زوم الصحراء.. ثلاث سنوات من حكم الرئيس غزواني.. أي حصيلة..أي أفق؟!

يختلف السياسيون واتجاهات الرأي العام وهم كذلك دائما في الموقف من السنوات الثلاث التي انقضت من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ غزواني ، بين مؤيد متحمس للحصيلة ومدافع عنها ومعارض منتقد، ومراقب متحفظ لكن الأغلبية متفقة على أن حكم الغزواني امتاز بميزات عن سابقيه، وأن وضع البلد اليوم مختلف في عدة مستويات عن ما كان عليه الحال من قبل ، وبالطبع في المستقبل استحقاقات وتطورات هناك الكثير مما يجعل احتمال اختلافها عن الحاضر أحرى السابق أكبر. 

 

في زوم هذا الأسبوع نحاول التوقف مع أهم ميزات الحكامة الحالية، واستشراف وجهاتها وتوجهاتها. 

 

الأولوية للتهدئة
كان واضحا في خطابات الترشح والحملة والتنصيب أن الوصول لأجواء من التهدئة مع عموم الطيف السياسي ومع المعارضين منه بصفة خاصة؛ يمثل الأولوية "رقم واحد" بالنسبة للرئيس الجديد الذي عاش في عمق منظومة الحكم طيلة عقدين طبعهما التوتر الشديد بين أطراف المشهد السياسي، وهكذا باشر منذ تنصيبه اتصالات وسياسات سعت لتحقيق هذا الهدف وهو ما تحقق بنسبة معتبرة مع أغلب الطيف المعارض، وإن اختلف البعض في تقويم الثمن والمثمون هنا وهناك؛ ومن هو الرابح والخاسر في نهاية المطاف، وإلى أي مدى يمكن للنظام ضمان الاستمرار في تثبيت التهدئة في ظل تحديات داخلية وخارجية متفاقمة (لنا عودة لذلك في اللقطات الأخيرة من هذا الزوم). 

 

سؤال المرجعية الذي تشعب 
ربما لم يكن متوقعا أن تؤتى مقاربة التهدئة من عمق النظام الذي كان أبرز الداعمين للرئيس الجديد بل من رأسه، ولكنها رياح السياسة وقوانين الحكم تجري غالبا وفق سنن حاكمة، وهكذا كانت قضية "المرجعية" وما تلاها من تطورات في ملف العشرية بلغ ذروته بفتح التحقيق البرلماني وتحول الرئيس السابق ولد عبد العزيز من شريك مرتقب في الحكم إلى المعارض الأول للنظام الجديد إلى القضية المهيمنة على الفعل السياسي والشاغلة لأبرز الفاعلين وخصوصا في معسكر الرئيس غزواني. 

 

يختلف الفاعلون والمتابعون في المشهد لحصيلة الأداء في هذا الملف حيث: 

- يعتبر الداعمون للسلطة الأمر من أهم المكتسبات ودليلا ماثلا على حيوية المؤسسات، وعلى جدية الرئيس في فصل السلطات والحرب على الفساد. 

- بينما يصنف معارضون نهايات الملف عنوان خيبة الأمل الأبرز في اختلاف المرحلة عن سابقتها ودليلا مؤسفا على عدم جدية السلطة في تنفيذ تعهداتها والالتزام بشعاراتها. 

-أما أنصار الرئيس السابق فيرون الأمر تصفية حساب مكشوفة، وارتهانا من الرئيس الجديد لدوائر في المعارضة التقليدية. 

 

طريق الإنصاف 
الاهتمام بالمهمشين والعمل على ترقيتهم كان من العناوين البارزة خلال المرحلة، عنه تحدث الرئيس والحكومة في أكثر من خطاب ومناسبة، وعلى المنجز فيه علق الفاعلون السياسيون والجمعويون بين: 

- من يعتبر الأمر تحولا عميقا ووعيا بجوهر إشكالات البلد. 

- ومن يراه مجرد استمرار- وان اختلفت النبرة لخطاب رئاسة الفقراء الذي كان جوهر خطاب الرئيس السابق.

وفي كل الأحول فقد فرضت قضية الإنصاف (لاحقا اختار الحزب الكلمة اسما له في مؤتمر استثنائي) نفسها في التداول السياسي معززة مركزية القضية الاجتماعية بعناوينها السياسية والحقوقية في صلب التدافع الوطني. 

 

أي أفق؟!

ثلاث مضت واثنتان في الانتظار وفي الأفق استحقاقات ومؤثرات داخلية وإقليمية ودولية في وضع التحفز لتترك بصماتها على ما تبقى من  المأمورية الأولى للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني: 

 

- الإقليم اللاهب
أول الاستحقاقات وأقواها تأثيرا على الراجح هي وضعية الإقليم اللاهب بمركب صعب من تغلغل جماعات العنف وعودة الانقلابات، وصراع النفوذ المفتوح بين باريس وموسكو. 

- مواسم الانتخابات
وثانيها مواسم الانتخابات المتتالية التي بدأ التحضير الفعلي لها من خلال تشاور وزارة الداخلية الذي يجري تحت سيف مواعيد قانونية ضاغطة؛ وفي ظرف سياسي لم يتخلص بعد من مضاعفات تعليق التشاور الشامل. 

 

مفاعيل الحالة الاجتماعية
وهو ملف يفرض نفسه على جدول الأعمال؛ وتتضاعف مؤشرات إلحاحه ودواعي القلق بشأنه؛ سواء بفعل كوامنه الداخلية المزمنة (تعززت في الأسابيع الأخيرة بتجدد التدافع في القضية اللغوية والثقافية على خلفية إقرار القانون التوجيهي للتعليم)، أوبفعل العوامل الخارجية والداخلية المسببة في غلاء المعيشة وصعوبات الحياة اليومية. 

 

وهكذا نكون أمام أفق مفتوح؛ ستسعى السلطة فيه بكل تأكيد لتعزيز مسار التهدئة، وإكمال تصفية ملف العشرية، وتنزيل "رؤية الانصاف" لكن قوة التجاذبات في صفوف الداعمين، وصعود نبرة التذمر لدى بعض المعارضين، وأجواء الانتخابات وما تفرض من ديناميكيات وتنافس؛ وتفاعلات القضية المجتمعية، وتأثيرات أزمات الإقليم والعالم؛ تجعل توقع أن لا تكون تحديات العامين المتبقيين من المأمورية الأولى أقل من تحديات الأعوام التي خلت توقعا لايعدم بعض الوجاهة.

خميس, 04/08/2022 - 09:37