مرة أخرى عن قانون الرموز 

محمد جميل منصور

لا أتصور أن النقاش حول مشروع قانون الرموز يمكن أن يتوجه لأي من هاتين النقطتين اللتين ركز عليهما البعض، أو لا ينبغي له ذلك:
الأولى : الدفاع عن محترفي الشتم والقذف والسب والنيل من أعراض الناس وخصوصياتهم، فهؤلاء يستحقون أن يوقفوا عند حدهم، وفي بعض القوانين الموجودة ما يحقق ذلك أو أهمه.
الثانية : التنقيص من موقع أو مكانة رئيس الجمهورية، والتشكيك في رمزيته والمعنى الذي يعكسه، وهو موقع محفوظ بحكم الدستور، ومترجم بدوره في بعض القوانين.
مشكلة مشروع قانون الرموز في أمور أربعة وخامسها يتعلق بالسياق.
أما الأمور الأربعة، فأولها: عدم الحاجة إليه، ووجود أغلب ما تضمنه في قوانين أخرى أو وجود ما يغني عنه، وثانيها: عمومية صياغاته وقبول بعضها لتكييفات لاشك في أثرها السلبي على الحريات ( التفريق بين الشخصي والعام، إضعاف الروح المعنوية، التقييد على التغطية والتصوير..... ) وثالثها: جعل قضايا - مهما كانت أهميتها ومصداقية إيرادها - طابعها المؤقتية انتخابا أو تقنينا ( الرئيس والنشيد، وربما العلم ) في مستوى قضايا أخرى ذات دلالة عامة ومستمرة ( الدين والوحدة الوطنية والحوزة الترابية ) أما رابعها: فتلقائية تحريك النيابة للدعوى في هذه الملفات، وهو ما يعني فتح قضايا عديدة وشغل الناس بما لا يناسب شغلهم به.
يبقى أن أشير إلى أن الانتظارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأغلب الناس، لا تجعل الأولوية التشريعية لمثل هذا القانون، وهذا منطق السياق.
ومرة أخرى في الديمقراطيات الناشئة، لابأس بتحمل الضريبة والصبر على نوعين من الناس، نوع يفسد الحرية باستغلالها السيء، ونوع يبرر العودة عن الحرية بسبب نتائج هذا الاستغلال، فمع الزمن يسود الرشد وينفى التشدد، ومعه كذلك يسود اليأس في أوساط الذين يحنون إلى عهود الاستثناء والتضييق.

ثلاثاء, 27/07/2021 - 09:06