خطاب الرئيس... ترسيم لدعائم البناء

سيدي محمد ابهادي / كاتب و ناشط سياسي

تعودنا على الخطابات الروتينية في المناسبات الوطنية لمختلف الرؤساء، و كانت تمر دون كثير اهتمام، و بما أن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس مختلف فكذلك خطاباته و خرجاته الاعلامية لا تمر دون إسالة حبر كثير؛ و هذه سمات القادة العظماء، الذين يحدثون الفارق كلما تحدثوا.

و بعيدا عن ردود الأفعال المتحاملة، و التي تقصّدت الإرباك و تعمدت رسم خارطة لخطاب الرئيس و ألقت شائعات عن فحواه و مضامينه، فقد جاء الخطاب عشية الاستقلال استثنائيا ....شاملا، و صادقا، و مبشرا.
-شاملا لكل المواضيع التي يجب الحديث حولها في المناسبات المماثلة، و صادقا مع المواطنين، بحديثه عن الصعوبات و المطبات التي تعيق تقدم بعض المشاريع، و صادقا بالحديث عن الفساد و المفسدين، و ضرورة محاربتهم.
-و مبشرا: بالاعتماد على الشباب و جعلهم في المكانة اللائقة بهم و توفير التعليم الجيد و التكوين المتخصص لهم، و إشراكهم في صنع القرار.
و إن تركيز رئيس الجمهورية  في ثنايا خطابه - مباشرة بعد التهنئة بعيد الاستقلال المجيد- على الشباب و دوره و مكانته التي يجب أن يتبوأ، و تعهد فخامته بالاعتماد عليه و إشراكه في صنع القرار؛ لحدث مهم و كبير و يجب الوقوف عنده، فهو لب الخطاب و رسالته الجلية،  و إن على الشباب أن يستعد لهذا الاستحقاق الهام، و يقف خلف رئيس الجمهورية الذي تبنى قضيته في أهم مناسبة و طنية.
-و مبشرا: بتبني فخامته لمحاربة الفساد الذي استوطن جميع الإدارات حتى انقلبت الموازين و أصبح الطامحون للإصلاح و المقتنعون به يوصمون بالحالمين تارة، و "بالنفشة" تارة أخرى، و لن تقوم قائمة للدولة ما لم تتبنى سياسة صارمة في محاربة الفساد و الرشوة و سوء التسيير. و توقف أيادي المفسدين عن نهب ثرواتنا و العبث بمستقبل أجيالنا، و قد تحدث فخامته عن عزمه على قطع دابر كل المفسدين من دون استثناء محذرا من استغلال هذه الإرادة في تصفية الحسابات و اتهام الناس بدون دليل...
-لقد كان خطابا استثنائيا بكل المقاييس جمع بين الفرح الذي يقتضيه المقام، و الشدة في مواجهة الفساد، و المرونة التي يحتاجها شركاء الهم الوطني للاجتماع و التشاور حول قضاياه الكبرى.
-لقد أعاد فخامته التأكيد على عزمه رعاية تشاور سياسي جامع لا يستثني أحدا، و لا يقصي موضوعا، و ذلك رغم الخطاب المتشنج و الدعوات التعسفية للمهرجانات التي بدأت الأحزاب المعارضة التوسل إليها، في محاولة للفت الانتباه و تقمص دور انحسر أو كاد، بفعل إجماع الكل على فخامة رئيس الجمهورية و التفاف أغلب السياسيين و الوطنيين حوله، و قناعتهم ببرنامجه و رؤيته الشاملة لضرورة إصلاح متدرج يركز على المشاريع الاستراتيجية، و يجعل من التأسيس الصلب والبناء المحكم منطلقا لكل المشاريع الفرعية.
و إن انطلاق أي أمة و صيروتها لا يمر دون تحقيق مطالب ثلاث، كانت مقروءة في صميم خطاب الرئيس بلٌه الأساس له:
-الاعتماد على الشباب 
-محاربة الفساد
-تقوية اللحمة الداخلية و إشراك الجميع في رسم خارطة البناء. 
و كم عانت موريتانيا من المشاريع المرتجلة و التخطيط الآحادي قصير المدى، و آن لها و لقادتها الاجماع على كلمة سواء، تغلب جانب التخطيط و التعقل، على جانب الارتجال و العاطفة. و هو النهج الحكيم الذي  يعتمد عليه رئيس الجمهورية،  و يتضح جليا في جميع خرجاته و خطاباته، لكن المنبتّين -كعادتهم- لا يبقون ظهرا و لا يقطعون أرضا، و هذا ما جعل جوقة المدونين المختطفين من جهات تكيد لهذا النهج القويم، و تستبق كل جهد و كل إنجاز بحملة إشاعات مغرضة، تستبق الأحداث و تعتمد التضليل الممنهج لإفراغ كل منجز من محتواه. 
لقد تفاجأ الجميع من مستوى الإنجاز و عمق التدخلات و ملامستها لواقع المواطنين، و مستوى الصدق و النزاهة في خطاب رئيس الجمهورية الذي كشف عن حجم المنجز و صعوبة الظرف، و عمق الأزمة التي وجد فيها البلد، و اختار المكاشفة بدل التضليل، و الصدق مع المواطن، بدل التزييف؛ الذي كان معتمدا في التعاطي مع المواطن، و هو ما أرهب المتربصين، و احتاروا في التعامل معه، فعمدوا إلى تحريك بيادق التضليل و الإرجاف 
و معاول الهدم و العدمية.
و لكن هيهات أن تفت أحابيلهم في عزيمة و إرادة رئيس الجمهورية و حكومته في بلوغ الأهداف المرسومة، و الوفاء بالتعهدات، و لا عزاء لمن يحاول التثبيط و التشويش.

"فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

 

اثنين, 29/11/2021 - 16:52