ما بين سطور الشرق الاوسط

خميس, 2015-11-26 12:12
فادى عيد الباحث السياسي والمحلل الاستراتيجي

فى غرفة منفصلة و بعيدة تماما عن كل غرف عواصم القرار التحضيرية و المختصة بالحرب السورية فقط تتلاقى قطر و تركيا و السودان بصفة مستمرة لبحث شتى الطرق لدعم التنظيمات الارهابية بليبيا فبعد تدمير اغلب القطع البحرية المحملة بالسلاح القادمة من تركيا لسواحل طرابلس الليبية يبقى طريق نقل السلاح من دارفور السودانية الى جنوب ليبيا هو الافضل لذلك الثلاثي فى الوقت الذى بات فيه البشير يفتعل كل الازمات المتاحة امامه مع مصر، و بالتزامن تضع الدوحة قدمها بقوة بأوباري الليبية بعد رعايتها لاتفاق وقف اطلاق النار بين الطوارق و التبو، و أذا اردنا ان نستشف طبيعة زيارة اردوغان لقطر اول ديسمبر القادم للتوقيع على 13 اتفاقية علينا ان نتمعن فى مانشيتات الصحف الروسية التى حدثتنا و احثت الدولة الروسية نفسها بالتصدي لتلك الدولتين قطر و تركيا و لو عسكريا .

و بغرفة اخرى على نهر موسكوفا يفكر رجال بوتين بتأني فى كيفية عقاب أنقرة على أسقاطها طائرة روسية بالحدود السورية دون التأثير على الاقتصاد الروسي المرتبط بتركيا، و يبقى اخطر و أخر كارتين أقتصاديين لدى موسكو لحرق تركيا قبل اللاعب بكروت وكالة الاستخبارات الخارجية التركية الا و هم اكراد تركيا و قطع توريد الغاز عن تركيا ( تركيا ليست دولة نفطية و لا تمتلك غاز و اعتمادها الكلي على روسيا و ايران فى الغاز الطبيعي )، و بنفس الوقت تدرس أنقرة جيدا ردود فعل موسكو و من قبلها لندن و واشنطن و كيف سيتم الرد و التعامل مع ردود فعل موسكو فى اوكرانيا و دوائر اخرى بالشرق الاوسط  يراد الزج بها فى بؤرة النار .

فبعد التدخل العسكري الروسي بسوريا و فشل امريكا العسكري و الاعلامي فى تحويل احدث كتائبها العالمية بعد كتائب بلاك ووتر الا و هى داعش الى شيشان جديدة ضد الروس و الفشل  فى استعطاف العرب و المسلمون السنة ضد روسيا بسبب مجازر داعش بلبنان و فرنسا و نيجيريا، كان الحل الامثل هو الدفع بصدام حسين جديد و تجربة مماثلة تماما للشيشان و هنا جاء اردوغان تركيا و هنا عادت الاله الاعلامية للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان و صبيان عزمي بشارة بدول الخليج العربي اكثر قوة و تنظيما فى تصوير مشهد اسقاط المقاتلة الروسية بالحدود السورية كصراع بين المجاهد الفاتح اردوغان ضد السوفييت الشيوعيين الكفرة .

و هنا قد يتسأل البعض ماذا لو استمر اردوغان فى تعنته و رفض الاعتذار لروسيا لامتصاص غضب بوتين حتى يوم سفره لقطر ؟

هنا لا اجد امامي سوى كتاب التاريخ لكي يعطيني اجابة واضحة و اتذكر كيف قامت الاستخبارات الروسية و بأشراف من مدير خدمة الامن الفيدرالية سابقا و رئيس روسيا وقتها و حاليا فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين بتصفية الرئيس الشيشاني سليم خان يندر باييف بفبراير 2004م فى الدوحة بعد ان اتى اليها من تركيا، قبل ان يقوم  يندر باييف بالدور المعتاد لكل الاسلاميون فى محاربة اعداء الامبريالية و كافة اعداء العم سام بعد ان عزم يندر باييف بضم داغستان الى الشيشان و اعلان دولة اسلامية متحدة و تصدير الازعاج لروسيا .

و فى وسط زحمة تلك الاحداث يجب ان نلقى الاهتمام بفشل نقل مسرح الاحداث و دوائر التوتر الى سيناء المصرية و عدم تحولها لنقطة تصفية حسابات بين قوى اقليمية و عالمية و انتقال ذلك للحدود التركية و ان النجاح الرسمي لذلك سيعلن بعودة السياحة الى مدن البحر الاحمر مجددا .

و اعود و اكرر مرحلة المواجهات المباشرة المقبلة عليها منطقة الشرق الاوسط تحتم على كافة دول الاقليم اعلان توجهاتهم بصراحة دون العزف على كل الاوتار، و هنا قد نشاهد دول وزارة خارجيتها تسير فى اتجاه و كل امير بها باتجاها أخر، و رؤساء يدعون للحل السلمي مع المليشيات و هم فى غيبوبة صحية و فكرية عن ما يدور حولهم و ما يلتف حول رقابهم فى الوقت الذى يناقش فيه الكونجرس الامريكي صيغة شهادة ميلاد دويلات جديدة بليبيا و العراق و اليمن و ما بينهم فهل من متعظ، فمن له أذنان للسمع فليسمع، و من له عينان تقراء تلك السطور فليقراء، و من له عقل يقراء ما بين السطور فليستوعب شكل القادم .