كشف المستور بعد 20 عاما.. روائي عربي مغمور يقلد سلمان رشدي

قبل نحو عقدين افتعل كاتب بريطاني-عربي مغمور مسرحية تعرضه لهجوم مدبر وذلك لإثارة غضب المسلمين فيبريطانيا والترويج لروايته التي لم يسمع بها أحد وكل ذلك من وحي ما حصل للكاتب البريطاني سلمان رشدي بسبب روايته "آيات شيطانية" الصادرة عام 1989.

وقد حاول طوني حنانيا -وهو بريطاني من أصول لبنانية وفلسطينية- أن يستخدم صحفيا ومترجما ألمانيا يعيش في بريطانيا لافتعال الغضب في صفوف المسلمين والاستفادة منه من أجل الشهرة والترويج لروايته الصادرة آنذاك تحت عنوان "مدينة وهمية" (Unreal city).

لكن الصحفي والمترجم موريس فرانك قرر أن يحكي أخيرا عن واحدة من أغرب حوادث حياته عندما فتح بعض الصناديق القديمة التي تحتوي على قصاصات من الصحف تتناول هذه الواقعة.

وقال فرانك للجزيرة نت إن حنانيا نسق لإثارة غضب المسلمين في بريطانيا ودفعهم إلى حرق روايته أمام عدسات وسائل الإعلام للترويج لنفسه وللرواية، لكن مخططه فشل ولم يصبح "سلمان رشدي جديدا".

ويحتفظ فرانك بقصاصة من صحيفة "The Evening Standard" البريطانية تحكي واقعة تعرض المؤلف لهجوم بالحمض بسبب كتابه، وتضمنت الصفحة صورة لحنانيا، وصورة أخرى مكبرة لأصبعه المحروق بالحمض مرفقا بتصريحات يروي فيها تفاصيل ما وقع بعد قرابة عشر سنوات من فتوى الخميني بإباحة دم سلمان رشدي.

مؤامرة فاشلة
كان الصحفي الألماني يرغب بمحاورة حنانيا لصالح مجلة طلابية بخصوص روايته التي أثارت اهتمامه عن الحياة خلالالحرب الأهلية اللبنانية في ثمانينيات القرن العشرين، خاصة أنها بعيون نصف إنجليزية.

ويبحث بطل الرواية الذي يشبه مؤلفها لحد كبير عن حبيبة قديمة هي فتاة فلسطينية جميلة، فيقضي بعض الوقت بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويتورط في معسكرات حزب الله في جنوب لبنان، ويصبح أحد أعضاء تنظيمه، وعندما يعود إلى لندن يتورط في مؤامرة لمحاولة اغتيال سلمان رشدي، لكن في اللحظة الأخيرة يتخلى عن الفكرة ليكتب رواية تشبه سيرته الخاصة.

كان حنانيا مشاركا في مهرجان لندن الأدبي "The Word" عندما قال أحد منظمي المهرجان للصحفي -الذي يروي القصة- إنه تم استنفار الأمن على خلفية أخبار تفيد بأن فتوى صدرت ضد حنانيا. 

ومن باب الفضول تواصل الصحفي هاتفيا مع حنانيا وسأله عن الفتوى فأجاب أن كتابه "سبب جنونا في الإعلام العربي".

غضب المسلمين
تضمنت الرواية مقاطع تهين زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأخرى تتناول موضوع المخدرات والسلوك المنحرف بين رجال الدين في جنوب لبنان. 

وقال حنانيا للصحفي حينها ان "الغضب يتصاعد في المجتمع الإسلامي ضد الرواية، خاصة في برادفورد (وسط بريطانيا) حيث تم حرق رواية سلمان رشدي علنا في عام 1989".

كان التحول المثير في قصة الصحفي الألماني هو ما حدث عندما أعطاه حنانيا أرقام هواتف مسلمين بارزين في برادفورد، مقترحا عليه أن يتصل بهم ويسجل ردود فعلهم الغاضبة ضد الكتاب، وحينها تفاجأ الصحفي أن أحدا لم يسمع بالرواية ولا بمؤلفها المغمور.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي صباح اليوم التالي اقترح حنانيا على الصحفي أن يذهب لبرادفورد برفقة شخصين آخرين ويقوموا باستفزاز المسلمين لإثارة رد فعل عنيف، إذ طلب منهم توزيع نسخ من الرواية على المصلين أثناء خروجهم من الصلاة وتصوير المشهد بالكاميرا. 

وأضاف حنانيا -الذي تعهد بتحمل تذكر السفر عبر القطار- أن كمال حرب وهو اسم صحفي مصري لديه مصادر تفيد بأن كتابه سيذكر في صلاة الجمعة في مساجد برادفورد.

وبعده بيوم أرسل حرب رسالة بالفاكس إلى الصحفي (من رقم حنانيا) طالبا منه الذهاب إلى برادفورد وتوزيع منشورات توضح الأجزاء المثيرة للجدل في الرواية.

وذهب الصحفي بالفعل إلى برادفورد، لكنه لم يرد المشاركة في خطة حنانيا، وبدلا من ذلك استعان بصديق باكستاني تحدث مع بعض رموز المجتمع المسلم في برادفورد، ليكتشف أن أحدا لم يسمع بالكتاب ولا طوني حنانيا نفسه، وليس هناك غضب ولا ذكر للرواية بين المسلمين في بريطانيا.

بالطبع لم يصور الصحفي شيئا ولم يكتب خبرا كما أراد حنانيا، وعندما حاول البحث عن الصحفي المصري المزعوم كمال حرب لم يجد أحدا يعرفه من الصحفيين العرب في بريطانيا.

شهرة وترويج
كانت قصة حنانيا مزيفة وتفتقر إلى الاتساق، وتظهر دلالة على كاتب مهووس يرغب في التلاعب بالمشاعر الدينية لأسباب الترويج والشهرة حسبما يقول الصحفي فرانك للجزيرة.

وبعد مرور عشرين عاما -يضيف الصحفي- "ما أزال مترددا بشأن رواية حنانيا، فقد أراد أن يكرر تجربة سلمان رشدي الذي بلغت مبيعات كتابه آيات شيطانية 750 ألف نسخة في غضون ثلاثة أشهر بعد فتوى الخميني بإباحة دمه".

وأضاف الصحفي أن حنانيا حاول إعادة السيناريو نفسه من أجل الشهرة الأدبية، لكنه لم يفكر في التبعات والأهوال التي قد تنتج عن مثل هذه الخدع، إذ إن الاحتجاجات في بعد البلدان الإسلامية على كتاب "آيات شيطانية" تسببت في سقوط قتلى وجرحى.

المصدر : الجزيرة

خميس, 06/12/2018 - 17:13