معا من أجل مفهوم تربوي أشمل

الطيب ولد سيد أحمد

الودادية الوطنية للتعليم مؤسسة مجتمع مدني ناشئة ذات طابع اجتماعي تعاوني خيري؛ تسعى إلى تشكيل جسر تواصل سالك ييسر التشاور والتعاون والتكامل بين أفراد الأسرة التعليمية بشتى أطيافها وأسلاكها في سبيل تحقيق ما يمكن تحقيقه من تكافل اجتماعي يتوخى العمل على تحسين ظروف أداء الجميع خدمة للمجتمع الذي هو المصدر والهدف والغاية .

 ذلك لأن الأسرة التربوية بمفهومها الشامل هي حجر الزاوية لأي أساس مجتمعي وبقدر نضجها وجودة تكوينها وجاهزيتها وحسن أدائها تقاس مواصفات  ذلك الأساس وبقدر سلامة تلك المواصفات يحق لهاأن تـتطلع إلى مستقبل أفضل لمجتمعها .

 والرسالة التي تود الودادية الوطنية للتعليم الاضطلاع بها ليست تربوية بقدر ما هي مهمة دعم واسناد للكادر التعليمي المنتسب وظهير طوعي للسلطات الرسمية والأهلية المختصة يعمل على إبراز وتفعيل الخيوط الحيوية التي تربط بينه وبين كافة الشركاء المعنيين بالعملية التربوية بدءا بالطفولة الصغرى فالروضة فالمدرسة بمختلف مراحلها إذ التربية عملية تكيف مستمر من المهد إلى اللحد يتفاعل الإنسان من خلاله مع بيئته أخذا وعطاء بما يضمن تحقيق وصيانة أفضل قدر ممكن من المكاسب تكريسا لمهمة الاستخلاف التي شرفه الله بها.

  ويقرر علماء التربية العامة وعلم النفس أن مخزون ذاكرة الولد في السنوات الخمس الأول من طفولته تشكل الأساس المكين لما يسمونه العقل الباطن الذي يوجه سلوك الفرد في سائر تفاعلاته مع محيطه الخارجي طيلة حياته؛ الأمر الذي يبين بجلاء مركزية دور الأبوين في رسم ملامح مستقبل الطفل؛ ولعل في ذلك ما يفسره الحديث الشريف:[ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه] .

 ولو استقبلت مجتمعاتنا من أمرها ما استدبرت فأحسنت التعاون بين بيوتها ومدارسها الأهلية والرسمية في تربية ناشئتهاتربية سليمة تستوعب مواهب وحاجات الناشئة وتوجه سلوكها لما هو أفضل لجفت منابع الاختلالات الأمنية المتفشية في الشوارع والبيوت والأسواق وغيرها؛ واختفى الجنوح بين صفوف اليافعين وتلاشت الإثنيات وعصبيات الجاهلية بشتى أوضارها وأسمالها وأوزارها وتوطدت وتجذرت قيم الإخوة والتعاون والايثار لتشكل نسيج اللحمة الوطنية وارتفع سقف طموحات الشباب وأهدافه واستمرأ الجميع  قيم العفة والقناعة والنخوة والغيرة على الكرامة والوطن والهوية دون كبير عناء .

  فما المانع إذن؟ ألم يحن الوقت بعد؟ بلى .

قد يرى البعض في هذه المقاربة طوباوبة مسرفة في المثالية ولكن هل يستطيع الجزم باستحالة تنفيذها؟؛ والحال أنها تحققت في الماضي لأمتنا أو كادت وها هي تحقق الآن على صعيد الواقع لبعض الشعوب والأمم بحظوظ متفاوتة حسب توفيقها في رفع تحدي الجهل ؛ فما بالنا نيئس ونستكين ونُحبط ونحن نتـلوا أمر رب العالمين لرسوله الخاتم في أول آيات نزلت عليه من القرآن الكريم:(( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم )) وقوله جل من قائل:((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) ونعلم يقينا أن مفتاح التغيير المنشود يكمن حصريا في امتثال الأمر بالتعلم والعلم كما تقرر آنفا ؛ فالاستثمار الجاد المكثف في التعليم إذن يظل دون منافس أنجع وسيلة وأيسر جهد لإعادة صياغة المجتمعات  صياغة متكاملة ومتناغمة والدفع بها إلى بر الأمان؛ والأمثلة الحية على ذلك كثيرة ومشهودة؛ والأقربون أولى بالمعروف: (( فاستبقوا الخيرات )) ونحن وإياكم على موعد سواء:(( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)) .

(أهم درس تعلمته من تجربتي في الحكم، أن مشاكل الدول لا تنتهي، لكن علاجها جميعا يبدأ من التعليم) مهاتير محمد.

(أنا لم أقم بمعجزة، أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني، فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة في سينغافورا، فالمعلم هو من صنع المعجزة، هو من أنتج جيلا يحب العلم ولأخلاق بعد أن كنا شعبا يشتم بعضه في الشوارع) لي اكوان.

( عند الصباح يحمد القوم السـرى ).

يقول أحد الحكماء:

إذا أنت لم تـبذر وأبصرت حاصدا   ندمت على التفريط في زمن البذر
ويقول الآخر :

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة   فــــــــــــــــــــــــــــــــإن فــــــــــساد الرأي أن تــــــــتـردا

اثنين, 25/01/2021 - 16:47