حول اعتقال وديعة وكامرا شكر وتنويه وحسرة وخيبه

الهيبه الشيخ سيداتي

الشكر المستحق للزملاء الصحفيين والإعلاميين والسياسيين والحقوقيين والمدونين الذين واكبوا أيام الاعتقال بقدر من الرفض والشجب والتعالي على الخلافات الضيقة للترفع إلى فضاء قيم الحرية المشتركة.

أما التنويه فهو أولا بشخصيتين تميزتا عن غيرهم في هذا المضمار، بل وفي غيره من ملفات الحرية والدفاع عن الإنسان وحقوقه في هذه البلاد، أحدهما اشتهر بذلك حتى صار قبلة لكل المظلومين في هذه البلاد، أعني المحامي الجسور إبراهيم أبتي، والذي واكب القضية بحماس واحترافية، وداوم ليل نهار بشرف من أجل رفع الظلم ومقارعة الأمن السياسي.

أما الثاني فهو البوفسير سمارى أوتوما مدير مركز التخصصات الطبية في السبخة، الذي لم يمنعه التعيين والمنصب من النضال والقيام بواجبه كطبيب، فضغط بكل ما يستطيع من أجل لقاء مريضه الزميل الصحفي صيدو موسى كامرا، وتحرك على أكثر من جبهة وصعيد، حتى تمكن من ذلك، واطمأن على مريضه وزميلنا صيدو في محتجزه.

أما الحسرة، فهي أن غلب الهيئات المعنية بالدفاع عن أمثال وديعة وكامرا رغم أنها تحركت مشكورة، وبذلت ما في وسعها جميعا، إلا أن ذلك لم يكن تلقائيا، وهنا المفاجأة والحسرة، بل تطلب – بكل أسف - تدخلا واتصالا، وأحيانا طلبا وتوددا من أجل القيام بما يفترض أنه واجبها، بل مبرر وجودها، والاستثناء المسجل هنا هو لهيئة الساحل، ومنظمة نجدة العبيد، فقد بادرتا بإصدار بياناتهما وانخرطتا في التعبئة ضد هذا الاعتقال.

ليس الأمر – بالنسبة لي – تعريضا، ولا تهجما على هذه الهيئات، بقدر ما هو نقد ذاتي يتطلب استدراكا.

فهل يعقل أن تصدر منظمات مثل منظمة العفو الدولية و"مراسلون بلا حدود" بيانات قبل النقابات والمنظمات المحلية التي ينتمي لها الزميلان، بل ساهما في تأسيسها.

وقبل ذكر الخيبة، لا بد أن أتوقف لأشيد بمواقف أغلب زملائي الصحفيين الذين أعلنوا – خلال الحملة الانتخابية الأخيرة – دعمهم للمرشح الفائز #غزواني، إذ اكتشفنا جميعا – دون كبير عناء - أنهم حملوا معهم قيمهم حيث هم، فقد رفضوا الاعتقال، وأدانوه بكل قوة، تماما كما كانوا يفعلون قبل دعم "مرشح السلطة".

أما الاستثناء في هذا المجال، فكان من خارج الصحفيين، وهو ما مثل خيبة - بالنسبة لي - وهو موقف الأستاذ والمحامي محمد محمود أمات، وفقد التقيناه – قدرا – أنا وعدة زملاء صحفيين من بينهم نقيب الصحفيين محمد سالم ولد الداه، وكنا خارجين لتونا من تسجيل التضامن مع الزميل وديعة من داخل استديو برنامجه "في الصميم"، وكان ولد أمات قد أنهى لتوه مشاركته في برنامج المشهد، وقد طلبنا منه الدخول إلى استديو "في الصميم" لتسجيل التضامن مع الإعلامي "وديعة"، وهو البرنامج الذي حل ضيفا عليه عدة مرات، ويعرف مقدمه، وتاريخه، وكانت المفاجأة أن رفض وتمنع، رغم تصريحي والزملاء معي له بالطلب.

شكل هذا الموقف خيبة لا توصف بالنسبة، فهل يعقل أن تكون نهاية النضال السكوت عن نصرة المظلومين، وبهذه السرعة؟

ما أختم به هذه الملاحظات هو تبني طلب المحامي الأبي والجسور إبراهيم ولد أبتي بضرورة حل جهاز "أمن الدولة" أو الأمن السياسي سيء الصيت والسمعة، والذي تحول في هذه البلاد إلى نسخة رديئة من أجهزة القمع وتصفية الحسابات في الدكتاتوريات العربية، وزاد عليها بأخذه خلال العقود الأخيرة طابعا "عائليا سلطويا"، حيث كان كل رئيس يوكل قيادته إلى أحد أقاربه نسبيا، ويبقى على رأسه لحين مغادرة ذلك الرئيس أو سقوطه.

جمعة, 19/07/2019 - 18:05