جهل بالدين وانسحاب من الجامع.. وترشح الغزواني

سيد محمد ولد أخليل

قبل الدخول في الموضوع سأمر على مسألة ترشح السيد ولد الغزواني للرئاسيات فأقول بعجالة: أعتقد أن صلاح هذا البلد في أن يحكمه عسكري، فالعسكري لديه على الأقل قواعد ضابطة لسلوكه وأخلاقه، فهو ليس كالمدني الذي يمكن لأي عسكري من الخارج أو الداخل تقييده.
وأصول تلك القواعد عسكرية نبيلة كما نعلم، فهي تضفي على العسكري من العزة ما ليس في المدني، والأخير مجرد بوق سياسي مستعد لفعل أي شيء من أجل تحقيق منافعه.
لذا أعتقد شخصيا أن اليوم الذي سيقف فيه الخطر على الأبواب – لا قدر الله - هو اليوم الذي يحكمنا فيه مدني.
إن العسكري قد وضعه الحال في الواجهة لأنه من أهل الشوكة، وهؤلاء هم الذين يحكمون في كل الدول حتى الغربي منها، أما المدنيون فيتبعون كل منهج دخيل، علمهم الشيطان الغربي من الحقوق والفجور ما لا يخفى ذوي الألباب في هذا الزمن.
إنهم أخطر السياسيين على البلد، والعسكري أخف الضررين لأنه يعلم أن الغرب المراوغ ماكر وقاتل، ولا يؤمن به ولا بمبادئه التي حولت المدنيين إلى نصارى دخن.

أما الغزواني فهو في رأيي أفضل خيار في الوقت الحالي لأنه الرجل الثاني في الدولة، إضافة إلى كونه عسكريا منضبطا له قواعد شريفة تحكمه، وله شوكة ودراية بالدبلوماسية الغربية الماكرة التي تلعب على جميع الأوتار، وتكيل للدول الضعيفة كل أنواع المكاييل من أجل نهبها وإفساد دينها.
من الصفات الإيجابية التي يتمتع بها هذا المترشح كونه عسكريا، وتجربته في ميدان العمل منذ 2005.
أما المدني فإذا حكم فسيطبق كل مبادئ الغرب التي يراها السبب في جلوسه على الكرسي، فالمنة للغرب عنده لا لله، وذلك ما يريده الغرب وبالتالي سيضع كل دخيل بيوضه في ظل الحكم المدني لتفسد الدولة تمام الفساد. ومن الصفات ما ذكره الرجل بنفسه في خطابه من أنه من أهل العهد، وتلك لعمري من الأخلاق الراقية التي لم يعد يهتم بها إلا القليلون في هذا الزمن، وتأمل في أخلاق أهل السياسة من الموالاة والمعارضة وعهودهم ومواثيقهم، إضافة إلى أن الرجل يتمتع بسمعة جيدة في مجال المعاملة، ويميل إلى الظل أكثر منه إلى الكشافات الضوئية التافهة، وتلك حسنة في زمن العري والتكشف وحب الظهور.

أما النقاط التي قد تكون من نقاط ضعفه حسب ما يظهر، ولا أقول إلا ما استنتجه دون الجزم بصحته، فلا أتحدث بصيغة المحلل العالِم بالأحوال الذي يتنبأ بمستقبل التفاهات السياسية دون شك أو ريب.
فمن نقاط ضعفه المستنتجة "اللين الزائد"، وتلك حسنة من الحسنات العظيمة إلا أنها في مراكز القيادة والسلطة تعد ضعفا، فالقائد يجب أن يكون قويا حتى يهابه من لا يستحي منه على الأقل، وكما يقول المغاربة: "يخاف منك ولا يستحي منك". والذين يتجاوزون الحدود في أجواء العتمة الديمقراطية التي حلت بالبلد كثر في تزايد، فلا يجب إعطاء الفرصة لهم بإظهار أي نوع من اللين لأن ذلك قد يعود بالخراب على الجميع، وهذا أحد أهم الأسباب التي جعلتني أقول إن حكم المدني للبلد لعنة كبرى لأنه سيساعد على ترسخ تلك اللعنات، فإذا كان العسكري مثله فعلى البلد السلام.
إن الذي يحتاج إليه البلد هو جل عسكري قوي يعرف كيف يمسك الحبل من وسطه بأقل خسارة مع ديدان الديمقراطية والقرصان الذي يرعاهم وينهب العالم (الغرب)، أما التدهور فمستمر وبوتيرة متسارعة لأن تحول المسلمين في هذا الزمن يشبه تحول أوروبا عن مبادئها بعد قيام الثورة الديمقراطية الفرنسية، والنتيجة ستكون واحدة إن لم يتداركنا الله تعالى برحمته، فالمبادئ واحدة والدعاة متفقون على كلمة واحدة.
فالغرب رغم أذيته للمسلمين، مبادئه الشيطانية هي الرائجة فيهم! وهذا لعمري غريب عجيب، فقد أهملوا دينهم من أجله، ومن أعرض عن الله تعالى أعرض الله تعالى عنه ووكله إلى نفسه، وهذا مشاهد، تركنا اسم "المرابطون" الإسلامي المبارك الجميل، واعتمدنا اسما لو ذكرته لموريتاني واحد قبل عام 1950 م لقال لك "لا أعرفه"، وهو "موريتانيا"!
تركنا تطبيق حدود الشرع المذكورة في القرآن والسنة، وتساهل العلماء والساسة معها حتى أخرجوها من أوامر الشارع، وأصبحنا اليوم نعجز تماما عن العودة إلى ذلك، بل يستحيل على الدول الإسلامية اليوم العودة إلى تطبيقها في ظل هذه الديمقراطيات وغربها المتربص بهم.
والحديث في هذا يطول ويطول، وقليل من يعتبر... لذا دعونا نقفز نحو الموضوع..
 

ورد في خبر جديد: "بعض المصلين في الجامع الكبير يقطعون صلاتهم اعتراضا على ثناء الإمام ولد لمرابط على ترشيح ولد الغزواني للرئاسيات ويعتبرون ذلك استغلالا زائدا للدين في السياسة لا يمكن السكوت عنه!".
والأغرب من ذلك أن أكثر الديمقراطيين يوافقون أولئك في ذلك الذنب!

إن قطع الصلاة ولو كان فردا يصلي وحده ذنب كبير إلا بحجة ظاهرة، أما الخروج يوم الجمعة من المسجد بسبب ديمقراطي فلا يقال فيه إلا "أنجى الله البلد من هذه الخزعبلات الغربية التي آمن بها الناس وكفروا بأئمة الدين في دولهم"!
أما الواقع والدين فيقولان إن الإسلام ليس منفصلا عن السياسة كما يعتقد البعض، بل لا يقيم المجتمع المسلم إلا السياسة المدعومة بالإسلام، فالإسلام هو الذي ينير السياسة، وما أهلك المسلمين إلا اتباع اليهود والنصارى.
لم يرتكب الإمام خطأ بثنائه على ولد الغزواني لأن الأخير مرشح من قبل الدولة، والإمام تابع للدولة مهما كانت، لا يوجد إمام عاقل يوافق الغرب في دعايته التي يخدع بها المسلمين حول ما يسميه "دكتاتورية العسكر"، والتي لا هدف لها إلا تخريب دولهم كما فعل بليبيا وسوريا، والغرب هو أول الدكتاتوريين الفارضين لدينهم وديمقراطيتهم على العالم، وهو أول العسكريين المجانين وأقذر ما عرفه التاريخ منهم (احسب فقط عدد الذين قضوا في الحربين العالميتين، وعدد الذين قتلتهم الديمقراطية الأمريكية في العراق وحده).
فهم أول العسكريين وأول اللاحقوقيين وأول الناهبين، بدليل ما يفعلونه بالعالم الإسلامي. ألا ترون حربهم المعلنة على دولكم؟ أم أن الله أعمى عنها فلم يعد المسلمون يرون إلا ديمقراطيتهم الفاجرة الكاذبة التي تخرب المجتمعات وترفع من شأن الحثالات (انظر حولك ألا ترى تلك الحثالات السياسية التي بلا أصل ولا فصل ولا دين ولا أخلاق تتسلق بالنفاق والديمقراطية ليتم وضعها في المراكز الحساسة كسدة الوزارات والإدارات! فتعسا لإدارة وضع النفاق على رأسها حثالة سياسية تؤمن بأن تعيينها مكافأة على نفاقها، وهذا ما أرجو أن يعمل ولد الغزواني على الحد منه – ولن يستطيع: فليتركوا الإدارات لمن يعمل فيها، وليلغوا التعينات الوزارية الأسبوعية لأنها دليل تجذر النفاق والمحسوبية والفساد).

أيها الديمقراطيون، أقصد بهذا الخطاب تلك الشريحة التي تتباهى بالثقافة، شريحة المتكلمون الجدد أهل الفكر الغربي المبني حول الفلسفة الديمقراطية والحقوق والحكامة والتناوب والوعي سياسي المغمى عليه إلخ. يظل الواحد من هؤلاء يتحدث في كل شيء إلا عن ربه – والعياذ بالله - وإذا تحدث عنه كان إخوانيا أعصما يؤمن بالديمقراطية أكثر من الديمقراطيين!
المقصود شريحة الدكاترة الذين علمهم آباؤهم في الجامعات الغربية أو التغريبية التابعة لها في بلدانهم، والذين يتحدثون بإعجاب عن النظام الغربي وقانونه وديمقراطيته وأخلاقه القذرة.. فأقول لهم: انتبهوا، لقد تعلمتم كل ما يتعلق بذلك الغرب المؤذي وجهلتم ما يتعلق بدينكم. فإلى متى أنتم في سكرتكم تعمهون؟ يا من اشتعلت رؤوسهم شيبا في هذا الفكر انتبهوا قبل أن تشتعلوا معها.
إن الغرب ليس مثالا يُحتذى به، والله تعالى وحده العالم بحقيقة التناوب الحاصل فيه، فالجيش هو الحاكم الفعلي في كل دول العالم أما غيره فتابع له، مجرد دمية بربطة عنق، وتأمل في الدمية التي كانت تحكم أكبر دولة غربية هل كانت تجرؤ على مخالفة أوامر الماسونية التي منها تدمير العراق وسوريا؟
تأمل في عدد الذين قتلتهم تلك الدمى المدنية الديمقراطية التي حكمت الدول الغربية، كم قتلوا في العراق وسوريا وليبيا وغيرها؟
لقد كانوا مجرد واجهة لجيش من العسكريين المؤذين الذي يأتمرون بأوامر الماسونية في تلك الدول، فوافقوا على قتل الأبرياء لأنهم فاسدون، لا يوجد سياسي صالح (كل السياسيين فاسدين، يعرف ذلك العوام في كل مكان، واسأل أي عامي عن السياسيين وسيقول لك إنهم الفساد بعينه).

إن الإله عند الغربيين هو المال والمنفعة (الشيطان)، وهم مستعدون لفعل أي شيء في سبيل ذلك، ومثلهم في ذلك السياسيين والحقوقيين الذين يسيرون على خطاهم الشيطانية عندنا.
حتى مسلسلاتهم يسخرون فيها من مبادئ الديمقراطية ك"الحربة والعدالة والمساواة والشرف" وغيرها من الكلمات التي اتخذها المسلمون دينا وتركوا دينهم مع ملاحظة أنها ليست كلمات شرعية. ففي أحد تلك المسلسلات تقول الإمبراطورة المتسلطة على الكواكب بالقوة لأعدائها الذين يتبعون مبادئ الديمقراطية: "لم يفسد الكون – وحاشا أن يتجاوزوا المريخ بل لن يصلون إليه - إلا ديمقراطيتكم المبنية على مبادئكم السخيفة مثل الحرية - المساواة - الدعارة، إلخ، أيها البهائم ألا تعلمون أن الناس لن يتساووا أبدا؟ ألا تدركون أن الطمع والأنانية والظلم صفات اختلطت بالنفوس تمنع من الاتفاق (الناس لم يتفقوا على إله واحد بل على التوحيد فكيف يتفقون على سخافات ديمقراطية بشرية مستجلبة من عصور الظلام الأوروبية؟!). لهذا أحكمهم أنا بالقوة، واهب الموت لكل من يعارضني ويطمع في الجلوس على عرشي (المعارضة طمع في العرش أو بعض منافعه، لا أكثر ولا أقل).

ذكرتني تلك العبارات بزمن الدكتاتورية - كما يسمونها – المبارك الذي كنا نرتع فيه في أمان، وقارن فقط بينه وبين زمن هذه الديمقراطية الفاجرة التي تساوى فيها الجميع، وأصبح كل من هب ودب رئيسا أو حقوقيا أو داعية إصلاح ديمقراطي.
حتى الجامع الكبير لم يسلم من المسائل الديمقراطية الشاذة! وأقصد المصلين لا الإمام، فالإمام الذي لا يتحدث في السياسة كالدعوة إلى طاعة الحاكم حرصا على الأمن في هذا الزمن الديمقراطي الأغبر، ما الذي سيتحدث عنه؟ أليس الأمن أولوية في الشريعة؟ لهذا حث الله سبحانه وتعالى على طاعة الحاكم مهما كان ما دام مسلما حفظا للمسلمين مما أوقعت فيه الديمقراطية ليبيا وسوريا واليمن وغيرها!
لكن العتب ليس على المصلين ولا على الدكاترة الذين علمهم آباؤهم منذ الطفولة مبادئ الشيطان الغربي، العتب على حكام المسلمين الضعفاء المساكين (الذين يستحقون الشفقة بالمناسبة أكثر من اللعنة إلا الذين خانوا الله ورسوله وحققوا مآرب الغرب المستعمر في دول المسلمين)، إلا إذا كانوا معذورين بالخوف على دولهم في زمن يتحين فيه الغرب الديمقراطي الذي تقتدون به الفرصة للإنقضاض على كل دول المسلمين.

العتب على حكام المسلمين الذين جهلوا بدينهم وخافوا من هذا الغرب (بدل الخوف من الله) ولم يقدر أحد منهم على قول كلمة الحق له اللهم إلا القذافي رحمه الله، الذي قالها في ندوتهم ومجلس شرابهم عندما مزق مبادئ الأمم المتحدة في عقر دارها (وظل يكرر أن هذا الغرب ليس متحضرا بل همجي، وأهل الثقافة يسخرون منه، والواقع يسخر منهم).
الدين الغربي ضعيف نتيجة لتحريفه، تركه أكثرهم إلى الإلحاد، والبقية الباقية عليه لا يبقيها إلا ضعف المسلمين، إذ لو كانوا أقوياء لقضوا على كل الأديان والبدع بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بطريقة داعش الغبية، وأعجب بالمناسبة ممن يزعم أنه مصلح وهو يزهق أرواح الآمنين كداعش والغرب. تأمل في تهديد أمريكا بضرب فنزويلا عسكريا بسبب إصلاح ديمقراطي تافه لم يكن الفينزويليون ولا العالم كله يعرف شيئا اسمه الديمقراطية قبل تغول هذا الغرب، ألا يمكن أن يسبب ذلك حربا أهلية في ذلك البلد الذي كان آمنا قبل ديمقراطية أمريكا المشؤومة هو وكل البلدان؟ ألن يحصد ذلك أرواح الأبرياء؟ هل يفعل ذلك مصلح؟ ما الذي دمر سوريا وليبيا غير ديمقراطية القوم وصواريخهم التي تلتها، ومع ذلك لا يزال الأغبياء يغلفون ذلك بالإصلاح!

إن حكامنا يعرفون الغرب الديمقراطي أكثر منا ولكنهم ضعفاء، أما المثقفون والسياسيون المدنيون والحقوقيون فلا يعرفون شيئا لأن فكره مبني بالإسمنت الغربي الديمقراطي المصنوع من روث الخنازير.
الحكام يعرفون الغرب جيدا لأنهم مخالطون له، وبينهم وبينه قنوات اتصال خاصة يصرح فيها لهم بما لا يعلنه للمثقفين المغترين بمبادئه (ما أكثرهم)، فيعرفون أن الماسونية الملحدة التي تنتظر خروج الدجال بعد تخريب دول المسلمين هي التي تحكم الغرب اليوم وتوجهه حيث شاءت، لا الديمقراطية.

حكامنا يعرفون أن داعش صناعة غربية استغلها لتحقيق هدفين عظيمين أهم عنده من كل ثروات المسلمين هما: تبغيض العالم الغربي والعالم كله في الإسلام حفظا لهم  من الإهتداء إلى الحق، وباعتباره دين قتل وإرهاب، وذلك كذب بل هم القتلة الإرهابيون، وداعش منهم وإليهم.
الثاني إيجاد المبرر لضرب العراق وسوريا والبقية الباقية المخطط لها ضمن مشروعهم العدواني الشيطاني.
الحكام يعرفون ذلك عن داعش، ولكن المثقفين والذين يتحدثون لا يعرفونه، فقد جعلوا داعش الإنحراف الوحيد في الإسلام.
وما هي داعش بالمناسبة؟ إنها شرذمة من المتطرفين الذي أثارهم ظلم الغرب وتبعية الحكام له فأصيبوا بالجنون وفلم يوفقوا إلى ضبط النفس، فخرجوا على الحاكم وكفروه وكفروا كل من يطيعه من جند وعوام، وقتلوا أولئك الكفار المسلمين بالك الذريعة.
وهم قلة لأن فكرهم الدموي يتطلب تحجرا من نوع خاص، وشجاعة فائقة لا تتوفر في كثير من الصخور لأن صاحبها سيفجر نفسه، فهم في رأيي مئات أو أكثر قليلا في كل العالم الإسلامي، والغرب هو الذي ينقب عنهم كتنقيب العاطلين عندنا عن الذهب، وإذا وجد الواحد منهم في داخل صخرة حكها حكا وأخرجه منها، ثم وجهه لضرب أهدافه المرسومة التي تعود بالوبال على الإسلام والمسلمين، كقتل الآمنين المساكين في شوارع باريس ولندن، يترك إسرائيل وأمريكا وكبار المجرمين ويضرب الأمنين!
فداعش صناعة غربية، قادتها عملاء للغرب، هو الذي يحميهم في العراق وسوريا ويبقيهم ليحققوا له أهدافه الشيطانية.

حكامنا يعرفون أن سياسة الغرب الدولية المبنية على الديمقراطية بالمناسبة، لكن ديمقراطية من نوع آخر حسب المصالح الشيطانية (والديمقراطية عموما بلا دين ولا أخلاق)، هي التي تحكم الأمم المتحدة بالفيتو الدكتاتوري الظالم، والعالم يعرف ذلك لكنه راكع لهم خوفا من بطش طائراتهم وحصارهم الاقتصادي، فهم يفتكون بالمظلوم ويتركون الظالم خصوصا إذا كان ذلك تجاه المسلمين (فلسطين وميانمار وغيرها).

ألا تعلم أن فينزويلا هي الدولة ذات الإحتياط الأكبر من النفط في العالم! يرفض حاكمها تسخيره لأمريكا، لهذا تحاربه الأخيرة بالطرق الديمقراطية المعروفة فما الفرق بينها وبين داعش؟ كلاهما يقتل بحجة الإصلاح!
ما دخلهم في شؤون فينزويلا؟ ألا يحق للفينزويليين أن يعبدوا الله كالمسلمين، ويطبقون شرعه كالمسلمين، ويعتمدون نظام الشورى ويركلوا الديمقراطية كالمسلمين؟ ألا يحق لهم أن يعيشوا على أرضهم بثرواتهم كما يشاؤون؟ إنه الإستعمار، لم ينته في منتصف القرن الماضي بل تحول إلى لعنة، وبُني على المكر والكيد والتدمير الذي لا يميز بين حجر وإنسان ليستمر حتى اليوم (واقطع عن فرنسا ثروات إفريقيا وسترى كيف سيموت الفرنسيون جوعا وعوزا هنالك، ونفس القول يقال في حق أمريكا التي تريد أكل الجميع).
لقد وصل الأمر إلى درجة تهديدها بضرب فينزويلا عسكريا والفتك بالآلاف من الأبرياء تدخلا فيما لا يعنيها (اللهم إلا النهب فإنه يعنيها)، ألا ترى أن هؤلاء لا يحتذى بهم في شيء خصوصا ديمقراطيتهم الكاذبة التي لو كانت مبادئها نافعة حقا لما نصروا ظالما أو اعتدوا على مظلوما أو نهبوه.
وطبعا تدخلت روسيا كمدافع عن فينزويلا، كما حدث في سوريا، والله أعلم بما بينها وبين أمريكا من اتفاقات خفية، فربما يتقاسمون في هذه اللحظة ثروات الدول المظلومة بتلك الحيلة المبنية على اعتداء أحدهما على الآمنين وتدخل الاخر للدفاع عنه في الظاهر وكسب وده وصناديق أمواله، فكلاهما سواء، بل روسيا ألعن لأنها صليبية أكثر من أمها الملحدة الأخرى.

حكامنا يعرفون أن دول المسلمين اليوم في خطر إن لم تتبع اليهود والنصارى كما ورد في القرآن العظيم الذي لا يتدبره هؤلاء الدكاترة ويفضلون عليه قرآن الشيطان الغربي المسطر في كتب الفلسفة والقانون والديمقراطية وغيرها. لن يترك الغرب المسلمين إلا إذا اتبعوا ملته (وهذا خبر القرآن الذي نرى بأم أعيننا اليوم صدقه)، وما هذه الديمقراطية ومبادئها المطبقة في دول المسلمين، والتي أصبح البعض يكره بسببها أئمة المساجد ويرفض صلاة الجمعة خلفهم، إلا بداية لذلك الإتباع، وانتظروا يوم تستتب الديمقراطية وينشأ جيل جديد من أبناء أو أحفاد هؤلاء الدكاترة والسياسيين، يوافق على الإلحاد والشذوذ وطمس معالم الدين بحجة أنه أمر شخصي لا يعني غير المتدين بل ويلزمه بالصلاة في بيته بعد إغلاق المساجد، ويتهم الشيوخ بكل نقيصة ويقطع الصلاة خلفهم إن صلى أصلا، حينها سترضى عنكم اليهود والنصارى أما قبل ذلك فلا، مهما قدمتهم لهم من قرابين ونفاق ومفاتيح ثروات.

حكامنا يعرفون أنهم ضعفاء.. دول المسلمين في هذا الزمن هي الأضعف والأحط والأكثر تشتتا وعرضة للدمار، فعسى أن يكون ذلك عذرا مقبولا لهم أمام خالقهم يوم يلقونه فيقولون اضطررنا إلى اتباع اليهود والنصارى خوفا على دولنا !
وكل  ما ذكرته هنا عن الغرب تراه الأكثرية تجاوزا في حقه وحق الديمقراطية المقدسة المصانة، عليها اللعنة، مع أني لم أقل إلا حقا يشهد له الواقع المعاش. وما تلك النظرة إلا بداية من بدايات ذلك الإتباع الأعمى لليهود والنصارى المذكور في حديث جحرهم "جحر الضب" الذي سيدخلون، والذي يزيد يوما بعد يوم بشكل ملحوظ لأن مبادئهم تستتب أكثر فأكثر باعتبارها قيما نبيلة رغم خستها وانفصالها التام عن مبادئ القرآن، حتى لم يعد يوجد من ينتقدها أو يردها.
وسترون غدا بعد أن كان عدد الملحدين لا يتجاوز رؤوس الأصابع – شتتهم الله - كيف سيصل إلى المئات والآلاف (كنتيجة حتمية لهذه الديمقراطية)، أما السياسيون فكثر جدا بل يكاد الشعب كله يصبح سياسيا، وخير من يركب موجتها هم أولئك الذين لا وجوه لهم ولا دين ولا كرامة أو المضطرين، فهي تجارة من نوع آخر، تجارة بالمبادئ والكرامة. وأول من يجب أن ينتبه لذلك هو العسكر – بارك الله فيهم فهم حماة البلد الوحيدون، لكن عليهم أن يحذروا من السياسيين المدنيين وغربهم.
وعلى البلد السلام يوم يحكمه المدنيون، فلا تقعوا أيها العسكريون في الفخ الديمقراطي، وقولوا لهم: "اخسؤوا فلن تعدوا أقداركم". واستمروا في المحافظة على مبادئكم العسكرية ودينكم وبلدكم المسكين الذي تتربص به الآفات من الداخل والخارج.

خميس, 07/03/2019 - 12:02