برامج حوارية فى جو من الحرية والأريحية!..

محمد ولد عابدين

نظمت إذاعة فرنسا الدولية مؤخرا فى نواكشوط سلسلة حلقات نقاشية وندوات إذاعية هي الأولى من حيث الحجم والتنوع فى تاريخ تعاطى هذه المؤسسة العريقة مع بلادنا ، حيث أوفدت إلى نواكشوط أكبر بعثة فى تاريخ معالجاتها لملفات البلد وابتعثت لهذا الغرض أشهر صحفييها ، وأنجزت وأنتجت أهم برامجها ، وقد شارك فى إثراء مواضيع هذه البرامج المتنوعة قادة الفكر والخبراء وحملة الرأي السياسي من مختلف فرقاء المشهد الوطني ونشطاء المجتمع المدني ، وحضرها جمهور نخبوي أضفى على النقاش حرارة وحيوية ، وكانت المواضيع المثارة فى هذه البرامج والندوات الإذاعية متنوعة ؛ من حيث مضامينها ومحتوياتها واهتماماتها  ، فقد شملت السياسة والتنمية والتعليم والتربية وحقوق المرأة والقضايا الاجتماعية والشؤون الاستراتيجية والأمنية.

وشكلت هذه الحوارات سابقة من نوعها فى البلد وفى شبه المنطقة بشهادة الطواقم الصحفية المنتجة لها ، نظرا لحرص السلطات العمومية على تقديم التسهيلات الضرورية وخلق وتوفير بيئة مستقطبة لحرية التعبير وممارسة العمل الصحفي بحرية وأريحية ، طبقا للأدبيات المهنية والضوابط الدستورية التى تكفل ترسيخ التنوع وتكريس قيم التعددية والثقافة الديمقراطية الراقية ، وهو مكسب محوري ينضاف إلى المكاسب المتحققة للبلد فى سياق التمكين لحرية الصحافة.

وتعد القوالب الإذاعية التى احتضنت هذه الحلقات النقاشية من أشهر البرامج الحوارية لإذاعة فرنسا الدولية ، وأكثرها شعبية ومتابعة ضمن مسطرتها البرامجية ، مثل البرنامج المعروف  :  " Appel sur l'Actualité " ..والبرنامج الشهير :         "7milliards de voisins" ..وقد عكست كوكبة الخبراء والنشطاء وقادة الرأي والفرقاء المساهمة فى هذه الحوارات مختلف مشارب وحساسيات المشهد الوطني ؛  نظرا لتنوعها السياسي والإديولوجي وتعددها الثقافي والإثني ، مما أضفى المهنية والتوازن والموضوعية على قراءات ومقاربات المشاركين وتقييمهم وتناولهم للمواضيع المطروحة للنقاش والتحليل.

وشملت المواضيع المثارة فى هذه البرامج ملفات حيوية وقضايا محورية على الصعيدين الوطني والإقليمي ؛ من أهمها قراءة فى حصيلة زهاء ثلاثة أعوام من حكم رئيس الجمهوريةالسيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، وتجربته فى بلورة المقاربة الأمنية الموريتانية فى منطقة الساحل وفضاء الصحراء ، وما أثمرته من نجاعة ميدانية ومكاسب وطنية أسهمت فى دحر شوكة الإرهاب واستئصال شأفة الغلو ؛ من خلال استراتيجية الردع الأمني الحازم والتصدى العسكري الحاسم  ، فضلا عن الخطاب الفكري القائم على الحجاج العقلي والحوار العلمي. 

وأشاد المشاركون موالاة ومعارضة بما ميز حكم الرئيس من تكريس لقيم الانفتاح والتهدئة ، وتناولت كذلك هذه الندوات والبرامج الإذاعية موضوع المدرسة فى موريتانيا ، باعتبار التعليم أولوية من أولويات الرئيس ، وأسهم فى إثراء هذا الموضوع ثلة من خبراء التربية والتعليم والفاعلين فى حقل التهذيب ، وتم طرح موضوع آخر فى غاية الأهمية والحيوية لارتباطه بالأبعاد الحقوقية والسوسيولوجية ، يتعلق الأمر بحقوق المرأة فى المجتمع الموريتاني ، وشاركت فى إثراءه ونقاشه سيدات فاعلات فى المشهد السياسي ،  وناشطات فى الشأن الحقوقي وقضايا المجتمع المدني...إلخ

وختم وفد إذاعة فرنسا الدولية مهمته الإنتاجية فى موريتانيا بزيارة السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية ، حيث اطلعوا على أهم  الإصلاحات المؤسسية التى يشهدها الحقل وآفاق انعكاساتها النوعية على مستقبل المشهد الإعلامي الوطني ، وخلال هذا اللقاء أكد رئيس البعثة السيد داميان هوليس : " أنه يزور موريتانيا على رأس بعثة هي الأكبر من نوعها فى تاريخ إذاعة فرنسا الدولية لإنتاج وبث العديد من البرامج النوعية " ..معبرا عن نجاح مهمتهم من خلال  : " إقامة نقاشات حية وبناءة سمحت بإظهار آراء مختلف الطيف السياسي والاجتماعي فى تنوعه ".. شاكرا السلطات العمومية على تيسيرها لظروف عمل الفريق وتمكينه : "من أداء عمله بكل حرية واستقلالية "...
إن الحضور إلى بلادنا بهذا الزخم من قبل إحدى أعرق مؤسسات الإعلام الدولي ، وتنظيم هذا الكم من البرامج الحوارية والحلقات النقاشية حول مواضيع وملفات وطنية وإقليمية شائكة ومركبة فى جو من الحرية والأريحية ، لهو دليل ساطع على الأهمية السياسية والمكانة الجيو- ستراتيجية لبلادنا ؛ إقليميا وقاريا ودوليا ، فضلا عن كونها شهادة دامغة على مستوى الانفتاح الإعلامي والنضج السياسي والسعي الحكومي إلى تكريس مبادئ الحرية والتعددية ، وترسيخ قيم الثقافة الديمقراطية بين جميع مكونات الطيف السياسي وحساسيات المشهد  الوطني ؛ على اختلاف مشاربها وتنوع تياراتها وتعدد نزعاتها...

ثلاثاء, 24/05/2022 - 18:02