إيران مصدِّر أصيل وحزب الله في دور الوكيل (ح1)

اثنين, 2016-03-21 20:00
الكاتب باباه ولد التراد

استطاعت إيران أن تصل إلى العمق العربي وتحتل العديد من العواصم العربية عن طريق التجنيد المطلق لأحزاب شيعية تنادي بسيادة الطائفة الشيعية كحزب الدعوة في العراق ، و حزب الله في لبنان الذي استخدمته إيران كرأس حربة في المنطقة وأحدثت بواسطته خللا طائفيا ، لذلك فليس مفاجئا للمراقبين وخاصة المنصفين منهم اتخاذ ذلك القرار الجوهري ، الذي صدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب في ختام أعمال دورتهم الـ 145 بمقر الجامعة العربية الجمعة 11 مارس 2016 ، القاضي باعتبار حزب الله منظمة إرهابية  .

 واعتمادا على هذا القرار ونظرا لدورحزب الله الخطير في المنطقة العربية ، اعتبرت الحكومة الموريتانية " حزب الله اللبناني" منظمة إرهابية ، ورفضت السلطات الترخيص لنشاط مساند له ، انسجاما مع إعلان جامعة الدول العربية حظر نشاط حزب الله ، الذي يقول عنه ابراهيم أمين أحد قادة الحزب : " نحن لانقول إننا جزء من إيران نحن إيران في لبنان " ويؤيد هذه العبارة ما جاء في البيان التأسيسي لحزب الله عام 1985 حيث أكد الحزب أنه " ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه ، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة " ، وهذا ما يؤكد تبعية حزب الله بشكل كامل لإيران  .

ورغم أن الشيعة في لبنان لايصلون إلى 30%من عدد السكان ، فإن حزب الله بدا وكأنه هو الذي يحكم الدولة اللبنانية ، وذلك لأن إيران باشرت بالإنفاق على هذا الحزب منذ العام 1982 ودربته وجهزته عسكريا على طراز الحرس الثوري ليكون ذراعا عسكريا لها على الأراضي اللبنانية ، وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة القدس العربي الصادرة بتاريخ :6/9/2014 أن المستشار العسكري للمرشد الأعلى رحيم صفوي قال إن " حدود بلاده الحقيقية تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض " ، ونسبت أيضا إلي وزيرالدفاع الإيراني في تلك الفترة قوله " إن حزب الله في لبنان ينفذ الفكر الايراني "، لذلك تعتبر إيران حزب الله جزء من حرسها الثوري  ، حيث يقول فخر روحاني سفير إيران السابق في لبنان في مقابلة مع صحيفة "إطلاعات " الإيرانية (لبنان يشبه الآن إيران عام 1977 ولو نراقب ونعمل بدقة فإنه سيجيئ إلى أحضاننا وعندما يأتي لبنان إلى أحضان إيران فسوف يتبعه الباقون ) .

وبما أن الثورة الإيرانية عام 1979، قامت على غرارأفكاروتطلعات الدولة الصفوية  ، واتبع القائمون عليها سياسة تصدير الثورة إلى خارج حدود الدولة عن طريق استنهاض الروح الطائفية عند شيعة العراق والبحرين بالإضافة إلى الأقليات الشيعية في باقي دول الخليج واليمن ولبنان  وسوريا ، فإن النظام الإيراني بدأ نشاطه بتشكيل خلايا داخل الدول العربية لإحداث البلبلة فيها والاستفادة من البعد الطائفي ما أمكن لتحقيق مراميه السياسية بإحياء أمجاد الدولة الصفوية .

ولتحقيق هذا الهدف الخطيرأسَّست إيران عام 1982حزبا تسمى بدايةً باسم (حركة أمل الشيعية) ثم تسمّى بـ (أمل الإسلامية) رغبةً في توسيع نطاقه ليشمل الأمّة ، لأن دور حركة أمل اقتصر على النطاق الشيعي السياسي اللبناني ، بعد ذلك تمت تسمية هذه الحركة باسم " حزب الله " في لبنان ولكنه دخل معترك السياسة عام 1985م ، بعد أن ولد من رحم حركة أمل الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران .

ومن هنا جاء حزب الله ليلعب دوراً خطيراً في الأمة الإسلامية أعمّ وأشمل من دور (حركة أمل الشيعية)، فقام بشق  الصف اللبناني المُقاوِم ، وتورط في محاولة اغتيال أمير الكويت جابر الأحمد الصباح بتفجير سيارة مفخخة عام 1985، وبخطف طائرة كويتية في مشهد عام 1988 ، وفي نوفمبر 2008، تم في مصر تفكيك خلية لحزب الله والقبض على 26 شخصاً من أصل 49 عنصراً نجحت السلطات المصرية في تحديد هوياتهم، كانوا يخططون لهجمات تستهدف أهدافاً مصرية بما في ذلك مراقبة قناة السويس.

وفي مطلع العام 2011 تم اكتشاف خلايا تنتمي لحزب الله في الكويت والبحرين والسعودية ، علاوة على تدخل حزب الله المباشر في الشؤون الداخلية لبعض دول الخليج ، كما ساهم الأمين العام للحزب “ حسن نصر الله ” في تصاعد عمليات العنف في هذه الدول بتصريحاته التحريضية ، وتورطه في أحداث العنف التي شهدتها مدينة القطيف السعودية مطلع عام 2011، وتهديده يوم 23 فبراير 2013 بغزو السعودية ودخول الحرمين الشريفين .

وفي العراق اعترف حسن نصرالله في  16فبراير 2015، بوجود عناصر تابعين للحزب يقومون بالقتال في هذا البلد الذي أصبح خاضعا لإيران ومليئياتها المسلحة .

كذلك أكد المحلل السياسي اليمني، فيصل المجيدي، رئيس مركز إسناد لتعزيز القضاء وسيادة القانون ، أن "حزب الله اللبناني عدو لليمنيين" ، وأن الحكومة اليمنية أخيرًا أدركت ذلك وقالت إنها ستقدم شكوى لمجلس الأمن ، ولفت إلى أن هناك حديث عن أسرى من حزب الله في المعارك الدائرة في اليمن ، كما أن لهذا الحزب دورا في تدريبات عسكرية للحوثيين سواء في لبنان أو بعثهم إلى طهران.

وفوق هذا كله فإن هذا الحزب كان شريكا أساسيا في الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام السوري بحق المواطنين السوريين  ،  حيث استخدم في لقصير، والزبداني ،ومضايا ، أفظع المجازر البشرية ، فضلا عن الحصار والتهجير والتجويع ، الذي أدى إلى الكارثة الإنسانية والأخلاقية بسبب حصارهذا الحزب لـ40 ألف مدني سوري في بلدة مضايا بريف دمشق ، بعد أن أطبقت مليشيا حزب الله الحصار عليهم سبعة أشهر، مما دفع الناس لأكل الشجر والقمامة .

أما في افريفيا فقد أعلنت السلطات النيجيرية في 30 مايو 2013 عن تفكيك خلية تابعة لحزب الله اللبناني، في إطار سعي إيران لإقامة معسكرات لأفارقة شيعة باسم حزب الله .

وبما أن هذه الأفعال والجرائم "ضد الإنسانية" التي يمارسها حزب الله التابع لإيران تتناقض مع كل المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان فإن اعتبار حزب الله منظمة إرهابية ، ومطالبة بعض الحقوقيين بفرض أشد العقوبات على الشخصيات الموالية لحزب الله ، ومنعهم من دخول البلدان العربية والإسلامية وحظر التعامل الاقتصادي مع الشركات التابعة للحزب بهدف محاصرة أنشطته الإرهابية ، لا يعفي مطلقا إيران التي تعتبر من وجهة نظر الكثيرين هي المصدر الاصيل للثورة إلى البلدان العربية .