لماذا بطولة جديدة؟ وما هي مآلات الخلاف الحالي؟!

 محمد اندح

يجب أن نعلم أولاً أن خصم الأندية المؤسسة للبطولة الجديدة "الدوري الأوروبي الممتاز" أو "دوري السوبر الأوروبي" التي أعلن عنها رسمياً خلال الساعات الماضية، ليس الاتحاد الدولي "الفيفا"، بل هو أساساً الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "الويفا"، لأنه المتضرر الأول مادياً من إنشاء البطولة الجديدة، فهي ستكون بمثابة تجميد مداخيله المالية دفعة واحدة!

الويفا حالياً أكبر دخلاً من الفيفا سنوياً؛ وهي حالة غير طبيعية، وذلك بسبب عائدات دوري أبطال أوروبا تحديداً، ومع ذلك لا يمنح الويفا للأندية الكبيرة من هذه العائدات الضخمة ما تستحقه من جوائز!

يكفي أن تعلموا أن جائزة بطل دوري أبطال أوروبا هي 19 مليون يورو فقط، وأنه إذا أضيفت إليها كل جوائز الأدوار الأخرى من البطولة والمباريات ستصل إلى حدود 60 مليون يورو!!!

بينما تنفق الأندية الكبيرة هذا المبلغ لشراء مدافع متوسط المستوى، في حين تذهب بقية الأرباح لحساب الاتحاد الأوروبي، حتى بات مؤسسة مالية كبيرة تهدد حتى بتجاوز سيطرة الفيفا نفسه على اللعبة!!!

لذلك، فإن الأندية الأوروبية الكبيرة محقة في تذمرها من الوضعية المالية لعائداتها من البطولة القارية الأوسع انتشاراً في العالم، ومن حقها أن تفرض البديل؛ خاصة أن جوائز البطولة الجديدة ستصل إلى 10 مليارات يورو سنوياً، موزعة بين 20 نادياً فقط، وهو ما يؤمن لهذه الأندية مئات الملايين سنوياً!

المؤكد أن الاتحاد الأوروبي لن يستسلم بسهولة، لأن هذه المسألة تعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة له، وقد تتبعه في ذلك الاتحادات الوطنية لكل بلد، لكن الأندية المؤسسة للبطولة الجديدة لن تتراجع أيضاً بسهولة؛ لأنها في موقف قوة بسبب شعبينها الجارفة في العالم، وبسبب استقطابها لأبرز نجوم اللعبة، وهي التي تصرف الأموال الباهظة للتعاقد معهم وتأمين رواتبهم الكبيرة بعد ذلك!!

بينما ليس في يد الاتحاد الأوروبي، ولا حتى الفيفا إذا دعم موقفه رسمياً، من أوراق الضغط سوى منع اللاعبين المشاركين في البطولة الجديدة من اللعب في البطولات الدولية والقارية، ولكن هذه "الورقة" قد تتلاشى سريعاً أمام قوة رياح تأثير لاعبي هذه الأندية ونجوميتهم العالمية لدى الجماهير!

تصوروا مثلاً: أن تقام كأس الأمم الأوروبية أو كأس العالم من دون نجوم برشلونة وريال مدريد ومانشستر سيتي ويوفنتوس وتشلسي وأرسينال وأتلتيكو مدريد وميلان وليفربول وتوتنهام وإنتر ميلان وبايرن ميونخ؟!!!

تصوروا أيضاً أن يُلعب دوري أبطال أوروبا بدون هذه الأندية أعلاه، وبمشاركة أندية أبرزها ليستر سيتي وأبويل نيقوسيا وخيتافي وأتالانتا ومكابي حيفا وليل وبرايتون؟!! 

من سيتابع بطولة قارية بدون تلك الأندية الكبيرة وبمثل هذه الأندية الأخيرة؟ ومن سيتابع كأس الأمم الأوروبية أو كأس العالم في ظل غياب أبرز وأهم نجوم اللعبة في العالم؟!! 

تبقى الأندية المؤسسة للبطولة الجديدة في موقف قوة إذن، لأنها الأكبر تأثيراً في الجماهير، لكن الاتحادات القارية أيضاً في موقف قوة إدارياً وقانونياً، فمن سيحسم اللعبة لصالحه؟!!

في انتظار معرفة الإجابة على هذا السؤال، يبقى الجلوس على مائدة الحوار المخرج الأقرب للجوء الجميع إليه، لمحاولة تقريب الآراء من بعضها، والخروج بنتيجة مرضية للجميع؛ إما التراجع عن البطولة الجديدة والعودة للبطولة القديمة بشروط وامتيازات أفضل للأندية الكبيرة، وهذا وارد، وإما استحداث البطولة الجديدة بالفعل ولكن بمعايير أكثر مرونة واستجابة لشروط الاتحادات القارية والدولية وهذا ممكن أيضاً! 

بيد أن المؤكد أن ما يجري الآن هو زلزال كروي غير مسبوق في تاريخ اللعبة، فهل يمر بسلام، أم ربما يدمر اللعبة نفسها التي سحرت قلوب وعيون ملايير البشر حول العالم؟!

اثنين, 19/04/2021 - 12:37