للإصلاح كلمة تهنئ وتبارك لطالبان انتصارها وترجو من الله أن يهديها إلي طريق الحق

محمدّو بن البار

هذه التهنئة يتبين منها لكل مسلم أنها صادرة من مصدر واحد مشترك بين المسلمين ألا وهو الإسلام، ولأهمية هذه التهنئة فأنا مضطر أن أجعلها علي حلقتين الأولي علي أسبابها والثاني ما نتمناه لطالبان من فهم صحيح للإسلام وتطبيقه علي ضوء ذلك.
وقبل أن أشرح هذه الأسباب أو العلاقة الوحيدة أود أن أذكر أصولها المبينة عليها، فمن المعروف عند كل عاقل أننا نحن الإنسان لا نملك ألا نكون جئنا لهذه الدنيا، ولا نملك أن لا يكون وجودنا ونمونا وانتهاء هذا النمو بالموت بعد ذلك، وألا يكون إلا طبقا لما قص الله علينا في كتابه المحفوظ لهذه الحقيقة، فمثلا بداية خلقنا بعد آدم نطفة في قرار مكين إلي آخر التفاصيل القرآنية، أما ابتداء نمونا وانتهائه محدود زمنيا فهو مبين في القرآن {{الله الذي خلقكم من ضعف}} إلي آخر الآية، أما انتهاؤه بالموت فأيضا منزل في القرآن يقول تعالي : {{قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلي ربكم ترجعون}}.
هذه الحقائق المشاهدة في الحياة الدنيا ومنصوص عليها في القرآن تقابلها حياة أخرى منصوصة في القرآن أيضا، بوجود نفس الجسم وفيه روحه، أما نوع الحياتين فمختلف تماما، الأولي قصيرة وبعدها موت، وراحتها وتعبها محدود الوقع علي الإنسان وينتهي كله براحته وتعبه بالموت التي يتيقن كل أحد علي إدراكها له.
أما الأخرى فلا نهاية لها ولا نهاية لرحمتها ولا لعذابها وهذان الوصفان مبنيان علي فعل ما أمرنا به في القرآن وترك ما نهينا عنه فيه.
ومن ما أمرنا به في القرآن ونبهنا الله عليه هو أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض من غير ذكر النسب ولا مكان السكنى وأمرنا نبينا صلي الله عليه وسلم أن يحب كل واحد منا لأخيه ما يحبه لنفسه من غير النظر إلي عامل آخر غير الإسلام.
إذن فنحن المسلمين الحاليين عندما نقلب أبصارنا وعقولنا في سكان أهل الدنيا وفي نفس الوقت نقلبهما كذلك في وصف القرآن لمن آمن به واتبع ما أنزله علي رسوله ليبلغه لعباده، وأنه هو الميزان الذي يعامل علي ضوئه هذا الإنسان طبقا لما في القرآن من أنواع الحياة السعيدة المذكور سعادتها بالتفصيل في القرآن بتقريبها بالألفاظ العربية، أما حقيقتها وأعلي قمتها فلا يعلمها إلا الله :{{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}}، وكذلك عقوبتها مفصلة في القرآن بعبارات لا صبر عليها في الدنيا المنتهية ولا سيما وقوعها بلا نهاية، وهنا أذكر هذه الآيات لكل فريق ومثلها مكرر في القرآن كثيرا للبشرى والإنذار.
يقول تعالي : {{جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولبساهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهو يصطرخون فيها ربنا أخرنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير}}.
كتبت كل هذه الآيات المتوالية لأن كل كلمة فيها لها دور خاص بها في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
هاتان الحياتان الموصوفتان أعلاه أخبرنا الله في القرآن وبلغنا الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك في أحاديثه أن أعظم شيء تنال به تلك المقامات ويتجنب به الإنذار من العذاب طبقا لكلمات الآيات هو الجهاد في سبيل الله الذي أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أنه فريضة قائمة ثابتة إلي يوم القيامة بشروطه والجهاد وحده من جميع الطاعات هو الذي نهي الله المسلمين أن يقولوا أن قتيله قد مات بل هو حي عند ربه من ساعة موته وهو يرزق برزق الآخرة لا رزق الدنيا، كما أنه هو وحده الذي تولي الله أطراف عقد صفقته بين البائع والمشتري أي بين الله والمسلم في قوله تعالي : {{إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفي بعهده من الله}}.
ويقول تعالي : عندما كان المسلمون منحصرون في سكان المدينة هم ومن حولهم من الأعراب : {{ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح}}.
ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم ((إن الإسلام سنامه الجهاد)) أي رأسه، هذه الفريضة إذا التفت المسلم يمينا وشمالا يبحث عنها في سكان أهل الدنيا فلا يجد من ينسب إليها صراحة إلا حركة طالبان وحركة حماس في فلسطين، وفي نفس الوقت تمسكوا أثناء الجهاد بما تبين لهم أنه الحق الذي أنزل علي نبيه وطريقتهم هذه سوف تكون بإذن الله موضوع الحلقة الثانية أي تبيين علاقة المسلم بمجتمعه ومحيطه وعلاقته مع ربه كما أراني الله ولا سيما في شأن العلاقة مع المرأة.
وقبل ذلك أعود لألفت نظر جميع المسلمين إلي حالة الدول الإسلامية الآن ولاسيما الدول العربية، فالمتأمل لحياة هذه الشعوب والمسؤولين عنها ليقارن بينها وطالبان نجد أن حركة طالبان الآن وحماس – حماس بالنسبة للعرب المسلمين وطالبان بالنسبة للعجم المسلمين - هم المسلمون من الدرجة الأولي، أما الشعوب الأخرى ومسؤوليهم فهم من الدرجة الرابعة ومن هناك إلي أسفل الدرجات التي فيها المتعاونون مع أعداء الإسلام لقتل وتشريد المسلمين، فالمسلمون وأعداء الإسلام يسمون كل من خرج عن طاعة ما هو موجود من الحياة اللا أخلاقية بين المسلمين بالإرهابيين، وبدلا من إصلاحهم وإصلاح حياة المسلمين طبقا للإسلام في هذه الدول فالجميع يتعاون ويتداعي إلي قتل المسلم الإرهابي في نظرهم.
ولا شك أن كثيرا من الخارجين علي رؤسائهم أساؤوا جهاد الإسلام بل شوهوا الإسلام نفسه حتى أصبح كل من الطالب والمطلوب في الطريق الخطأ.
هذا الوضع من الجانبين أوضح شعب يسير فيه علي غير هدي هو الشعب العربي فمنهم أكثر الطالب والمطلوب الموصوفين أعلاه.
وهنا يكون سبب تهنئة حركة طالبان من جميع الغيورين علي سلوك الإسلام الصحيح وهو واجب ديني وهو أضعف الإيمان لأنه تهنئة علي الانتصار في الجهاد ولو علي النفس.
فمن نظر إلي وضع المسلمين الآن في ديارهم فيخيل إليه أن حركة طالبان وحماس الآن تمثلان المدينة المنورة في السنة الأولي من الهجرة أي لا يوجد فوق الأرض ممن يستحق وصف الإسلام الكامل الخالص إلا حركة طالبان وحماس، فالجهاد إذا ذكر الآن ينصرف تلقائيا إلي حركة حماس وطالبان فلم يهنوا ولم يحزنوا وكانوا بإذن الله هم الأعلون.
وما مثالهم مع المسلمين الحاليين إلا ما قال الله عن نتيجة معركة الشيطان مع الإنسان يقول تعالي : {{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه إلا فريقا من المؤمنين}} والآن هم حركة طالبان وحماس ولا أزكيهم علي الله.
أما الشعوب الأخرى ولاسيما العرب فقد غزت إسرائيل مصر حتى كادت تحتل القاهرة فلم يعلنوا حتى الجهاد عن النفس ويعرف الجميع ما وقع لمسؤوليهم وما هو شعارهم آنذاك.
والعراق أخذت أمريكا زعيمهم وقتلوه فوق أرضهم فلم يعلنوا الجهاد ولكن تآمروا مع المحتل، وليبيا قتلت أروبا زعيمهم فلم يعلنوا الجهاد وباقي الشعوب الأخرى في الخليج والشام والمغرب العربي لا فكر لهم عن الإصلاح بل فقط التعاون مع أعداء الإسلام علي من خرج عليهم لسوء حالهم دينيا أو تسيير لشعوبهم.
فنحن هنا في هذا المكان القصي ابتلانا الله بحب العرب نحبهم كما نحب آباءنا علي علاتهم ولكن حال العرب المسلمين الآن هو أسوأ خلف لأحسن سلف للعرب والمسلمين.
وإلي حلقة رجاؤنا لطالبان بالتوفيق لما يرضي الله بعد نجاحهم الجهادي في سبيله.

 

اثنين, 30/08/2021 - 10:43