الحمد لله حلت جميع مشاكل الوطن والأمة والعالم؛ ولم يعد هناك شيء يهم صحافتنا الموقرة.. فانشغلت بالتعليق على صورة مفبركة.. لا تخفى فبركتها على من له أدنى مسكة من عقل.
لم يعد هناك؛ ولله الحمد؛ موضوع يستحق النقاش ولا الحديث إلا حول التفاهات التي تستهدف المساس بسمعة أشخاص فوق الشبهات.
انخفاض مستوى اهتمامات صحافتنا الموقرة ناتج عن تشبع بعض أفرادها بثقافة السقوط التي تفرح وتبتهج بالسقوط.. وغياب حاضنة خلقية تحدد أهداف ونتائج الرسالة الإعلامية؛ إضف إلى ذلك انحدارا رهيبا في منسوب الوازع الديني لثلة ممن يقدمون أنفسهم على أنهم "سدنة" للحرف في البلاد.. ويا تعس ذلك الحرف.
ما كان لهذه الفوضوية أن تستشري في صحافتنا لولا مناخ الحرية الذي ينعم به ذوو الآراء في البلد؛ بفعل الإرادة السياسية الحكيمة لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.. وهو ما بوأ البلد صدارة البلدان العربية في حرية الإعلام.
غير أن الحرية من حيث هي مصلحة للوطن والمواطن؛ يمكن أن تتحول إلى مفسدة مطلقة؛ عندما لا نزاوجها بأخت لها من أبيها وأمها هي المسؤولية؛ وهذه الأخيرة معطى فردي يكتسبه الشخص من تربيته وتكوينه ومهنيته، وسوف تختلف نسبة تملكها بالضرورة من شخص لآخر.. ومن هنا تبدو للعقلاء الفروق بين صحافة "الساندويش" والصحافة الرزينة المسؤولة.
لا نريد أن نفتح جبهة مع الصحافة؛ وربما لا نستطيع ذلك؛ لما يمتلكه الصحافيون من أدوات تلميع وتشويه لا تتأتى لغيرهم.
غير أنه يهمنا هنا أن نفرق بين مستويين من الصحافة في بلادنا:
ـ الصحافة الحقيقية؛ وهي التي تحترم خصوصية الأفراد؛ وتعطي الخبر حقه من التثبت والتأكد، لكي لا تصيب قوما بجهالة.. وإذا ما امتلكت أدلة ووثائق ضد شخص أو مجموعة فإنها تنشر أخبارها؛ وهي مسلحة بالمستندات.
ـ وصحافة أخرى لا تستحق الاسم إلا مجازا.. وهي المعنية بما يرد في هذا المقال.
مناسبة هذا الحديث هي هجوم لاذع شنه تيار سياسي معين على مدير ديوان رئيس الجمهورية؛ بعد معالجة صورة بالفوتوشوب ونشرها للنيل منه.
لست هنا في وارد الدفاع عن الرجل؛ لأن أعماله وأخلاقه وعلمه وتكوينه تجعله في غنى عن أي دفاع.
لن أبرهن على التزامه وبعده عن مثل هذه السفاسف.. لأنه متى احتاج النهار إلى دليل؟
الحديث عن نفي مثل هذه الأعمال عن ولد باهيه حشو.. تماما مثل محاولة إلصاقها به.
يستوي في معرفة ذلك من يعرفونه عن بعد.. ومن كان له الشرف بالعمل معه مثلي.
لكن هي سطور فقط لتنبيه الصحافيين الكرام؛ وهم قدوة هذا المجتمع وموجهوه؛ على أن مثل هذه الأمور لا تندرج في إطار الصحافة؛ بل هي أقرب إلى أحاديث السوق الموضوعة.
ولتنبيههم أيضا على أن الصحفي الحقيقي لا يخدم أجندة السياسي من خلال محاولة تشويه من يخالفه في الخندق السياسي.. فهو بذلك يرخص نفسه؛ ويتحول إلى بوق يؤجره السياسيون تبعا لأمزجتهم.. وهو ما يفقده احترامه لدى الجمهور.
في النهاية لا يخفى أن استهداف ولد باهيه يرجع لسبب واحد؛ هو أنه أحد رموز المشروع السياسي والتنموي والإداري للرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ وهو المشروع الذي يدعمه الشارع والمواطنون البسطاء؛ بغض النظر عن أراجيف ساسة الصحافة.. أو صحافة الساسة.. لا فرق..