الجزائر تبدأ اجراءات تقشف

سبت, 2014-12-27 21:56
تقشف بالجزائر

دخلت إجراءات التقشف التي أعلنها مجلس وزاري مصغر بالجزائر  الأربعاء الماضي، حيز التنفيذ، أول أمس، عبر تعليمة للوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، وجهت لأعضاء الحكومة والولاة والمدير العام للوظيفة العمومية. وذكرت التعليمة بأن “احتمال دوام انهيار سعر البترول قد يترتب عنه تراجع كبير لإيرادات الميزانية، مع التأثير المحتمل على التوازنات الداخلية والخارجية”.

ووقع الوزير الأول الجزائري ، عبد المالك سلال، أول أمس، تعليمة تحمل رقم 348 تحت عنوان “بخصوص تدابير تعزيز التوازنات الداخلية والخارجية للبلاد”، ورغم أن تعليمة سلال من أولها لآخرها، والواقعة في 3 صفحات، كلها اعتراف صريح بـ”تأثير سعر البترول على التوازنات الداخلية والخارجية”، إلا أن الحكومة حاولت ترك مساحة لنفسها تناور فيها الجزائريين، ونصت التعليمة في هذا الشأن على أن “بلادنا تملك القدرات لمواجهة ذلك، والحفاظ على برنامج التنمية المدعم للسياسة الاجتماعية للحكومة، في ميادين التربية والتعليم العالي والمهني والصحة والسكن”، علما أنّ هذه القطاعات هي أفضل استثمار للمستقبل.
وعلى ضوء ما تسميه الحكومة بـ”التراجع الكبير لإيرادات الميزانية”، طلب الوزير الأول من وزرائه أن يتبنوا “حتما وأن يمتثلوا لمسعى وانضباط حكومي متناسق واستشرافي وحذر، في مجالات نفقات التسيير والتجهيز وتحسين الموارد وتمويل الاقتصاد والتجارة الخارجية وتنويع الاقتصاد خارج المحروقات وفي مجال المراقبة”.
ورسمت الحكومة إجراءات التقشف في “مجال نفقات التسيير”، عبر التحكم في عمليات التوظيف، من خلال “تعليق كل توظيف جديد ماعدا في حدود المناصب المالية المتوفرة من خلال اللجوء، وبعد موافقة الوزير الأول، إلى تنظيم المسابقات والاختبارات المتعلقة بذلك، وتفضيل اللجوء، كلما كان ممكنا، إلى إعادة نشر المناصب المالية الموجودة”. للإشارة، الموظفون ضمن إطار الوظيف العمومي هم أصحاب الشهادات الجامعية.
الحكومة تعــترف بـ”تبذير أمــوال الشعب”..
وأُلزم أعضاء الحكومة بـ”التحكم في نفقات التسيير المرتبطة بالحد من التنقلات الرسمية إلى الخارج، بما يجعلها تقتصر على ضرورة التمثيل القصوى، وتقليص التكفل بالوفود الأجنبية التي تزور بلادنا في إطار المبادلات الثنائية أو بمناسبة التظاهرات المختلفة، وضرورة إخضاع تنظيم اللقاءات والندوات وغيرها من التظاهرات إلى القواعد الصارمة لمدى جدواها”. ومعنى هذا الإجراء، أن الحكومة تعترف على نفسها بممارستها تبذيرا في مهمات المسؤولين للخارج وإنفاقا غير مقنّن في الندوات.
وحسب التعليمة، فقد منحت الأولوية في مجال “نفقات التجهيز” لإتمام المشاريع التي انطلقت في الآجال المحددة وضمن التكاليف المقررة، وتأجيل المشاريع غير الضرورية”، فيما أجبر “التقشف” الحكومة على “استخراجها فقط من مجال الميزانية المشاريع ذات الطابع التجاري التي لم يتم الانطلاق فيها أو المزمع تسجليها وتوجيهها نحو تمويلها جزئيا أو كليا من السوق المالية، وفق حصة تبعية الخدمة العمومية المنوطة بالدولة”.
وحملت تعليمة سلال تناقضا مع أمر أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ أسابيع، يقضي بمنع اللجوء إلى صيغة التراضي مهما كانت الأسباب، لكن الوزير الأول طلب من وزرائه أن “يكتسي اللجوء إلى صيغة التراضي البسيط طابعا استثنائيا، طبقا لأحكام قانون الصفقات العمومية”، فيما “يلجأ أصحاب المشاريع تلقائيا وإجباريا في إطار الصفقات العمومية، إلى المواد المصنعة وطنيا”.
وتحت تسمية “تضافر كل الجهود”، ستقوم الحكومة بتحسين نسبة تحصيل الجباية العادية ومردودها، من خلال التوسيع التدريجي لقاعدة الوعاء الضريبي، ومضاعفة التدابير الرامية إلى إدماج النشاط الموازي (الأسواق الفوضوية) في النشاط الرسمي، وتحسين مستوى تحصيل الإيجار والأعباء وغيرها من الإتاوات (الكهرباء والماء)، وزيادة البحث عن المحروقات واستغلالها بما فيها غير التقليدية.
وجنّدت الحكومة، في إجراءات التقشف، ضمن مجال “تحسين الموارد”، البنوك والمؤسسات المالية للمساهمة أكثر فأكثر في تمويل الاقتصاد، والعمل على تطوير سوق رؤوس الأموال تحسبا لجعلها بديلا لميزانية الدولة في تمويل الاقتصاد، بينما في مجال التجارة الخارجية، طلب من أعضاء الحكومة “العمل بصفة منسقة على تنفيذ تدابير مراقبة عمليات التجارة الخارجية والترتيبات العملياتية من أجل مكافحة، بلا هوادة، التحويلات غير القانونية للعملة الصعبة”.
وتركت تعليمة الوزير الأول، عبد المالك سلال، غموضا في مجال “المراقبة”، وجاءت التوجيهات عامة: “من الحتمي أن يتم تعزيز أدوات رقابة الدولة، ولاسيما في المجال المالي والضريبي والتجاري والصناعي والمراقبة الجمركية وتحويل العملة الصعبة”. فمن المعني بهذه التوجيهات هل هم الأغنياء أصحاب الثراء الفاحش أم المتهربون من دفع الضرائب بمئات الملايير، أم الحلقة الضعيفة وهم العمال والموظفون؟ 

الخبر الجزائرية