إحباط المنطق :

محمد أفو

ينتابني قلق كبير حيال مستقبل أطفالي، حين أفكر في جدوى ومنطق التربية الأخلاقية التي نتوارثها كقيم ومحددات عامة.

 

المنطق في الأصل هيئة وليس عرضا ينتاب التاريخ.

وعندما يتعرض المنطق للتصدع يفسد المعيار وبفساد المعيار يكون حديثنا عن الأخلاق حديثا سطحيا فاقد الجذوة و لا علاقة له بالواقع.

 

وفي ظروف كهذه يصبح النزيه لصا بإرادة الواقع لا بإرادته هو.

حدثني أحد الأصدقاء بأنه تعثر في سداد دين نتيجة عدم التزام أطراف أخرى بالتزامتها المالية حياله.

إنه الآن مجرد محتال آخر في نظر من أقرضه.

إلى هنا لن يبلغ الوضع غاية السوء، وإنما يتقدم خطوة نحو سحق مابقي من مبادئ وقيم.

 يبلغ الوضع قمة السوء حين يبدأ صديقي في التكيف مع هذه البنية التي لا يريد أن يكون جزء منها.

 

تماما كما حدث مع كل النخب حين تمرست على الحضور ساعة بعد مواعيد الفعاليات.

إنهم على يقين بأن المنظم يعرف جيدا أن الساعة الخامسة تعني السادسة، والمؤسف حقا أن المنظم أصبح يعتقد ذلك لأنه على يقين أن المدعو يعرف جيدا أن الخامسة تعني السادسة.

التواطؤ هو المرحلة الختامية من خط انتاج القيم لأنه يمثل مرحلة الاستهلاك والقابلية للتمنهج.

 

وفي تلك المرحلة تكون البنية الجديدة قيد الهندسة والتصميم لتفضي مخرجاتها إلى ترسيخها ولتكون قائمة تحت حماية المجتمع ورعايته.

 

ولازلنا لم نصل بعد إلى أخطر مراحل هذا التسلسل.

لأن أخطر مراحله تتجسد في تبعاته المتعلقة بالبنية الثقافية الناتجة عنه وبالتموضع النفسي على أنقاض الذائقة الأخلاقية المدمرة ( العزل الحسي للضمير).

 

إن أي دولة لا تعتني بالبناء القيمي كأساس لعملية البناء، ستكون مجرد محتطب للصوص ومنظر لإعاشتهم وساحة افتراس يعمر فيها المفترس والمفتري وتضيق الدوائر النزيه الراتب. 

 

عندما يحتضر المنطق يتفاقم الحديث عن القيم وتبدأ الأخيرة في الأفول رويدا رويدا.

جمعة, 30/09/2022 - 10:13