
قال بيان صادر عن وزارة الداخلية الجزائرية أن النتائج الأولية لعملية الانتخاب النصفي لأعضاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان الجزائري) أسفرت عن فوز حزب جبهة التحرير الوطني بالمرتبة الأولى، بعد حصوله على 23 مقعدا، متبوعا بغريمه حزب السلطة الثاني، التجمع الوطني الديمقراطي بـ 18 مقعدا، في حين حصل المستقلون على 4 مقاعد، وحزب جبهة القوى الاشتراكية على مقعدين، وحزب الفجر الجديد على مقعد واحد، ليبقى رغم ذلك حزب التجمع الوطني الديمقراطي صاحب الأغلبية داخل الغرفة العليا من البرلمان بـ 45 مقعداً، مقابل 141 لصالح حزب جبهة التحرير الوطني، علماً بأن عدد مقاعد مجلس الشورى يبلغ 144 مقعدا.W
وأضافت وزارة الداخلية أن هذه النتائج «أولية»، في انتظار الإعلان الرسمي والنهائي عن النتائج من قبل المجلس الدستوري، وذلك بعد دراسة الطعون المقدمة، في إطار أحكام القانون المنظم للانتخابات، لتصبح بعد ذلك النتائج نهائية، ويتم اعتمادها. غير أنه من المستبعد أن يغير المجلس الدستوري النتائج الأولية المعلن عنها بشكل كبير.
في الوقت ذاته يبقى الشك قائما بخصوص تعيين رئيس جديد لمجلس الشورى أو الإبقاء على عبد القادر بن صالح الذي ينتمي إلى حزب التجمع الوطني الديمقراطي، علما بأن عملية تغيير رئيس المجلس تخضع لرغبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أكثر مما تخضع لانتهاء ولاية رئيس هذه الغرفة التي تم استحداثها سنة 1996، علما بأن بوتفليقة لما وصل إلى السلطة سنة 1999 وجد أن الراحل بشير بومعزة كان يشغل منصب رئيس مجلس الشورى، وانتظر بوتفليقة عملية التجديد النصفي سنة 2001 ليبعث برسائل إلى بومعزة مفادها أنه لم يعد يرغب في استمراره، لكن الأخير رفض وصمم على الاستمرار لثلاث سنوات أخرى، فطلب الرئيس من المجلس الدستوري الذي كان يرأسه آنذاك سعيد بو الشعير قراءة بشأن فترة رئاسة مجلس الشورى، فجاءت القراءة مخالفة لرغبات الرئيس، إذ أكد بو الشعير أن بو معزة أمامه ثلاث سنوات، لكن بوتفليقة أوحى إلى أعضاء المجلس الذين سارعوا لسحب الثقة من بو معزة وعامله بعضهم بطريقة مهينة، ليتم تعيين الراحل محمد شريف مساعدية على رأس المجلس حتى وفاته، ثم تم استبداله بعبد القادر بن صالح الذي يوجد على رأس هذا المجلس منذ قرابة الـ14 سنة.
وتشير بعض التسريبات إلى أن عمار سعداني زعيم حزب جبهة التحرير الوطني قد يعين على رأس مجلس الشورى، بالنظر إلى الخدمات التي قدمها للفريق الرئاسي الحاكم، فقد كان له دور أساسي في حملة الاستنزاف التي أديرت من خلف الستار ضد الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق القائد السابق لجهاز الاستخبارات، التي استمرت أكثر من عامين وانتهت بإقالته في أيلول/ سبتمبرالماضي، كما أنه كان من أشد المدافعين عن الرئيس وسياساته منذ «عودته» إلى الواجهة سنة 2013، علما بأن سعداني سبق أن تولى رئاسة مجلس الشعب من سنة 2004 إلى 2007، قبل أن يدفع آنذاك إلى عدم الترشح مجدداً لعضوية مجلس الشعب، وليغادر عقب ذلك المشهد السياسي، حتى عودته في السنة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2014، كأمين عام لحزب جبهة التحرير الوطني.
وجدير بالذكر أن مجلس الشورى استحدث في دستور سنة 1996، الذي جاء كصمام أمان لمجلس الشعب في حال وصول حزب معارض إلى الأغلبية، على اعتبار أن ثلثي الأعضاء يتم انتخابهم من طرف أعضاء المجالس المحلية، والثلث المتبقي المسمى الثلث الرئاسي، يوصف بالثلث المعطل، على اعتبار أن المصادقة على القوانين لا تتم إلا بثلاثة أرباع الأعضاء، ورغم أن الرئيس بوتفليقة في بدايات حكمه أبدى عدم قناعته بجدوى وجود غرفة ثانية في البرلمان، إلا أنه أبقى عليه، ولا يوجد ما يعطي الانطباع بأنه سيلغيه في التعديل الدستوري المرتقب.