القضاء الجزائري يفرج عن دفعة رابعة من معتقلي الحراك الشعبي. فهل تتجه البلاد نحو مصالحة حقيقية؟

أفرج القضاء الجزائري عن 51 ناشطا في الحراك الشعبي يومي الأربعاء والخميس الماضيين (30 و31 مارس/آذار 2022) وذلك بشكل مؤقت في انتظار محاكمات على تُهم وصل بعضها إلى تُهم إرهاب. تُعد هذه المرّة الرابعة التي يتم فيها الإفراج عن عدد من معتقلي الرأي منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في الجزائر يوم 22 فبراير/شباط 2019، وفيما يشيد البعض بهذه المبادرة يرى البعض الآخر أنها تبقى رمزية في ظل بقاء مئات المعتقلين في السجون.

نشرت اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الرأي عبر صفحتها على الفيسبوك أسماء 51 شخصا على علاقة بالحراك الشعبي تم الإفراج المؤقت عنهم مساء الأربعاء وصباح الخميس، من بينهم النشطاء زكي حناش وإبراهيم لعلامي وحسام الدين بلغيث والصحافي عبد الكريم زغيلش والمهندس الجزائري – الكندي لزهر زوايمية. تُهم متعددة وُجهت لمعتقلي الحراك غالبيتها تتعلق بمنشورات على الفيسبوك ومن أبرزها "نشر معلومات كاذبة" و"الإشادة بالإرهاب" كما هو الحال في حق الناشط زكي حناش المعروف بمتابعته لقضايا المعتقلين والذي أوقف في 18 فبراير/شباط الماضي.كذلك بالنسبة للناشط إبراهيم لعلامي الذي يعتبر من أوائل من تظاهروا في الحراك احتجاجا على ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وقد حُكم عليه بالسجن عامين بتهم نشر "خطاب الكراهية" و"إهانة هيئة نظامية" و"نشر أخبار كاذبة" و"التحريض على التجمهر غير المسلّح".

اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين تنشر أسماء معتقلي الحراك الذين تم الإفراج عنهم مؤقتا

الصحافية حدة حزام:

 
ليس من مصلحة الجزائر أن يكون هناك معتقلو رأي أو معتقلون سياسيون

أشار مراقبون جزائريون إلى كون السلطات الجزائرية لم تصدر أي بيان بشأن الإفراج عن مجموعة المعتقلين، بخلاف المرات السابقة، وقد توقّعت الصحافية ومؤسسة يومية الفجر الإخبارية، حدة حزام، أن الإفراجات جاءت في ظل اقتراب حلول شهر رمضان وأنها تندرج في قرارات العفو الرئاسي التي تصدر من حين لآخر، غيرَ مستبعدةٍ أن تكون هناك إفراجات أخرى مستقبلا، علما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الإفراج عن عدد من معتقلي الرأي منذ انطلاق احتجاجات الحراك في فبراير/شباط 2019.

 

وأكدت السيدة حدة حزام أنه "ليس من مصلحة الجزائر أن يكون هناك معتقلو رأي أو معتقلون سياسيون لأن السلطة دائما تقول إن حرية التعبير مكفولة" مشيرة إلى أن "بعض المعتقلين ما كانوا ليكونوا معتقلين لأن كتابة انتقادات في الفيسبوك ليست في الحقيقة جريمة ليُتابع عليها ناشطون" وهذا ما يُفسر في رأيها توقيت مبادرة الإفراج هذه.

الصحافية الجزائرية حدة حزام

 

المحامي عبد الغني بادي:

 
من الضروري تصحيح المسار بتقديم توضيحات من طرف السلطة حول الاعتقالات...وأن تمضي إلى مسار جديد يكون فيه أولا المصارحة وبعدها الاعتذار حتى يمكننا أن نمضي نحو مرحلة جديدة

من جهته لم يستبعد المحامي عبد الغني بادي، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي، استمرار الاعتقالات في الأيام المقبلة بعد هذه الإفراجات، مذكّرا المرات السابقة التي سُجلت فيها اعتقالات جديدة بعد كل إفراج عن معتقلين.

وأوضح المحامي بادي أن الإفراجات "ظاهرها قضائي" ولكن باطنها "قرارات سياسية وقرارات أمنية" وأنه "مسار سياسي مغلف قضائيا".  

وتابع بادي أن "المسار غير صحيح تماما من ناحية المضي نحو مصالحة حقيقية أو نحو تهدئة حقيقية أو تصحيح المسار الخاطئ الذي سلكته السلطة". وشدد المحامي الجزائري على ضرورة "تحرير الحرية" وقال إن "المشكلة هي أن الحريات في الجزائر هي التي اعتُقلت قبل أن يُعتقل الأشخاص".

وأضاف الأستاذ بادي أن عدد الذين أُفرج عنهم يُعتبر جزءا بسيطا من أصل أكثر من 300 معتقل رأي.

المحامي الجزائري عبد الغني بادي يتوقع استمرار الاعتقالات

ورأى عبد الغني بادي أن صمت السلطات الجزائرية وعدم إصدار أي بيان بشأن الإفراجات الأخيرة هي محاولة لإظهار أن العملية قضائية بحتة وغير خاضعة لأي ضغوط.

لكن تصحيح المسار في اعتقاده يجب أن يمرّ عبر "تقديم توضيحات من طرف السلطة حول الاعتقالات وتقديم توضيحات بشأن الإفراجات وبعدها القول بأن هؤلاء الذين اعتُقلوا كانت السلطة قد تجاوزت في حق حريتهم وأن تمضي إلى مسار جديد يكون فيه أولا المصارحة وبعدها الاعتذار حتى يمكننا أن نمضي نحو مرحلة جديدة".

المحامي الجزائري عبد الغني بادي عن عدم إصدار السلطات بيانا بشأن الإفراجات

سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان

سعيد صالحي أشاد بالإفراجات الأخيرة ولكنه يطالب بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي وبتبرئتهم
ما هو مصير المعتقلين الذين أُفرج عنهم؟

قال المحامي عبد الغني بادي إن حالات الإفراج السابقة في عامي 2020 و2021 كانت مؤقتة ولم تضع حدا للمتابعات القضائية وأن الاتهامات لم تُسقَط عن الملاحقين قضائيا وكانت قد صدرت بحقهم أحكام في "أغلبها كانت بالإدانة وفي قلتها كانت بالبراءة". وبالتالي يرى السيد بادي أن نفس السيناريو سيُطبق على الذين أُفرج عنهم في الدفعة الأخيرة كونهم "سيبقون متابعين بنفس التهم إلى غاية اتخاذ أحكام قضائية بشأنهم". 

المحامي عبد الغني بادي: الإفراجات السابقة لم تضع حدا للمتابعات القضائية

يُذكر أن السلطات الجزائرية كانت بادرت بالإفراج عن معتقلي الحراك في ثلاث مراحل سابقة، أولها كان يوم 2 يناير/ كانون الثاني 2020 حين تم الإفراج عن مجموعة ضمّت أكثر من 70 سجينا وهو أكبر عدد في سلسلة الإفراجات التي تمت حتى الآن. وكان الإفراج مؤقتا شمل المناضل السابق في ثورة التحرير الجزائرية، الراحل لخضر بورقعة.

تلتها إفراجات أخرى في ال4 من يوليو/تموز 2020 استفاد منها عدد قليل من المعتقلين يُذكر من بينهم شخصيات معروفة كالمعارض كريم طابو والناشط السياسي سمير بلعربي والناشطة أميرة بوراوي.

ثم كانت دفعة ثالثة من المعتقلين الذين أفرج عنهم يوم 18 فبراير/شباط 2021 وكان من ضمنها الصحافي خالد درارني، وكلها كانت إفراجات مؤقتة.

المصدر: مونت كارلو الدولية

سبت, 02/04/2022 - 15:34