سوريا وروسيا

بسام ابو شريف

لا تخلو العلاقات السورية الروسية من خلافات، وتعارضات تكتيكية، وقد تصل بعضها الى حدود استراتجية، وأهم هذه الخلافات هي: –
1- تقاعس موسكو عن تزويد سوريا بالدفاعات الجوية اللازمة لاحباط الضربات الجوية الاسرائيلية.
2- غياب الحزم في تعامل روسيا مع عدم التزام تركيا باتفاقيات سوشي وآستانة.
3- خيار موسكو للتعامل مع قسد ، التي أثبتت رغم كل المحاولات الروسية أن قيادتها عميلة للولايات المتحدة ، وتمارس التضليل والتحايل على موسكو لفظا وعملا ، ورغم تحول قسد في ظل ادارة بايدن الى أداة ارهابية لاتتردد في اسقاط طائرة هيلوكبتر روسية ، واستخدام المواقع الروسية لتوجيه عمليات ضد من ” قد يظن ” ، أن الجنود الروس هم الذين أطلقوا النار على مواقع الجيش التركي ، ورغم استخدام الولايات المتحدة لقسد كجهاز مخابرات لها ، وشريك لداعش في شن العمليات الارهابية ضد مواقع الجيش السوري ، ورغم أن الذرائع في الحالات الثلاث معروفة الا أنها تثير دائما أسئلة مشككة لأن المبررات لاقيمة لها في ظل الصراع الدائرعلى الأرض السورية .
مبرر عدم تزويد سوريا بالدفاعات الجوية اللازمة غير مبرر اطلاقا ، فهو يقلل من قيمة وقدرة روسيا في هذا المضمار، ويترك دمشق عرضة للصواريخ الاسرائيلية ، واذا كان المبرر، هو ذلك الاتفاق القديم على عدم تزويد أعداء اسرائيل بسلاح متفوق حتى لاتغضب الولايات المتحدة ، فان الظروف الدولية والاقليمية الراهنة أسقطت هذا المبرر ، فالولايات المتحدة لاتلتزم به ، فلماذا تلتزم روسيا به ، وخاصة في ميدان لايعود على موسكو ” الا بعدم الثقة بقدرتها العسكرية ” ، واذا كان المبرر نفوذ المليارديرية اليهود الروس ، وتأثيرهم على قرارات الكرملين ، فان المضي قدما بتزويد سوريا بالدفاعات الجوية القادرة على التصدي لصواريخ اسرائيل ، هو جزء هام من محاولات الكرملين والدوما التخلص من نفوذ يهود المليارديرات في موسكو ، أو على الأقل التقليل من نفوذهم ، فالوقت يداهم روسيا ، وعليها أن تحسم الأمور في سوريا ، فالشعب ينحدر بتسارع تحت خط الفقر ، والارهاب يشجع من واشنطن وتل ابيب ( باعتدائهما ) ، ووضع سوريا أصبح وضعا خانقا ، وقد حان الوقت لاعادة اللاجئين ، وتحويلهم الى قوة عاملة لاعادة بناء سوريا ، والنهوض باقتصادها اعتمادا على نفسها أولا ، وسوريا تمتلك قدرات هائلة .
لم يعد مقبولا أن تستمر الحسابات كما كانت سابقا ” تدعم الولايات المتحدة السعودية الداعمة لعدد من الأثرياء الذين يدعون تمثيل المعارضة البعيدة عنهم كل البعد ، وتمول تركيا وقطر تنظيما ارهابيا يعمل ضد كل ماتعلن تركيا الالتزام به ” ، هذه ليست عقبات أمام انهاء وضع دستور جديد للبلاد ، والسير للأمام بغض النظر عن رأي اميركا ، أو السعودية ، أو عملائهما وعملاء اسرائيل ، هو الذي يجب أن يحصل ، والا ستنفجر الأزمات مرة اخرى عشية موعد الانتخابات ، أما تركيا ، فهي الآن تقف على شفير أزمة مع الادارة الاميركية ، والضغط عليها كبير من واشنطن حول تزودها بصواريخ س 400 ، وكذلك ملف حقوق الانسان ، وستسعى تركيا بسرعة لاعادة العلاقات مع واشنطن الى خانة التحالف عبر رضوخها لمطالب الكونغرس حول حقوق الانسان ، وحول الوضع في سوريا .
لذلك على روسيا التحرك بسرعة لحسم موضوع الشمال في سوريا ، وذلك بتوجيه ضربات قوية للارهابيين ، وللسماح للجيش العربي السوري بتحرير ادلب ، وحماية الطريق 14 وتطويق انتشار قسد ، وتحرير نفط سوريا وغازها .
ادارة بايدن تخطط مستنيرة بما سبق لادارة اوباما أن خططته لسوريا ، وهي خطط تستهدف اطالة حرب الاستنزاف لانهاك سوريا ، وهذا مايجب ألا يسمح به محور المقاومة ، وما يجب على روسيا أن تقاومه ، فروسيا لاتمارس الفروسية في سوريا ، بل هي تدافع عن مصالحها أيضا ، وسوريا هي المكان الوحيد على المتوسط الذي منح روسيا قاعدة بحرية ، وقاعدة جوية ووقع معها عقد امتياز التنقيب عن النفط والغاز في الساحل السوري ، لذلك فان ” شد الحبل ”  في سوريا باتجاه انهاء هذه الحرب ، واعادة بناء سوريا هو الذي يعزز مكانة روسيا في الشرق الأوسط ، ويزيل كافة التساؤلات حول علاقات موسكو باسرائيل ، وخشيتها من اشعال فتيل تدل كافة الحسابات الدقيقة انه لن يشتعل …. أي فتيل الصدام مع واشنطن .
فروسيا ، هي الحليف الاستراتيجي لحركة التحرر العربي ، وللأنظمة التي تعاني من هجمات الامبريالية الاميركية ومن الصهاينة ، موضوعيا هي الحليف الاستراتيجي ، لكن مسالك الشرق الأوسط معقدة ، وبعضها يتحول الى مستنقعات ، والسرعة في اتخاذ القرار، وتنفيذه أمر مهم في الشرق الأوسط ، فخلق الأمر الواقع هو الذي يثبت حقائق لا أوهام  من هنا نخشى أن تكون الولايات المتحدة بصدد جر روسيا الاتحادية الى أفغانستان جديدة ، وهذا مالا نريده لحليف استراتيجي ، ومالانريده لبلادنا  لذلك نقول على روسيا أن تتحرك بسرعة خدمة لمصالحها الاستراتيجية التي تتعانق وتلتقي مع مصالحنا الاستراتيجية لمافيه خيرشعوبنا والشعوب الروسية في الاتحاد الروسي ، نحن نحث على اتخاذ هذه المواقف لأننا مهما قلبنا الأمورنرى أن الصهاينة لهم أطماعهم العدوانية والتوسعية في الشرق الأوسط ، ولايكتفون بما احتلوه ، وما ارتكبوه من جرائم في فلسطين ، لذلك فان التصدي لاسرائيل ، هو خطوة مركزية لحل الصراع ، وتحقيق السلام ، ولا سلام بدون التصدي لاسرائيل ومقاومة مخططاتها ومخططات واشنطن وبعض أتباعها من الأنظمة العربية .
ان الحقائق والمعلومات المستقاة من الشرق الأوسط تدل دلالة واضحة على أن هنالك فارقا كبيرا بين الوضع قي افغانستان والوضع في بلادنا ، فالحليف الاستراتيجي الروسي له جماهير عربية ترى فيه حليفا ، وصديقا تلتقي مصالحه معه ، لذلك السرعة في اتخاذ القرار، وتنفيذه على الأرض ، والضرب دون هوادة لمعسكرأعداء الأمة ، وتحرير الأرض ، وتحقيق السيادة واعادة الأرض لأصحابها ، ومواكبة ودعم محور المقاومة ، هو الطريق الأمثل لمواجهة كل المخططات التي الآن تترأس اسرائيل معسكرها ، ومعسكر التوسع ، والهيمنة في الشرق الأوسط .

أربعاء, 03/03/2021 - 16:27