رمضان .. شهر الرضا و الرحمة

محمد فال بلال

لاحظت منذ سنوات أنه كلما اقترب شهر رمضان المبارك، كلما ارتفعت نسبة التسوُّل المقنّع والاستجداء والشحاذة في الشارع. "موضة" تنتشر كاللهيب في الناس على اختلاف مستوياتهم المعيشية. وتلتهم الفقير الظّاهر فقره، والقوي، وصاحب دراعة "أزبي"، والشاب صاحب السيارة، إلخ... هؤلاء كلهم سواسية في الأمر. 
طوال اليوم، تجد من يقول لك: ساعدنا! اعطنا! أغِثنا! فتسأله: "عساك بخير"؟ فيجيبك: "جايني رمضان"! "اندَور المعونة في رمضان"! وهكذا، يتحول الشهر الفضيل في فم هؤلاء من شهر فرح وسرور وسعادة ورحمة إلى شهر قلق وحَيرة وذعر… يخال إليك أن خطرا ما يحدق بهم. لا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا واقع مؤلم، وتكمن أسبابه - برأيي المتواضع - في:
- انشغال العلماء والأئمة ورجال الدين عن دورهم في تربية الناس وتزكية الأنفس،
- انتشار ثقافة السوق الحرة وأنماط استهلاكية جديدة، غايتها الترف وإشباع النفس من الكماليات بعيدا عن الحاجيات و الضروريات . 
- الحكم لرأس المال وللأغنياء على الفقراء و"الغلبة" للفاسدين .. وكما يقول ابن خلدون: "فإن المغلوب مولع بتقليد "الغالب". 
والخطير في هذا كونه انحراف مجتمعي عن جادة الطريق. إن من لطف الله سبحانه وتعالى وحكمته أن جعل الصوم وسيلة من وسائل الترشيد في الاستهلاك لأنّ المسلم يأكل في اليوم وجبة واحدة ولفترة محدودة. وانطلاقا من هذا، فإن المنطق البسيط يستدعي أن تكون تكلفة المعاش هي ثلث ما كانت عليه في الأيام العادية. لماذا الخروج عن هذه القاعده المنطقية والبديهية؟ 
لا شك أن شهر رمضان شهر مقدس، ولا شك أن صيامه حدث جلل يستوجب الاستعداد والتحضير والتشمير له؛ ولكن يكون ذلك بالابتهاج والعبادة والترشيد في النفقة، ولا يكون بتجاوز الطاقة والإضرار بالناس هرولة وراء الترف والبذخ والتباهي .. والتنافس مع ثلة من المترفين والمفسدين.
"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا".. لايُطالبك بما ليس عندك، ولا يُحملك ما فوق طاقتك..  دينُ الله يُسرٌ.
 

اثنين, 28/03/2022 - 16:49