلى من الاستقلالية في احتياجاتها ومتطلباتنا الأساسية.

واقع الزراعة الوطنية،  إن القاعدة الزراعية الموريتانية من أفقر القواعد الزراعية في غرب إفريقيا  وشمالها. وبعيدا عن المبالغة فالأرقام تقول اننا نمتلك ما يقارب  نصف مليون هكتار صالحة للزراعة لدرجة معقولة، منها 137  ألف هكتار تُروي بمياه نهر السنغال  و 240  ألف  هكتار تروي بمياه الأمطار والباقي بمياه السدود.  إضافة إلى أن 60% من العمالة تعمل في هذا القطاع. ومع هذا نستورد قرابة 70% من المواد الغذائية. أما بالنسبة للثروة الحيوانية فنمتلك ثروة هائلة، "خمسة رؤوس لكل فرد" و علي الرغم من هذا نستورد أيضًا مايقارب 50% من الألبان ومشتقاتها.

وإذا تسائلنا عن الأسباب التي جعلتنا نعيش هذه الحالة ؟ فالسبب قلة التخطيط وعدم الاهتمام بالاستراتيجيات الزراعية التنموية التي تنطلق من واقعنا كمجتمع أعتمد علي الزراعة والرعي سبيلاً للعيش.

فمن المعروف أن كل مجتمع يجب أن تكون خطته الاقتصادية نابعة من واقعة التنموي. ومنذ استقلال الدولة الي اليوم لم تشهد القطاعات الحيوية الثلاثة المعروفة كالزراعة والتنمية الحيوانية والصيد  أي اهتمام لتطويرها سوي إرهاصات ضعيفة لم تستطع ان تغطي حاجيات المجتمع من الغذاء. مع أن هذه القطاعات يجب الاهتمام بها لأنها تدخل في تحقيق جدول التنمية المستدامة.

حلول وبدائل،  من وجهة نظري البحتة يمكن أن تحصل الحلول في تحويل النظم الزراعية على نحو مستدام وذلك باستيراد الخبرة و تكوين جيل من المهندسين المختصين في الإنتاج الزراعي في بيئتنا الجافة - هذا من جهة، ومن جهة أخري تنفيذ سياسة الزراعة الإجبارية على كل مواطن. فينبغي أن تعمل هذه الأربَعة مَلايين نسمة في هذا المجال والسعي في انتشار ثقافة الحراثة بين التلاميذ والطلاب والمجتمع جميعا. لكي تكون الزراعة عملية تشاركية نستحضرها في خططنا الوطنية والتعاونية للمستلزمات الضرورية للحياة، ولأنها ليست وصفة جاهزة بل يمكن صناعتها وتشكيلها. بالتالي هنا يمكن أن تصل مسألة الغذاء الي الوفرة الي الاستدامة ثم الي السيادة الغذائية حتي نتمكن دائما من العمل على توفير مخزون استراتيجي من الغذاء لحالات الطوارئ والتقلبات تصل الي حالة الاستقلال التام عن الآخر و حماية اقتصادية و إجتماعية للمجتمع.

لماذ لا نقوم بثَورة زراعية،  إن الرئيس "ماو تسي تونغ" قام بثورة زراعية في الصين في القرن العشرين وكانت ثورة نابعة من واقع الشعب الصيني. بل ذهب الي أكثر من ذلك، فقد فرض علي الوزراء وقادة مجلس الثورة القيام بالزراعة والعيش مع الفلاحين عدة سنين آنذاك. وهو ما أعطي هذه النتائج المبهرة وكان من بين أسباب ترسيخ الثقافة الزراعية في المجتمع. وليس عيبًا أن نقتبس من تجارب العالم داخل حدود مصلحتنا.

يمكننا القيام بثورة زراعية بالتخلي عن الثقافة الفئوية في مجال الحراثة أو الإنتاج الزراعي ونتبني الزراعة كثقافة مجتمعية.

إن انقراض الخضروات والفواكه في البلاد نتيجة تقلبات خارجية لهي فضيحة كبيرة نعيشها دون أن ندري خطورتها المستقبلية وإن وصلتنا المواد بكميات كبيرة فيما بعد. لست ضد العلاقات الاقتصادية بين الجيران لكنني ضد أن أكون رهينة  او خاضعة له تحت أي ظرف كان. لماذا لا نحشد المجتمع ونتوجه الي الحراثة من أجل الاستقلال الذاتي في مجال الزراعة، واكتشاف القاعدة الأساسية وإعداد الخرائط للأنشطة الزراعية في بلدنا موريتانيا. 

 

خميس, 19/11/2020 - 11:21