اللعب بالنار

خميس, 2017-02-23 23:20
عبد الله ولد سيديا

"الشعب هو مصدر كل سلطة، والسيادة الوطنية ملك للشعب " مقتطف من ديباجة دستور الجمهورية الذي صادق عليه الشعب الموريتاني بأغلبية ساحقة في ٢٥ يونيو ٢٠٠٦. يومها توفر لهذا الشعب المسكين المغلوب على أمره توافق نادر بين مختلف الأطياف السياسية على دستور جديد يكرس قيم الجمهورية، صاغته وأشرفت عليه لجنة من الخبراء والقانونيين حرصت على أن تمنحه قدرا لابأس به من الصلابة والقوة في وجه شطحات السلطة السياسية، أضمرأولائك الرجال فرضية الانقلاب الدستوري فحاولو قدر الإمكان عصمة المواد الدستورية من عبث العابثين،لكنهم بالتأكيد لم يحسبوا حساب انقلاب يدبره عسكري منقلب على السلطة بالتحالف مع برلمانيين أتوا في غفلة من الشعب. شيوخ قبائل ورجال أعمال ولصوص عاديون جمعهم حب المال والسلطة تحت قبتي البرلمان ويعدون العدة لدق آخر مسمار في في إسفين التعايش والعدالة ونعش دستور الجمهورية .

حشد من لصوص التاريخ والحضارة وشذاذ الآفاق المسلحين بنعال العسكر يخوضون آخر المعارك ضد رموز الدولة الموريتانية المثخنة بجراح عقود من الظلم والقهر والاستبداد. يعدون العدة لاستبدال علم استشهد تحته خيرة الأبطال دفاعا عن الكرامة والحوزة الترابية لهذا الشعب.

تخيلوا معي أن العلم الأخضر بنجمه وهلاله الذهبيين الذي استشهد الرائد البطل "سويدات ولد وداد " وهو يدافع عنه سيُغيِره برلماني مرتشي كان حتى الأمس القريب مهربا أو بائع سيارات مسروقة،سيرسم هذا البرلماني النزق للأجيال القادمة حدود علمها وأحلامها ووطنيتها ويصبغ رايتها على هواه ذات اليمين وذات الشمال إنه الهوان والذل والله.

شيخ قبيلة لا يكاد يفقه قولا سيصوت لصالح زرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وتغيير ثوابته الوطنية مقابل قطعة أرضية أو دفتر وقود مدفوع الثمن أو رخصة صيدلية، بالنسبة لشيخ أمي لم ينل حظا من الثقافة أو المدنية فالصيدلية والأرض والوقود أهم من الشعب ومن الجمهورية. سلطة الشعب والدفاع عن مصالحه واستقراره وأمنه مفردات لاتسمعها لدى البرلمانيين الموريتانيين الذين جبلوا إلا من رحم ربك على التصفيق والتهليل وحتى البكاء ولها في الرئيس وسياساته وصولاتهم في ذلك موثقة بالصوت والصورة. في امرك هذه الهجمة غير الدستورية على دستور الجمهورية يجب على الشعب الموريتاني أن يمنح ميدالية التخاذل لمعارضته المهادنة المتخاذلة التي ضربت أروع الأمثلة في الجبن السياسي والغباء المجتمعي.

المعارضة التي اجتمعت لتقول أنها"تحتفظ بحق الرد" وأنها ستصعد في"الوقت الذي تراه مناسبا" تراه قريباونراه بعيدا بعد هذه المعارضة عن قاعدتها الشعبية المنهكة بالغبن والظلم وانعدام الأمل بالتغيير. لكن لتكون الأمور أكثر وضوحا لشرذمة البرلمانيين الذين ينوون الاعتداء على دستور الجمهورية على هؤلاء أن يعلموا أنهم فتحوا الباب مشرعا للصدام بين أفراد هذا الشعب ، وأنهم يؤسسون لمرحلة غامضة من تاريخ هذه البلاد لايحكمها دستور ولا قانون وأنهم بعبثها هذا يلعبون بنار قد تأتي على الأخضر واليابس وأن الأجيال القادمة التي قد تنسى شراهتهم في نهب ثرواتها ستتذكر دائما قطاع الطرق الذين سطوا على ماضيها وحضارتها ورموزها الوطنية وستحاسبهم بأحكام قاسية للتاريخ والجغرافيا والذاكرة الجمعية للأمة الموريتانية.