الأستاذ محمد يحظيه 

منذ عُرف الاستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل عرف ماردا في فكره الثوري وعقيدته السياسية وكفاحه النضالي، انخرط هذا المارد مبكرا في التغني بالحرية وآمال وحكايات القوم البسطاء الذين عاشوا بأجسادهم المكدودة بين جبال معادن الحديد المنهوبة من طرف شرائك الاستثمار الدولية ( ميفرما) في ازويرات، وشركة نهب النحاس ( سوميما) في أكجوجت. وقف في وجه تحالف قوى النهب الخارجي وطمس الهوية الحضارية لشعبه وحليفهما المحلي من ملاك العبيد ، وأحفاد رجعيي القرون الوسطى، عاش وهو ابن الكومبرادور بين عمال الموانئء ( دوكيرات ) وأحياء الصفيح التي تكدس فيها العبيد السابقون، سعى بجهده النضالي والفكري المبكر إلى تحرير عقول مجتمعه من براثن التخلف والجهل وانحدار الوعي الذي يدفع صاحبه إلى شعور حب امتلاك البشر وتعبيدهم، قبل أن يسعى إلى تحرير العبيد أنفسهم من عقلية الذل وقبول الاستمرار في واقع تاريخي أنتجته عصور الجهل وضعف التأثر بموجات الحداثة والتنوير الذي كان لبلدنا فيه نصيب وافر من أبرز تجلياته ظاهرة الاسترقاق المقيتة. حرر مع رفاقه وثيقة ( البعث ولحراطين) التي هي في الأصل مجموعة مواقف وبيانات واكبت بها الطليعة الثورية نضالها اليومي ضد الرق ومخلفاته، وبحثها عن أنجع الطرق للقطيعة التامة مع الظاهرة فهما وممارسة وهو جهد نضالي أفضى إلى قرار ( إلغاء الرق) الذي كان اول خطوة جادة تقوم بها الدولة والمجتمع لمواجهة هذا الداء الفتاك. ظل الأستاذ ملتفا بقيمه ومبادئه وهو في انياب العذاب وداخل أعماق السجون. ظل يؤكد باسمرار أنه من آخر سلالات طائر الفينيق، يخرج في كل مرة في كامل قوته وزهوه من رماد المحن والأزمات، ألهمه فكره وحدسه الثوري وحصافة وعيه إلى التعالي عن الجراح الشخصية وتأهيل خصمه التاريخي الذي رمى به في غياهب السجون ليكون مرشحا جديا في انتخابات 2003. لم يمتلك الأستاذ في يوم من الأيام مالا ( رغم سهولة ذلك عليه) كما لم يبحث عن ورقة ضغط قبلي ولا جهوي، بل امتلك على الدوام رأيه السياسي وامتلك ـ وهذا هو المهم ـ شجاعة التعبير الدائم عنه، كما هو حال كل خريجي ذلك المنبع الفكري الثوري القويم "البعث"، هذ بإختصار هو الأستاذ محمد يحظيه فمن أنتم! 

يوسف عبد الرحمن

خميس, 25/04/2019 - 10:29