هل تخلت الجزائر عن مطلب اعتذار فرنسا عن جرائمها؟

اثنين, 2016-10-03 00:46

اعتذرت فرنسا لأعوانها الذين قاتلوا معها الشعب الجزائري، واعترفت بمسؤوليتها عن تركهم عرضة لأعمال انتقامية، وقد حضر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حفلا رسميا لتكريم هذه الشريحة وأقر بمسؤولية الدولة في التخلي عنها قبل خمسين عاما.

وقال الرئيس الفرنسي في اليوم الوطني المخصص لتكريم المتعاونين مع بلاده "إن فرنسا تكبر دائما عندما تعترف بأخطائها".

ويعرف المتعاونون مع الجيش الفرنسي بـ"الحركي" وهي تسمية أطلقها الجزائريون على مواطنيهم الذين تعاونوا مع فرنسا، قبل أن يغادروا البلاد بمجرد حصول الجزائر على استقلالها في الخامس من يوليو/تموز 1962.

ورغم  إجماع النخب الجزائرية على أن تصريحات هولاند شأن فرنسي خالص وأن "الحركي" مواطنون فرنسيون، فإن المواقف تباينت حول سبب سكوت الجزائر وعدم مطالبة باريس بالاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها وتعويض ضحاياها.

جبهة التحرير
ويرفض القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم أبو الفضل بعجي -في حديث للجزيرة نت- الخوض في الموضوع لأنه لا يستحق أي تعليق, فالرئيس الفرنسي كان يخاطب فئة من شعبه وهؤلاء "الحركي" مواطنون فرنسيون وليسوا جزائريين بعدما خانوا بلدهم.

أما بالنسبة لمطلب اعتراف السلطات الفرنسية بجرائمها، فقال بعجي إن الجزائر انتصرت في ثورتها على الاحتلال، ومطلب الاعتراف حاليا بيد مؤسسات الدولة الجزائرية. وأضاف أن "موقف حزبنا هو موقف الدولة ونحن نؤيد أي موقف يتم اتخاذه".

ويرى القيادي في حركة مجتمع السلم المعارِضة نعمان لعور -هو الآخر- أن تصريحات هولاند شأن فرنسي خالص و"الحركي" مواطنون فرنسيون، ويتساءل في حديثه للجزيرة نت عن سر سكوت الحكومة الجزائرية عن "الإهانات" التي تلقتها.

ويؤكد لعور أن فرنسا ليس مطلوبا منها أن تعتذر ما دام المسؤولون الجزائريون يقولون إن الأولوية هي المسائل الاقتصادية، وهذا معناه -يضيف النائب البرلماني- أن الحكومة راضية بالوضع الحالي, لذلك فإن "فرنسا لن تعترف ولن تعتذر ولن تعوض" مشيرا في هذا السياق إلى جريمة التجارب النووية التي لا تزال تتسبب في موت أبرياء في الصحراء الجزائرية.

إحراج المسؤولين
ويختتم لعور كلامه بالقول إن "ما صدر عن هولاند لن يثير أي إحراج لدى المسؤولين الجزائريين لأنهم دوما ينبطحون أمامه".

ويقول الكاتب الصحفي مصطفى هميسي إن ما قام به الرئيس الفرنسي أمر عادي، فهولاند مثل كل السياسيين في بلاده دخلوا منطق الحملة الانتخابية.

ويضيف هميسي -في حديث للجزيرة نت- أن الساسة الفرنسيين لا يغازلون "الحركي" بقدر ما يغازلون تيار اليمين وكل الممجدين للاحتلال، مشيرا إلى أن هولاند ليس الوحيد في هذا فقد سبقه نيكولا ساركوزي عندما صرح بأنه سيلغي كل إشارة لذكرى وقف إطلاق النار يوم 19 مارس/آذار 1962 على أساس أنها ذكرى أليمة بالنسبة لـ"الحركي".

ويرى أن المسؤولين في باريس "يدلون بمثل هذه التصريحات حتى دون الخوف على مصالح بلادهم في الجزائر" مشيرا إلى الهيمنة الفرنسية على الجوانب الاقتصادية والثقافية وغيرها، وهذا ما يفسر موقف الصمت والحذر الذي يلتزم به المسؤولون الجزائريون.

ويؤكد أن تصريحات هولاند كانت ستشكل موضوعا للجدل أو منطلقا لحملة إعلامية ضد فرنسا لو جاءت في ظروف أخرى.

 

المصدر : الجزيرة