فورين بوليسي: هل يحقق أردوغان أهدافه من زيارة أمريكا؟

أربعاء, 2017-05-17 11:29

عندما انتُخب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، ودّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومؤيدوه لو تتحسن العلاقات المشتركة بين تركيا وأمريكا. بدا ترامب وكأنه لا يهتم بتوبيخ تركيا بخصوص خرقها لقوانين حقوق الإنسان، عكس ما كان يفعله سلفه باراك أوباما. بعد تمرير الدستور التركي المتصدع قانونيًا بزيادة السلطات الخاصة برجب طيب أردوغان، في خطوة وصفتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بتصويت غير مستقل وغير عادل، هنئه ترامب على نجاحه عوضًا عن توبيخه.

في التاسع من مايو، قبل أسبوع واحد من زيارة أردوغان للبيت الأبيض، أعلنت أمريكا عن إمداد قوات الأكراد، المُمثلة في وحدات حماية الشعب السورية، بالأسلحة؛ كجزء من مساندة أمريكا للقوات الديمقراطية السورية العاكفة على مهاجمة الرقة.

تعتبر أمريكا قوات وحدات حماية الشعب أفضل قوة على الأرض، وأهم حليف لها في حربها ضد داعش، إلا أن تركيا تختلف معها، وتعتبرهم إرهابيين. كما تدعي أن لهم جناح حربي مكون من الأكراد الإرهابيين المُنتمين إلى حزب العمال الأكراد الخارجين عن القانون، مما يثير غضب أنقرة.

هنا علّق سونير كاجاباتاي, خبير تركي يعمل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قائلًا: “أردوغان غير سعيد بالمرة من هذا القرار بسبب وجهة نظره عن وحدات حماية الشعب المتصلة مع حزب العمال الأكراد. في الأساس تحارب تركيا نفس الرجال المتعاونين مع أمريكا، بصرف النظر عن هدفهم من مساعدة أمريكا في تحرير الرقة”.

الإثنين الماضي، تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في هذا الخلاف، مصرحًا أنه سيضرب أمريكا في مقتل، بعدما أشار إلى عدم رؤيته أي أهمية لتسليح أكراد سوريا. إلى جانب ذلك، استغلت روسيا الكارت الخاص بالأكراد كوسيلة للتفاوض أثناء اتفاقياتها مع تركيا. عندما تصبح الأوضاع أقل حدة مما هي عليه الآن، ستُلقي موسكو بالأكراد في مهب الريح وتتخلص منهم، حيث تستغل روسيا عدو تركيا الكردي، وتتقرب منه عندما تزداد حدة التوترات مع أنقرة، مثلما حدث عام 2015.

هنا نجد السؤال الأهم يطرح نفسه: هل يُعد تسليح وحدات حماية الشعب بمثابة المسمار في نعش العلاقات الأمريكية التركية المتهالكة؟

من المتوقع ألا تنهار العلاقات بينهما. فأولًا، قد يكون إعلان البيت الأبيض بتسليح أكراد سوريا في هذا التوقيت بعينه؛ ما بعد تقنين الدستور التركي مع زيارة أردوغان، مقصودًا. ليس من المقنع أبدًا إن الإدارة الأمريكية قررت فجأة تسليح الأكراد، رغم آراء المخططين العسكريين التي لطالما دارت حول أهمية هذه الخطوة؛ لاستعادة الرقة من داعش. من المحتمل أن هذه الخطوة بدأ مسارها منذ عامين.

من الممكن أن يصل كل من ترامب وأردوغان إلى اتفاقية مشتركة، تنص على تسليم تركيا مدينة الرقة إلى أمريكا وحلفائها الأكراد السوريين، مقابل منح تركيا الضوء الأخضر لضرب منطقة سنجار، معقل حزب العمال الأكراد في شمال العراق.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، قصفت تركيا العديد من المناطق في سنجار، استهدافًا للأكراد. الأمر الذي استنكرته كل من الحكومة العراقية والجماعات الكردية. يأمل أردوغان أن تنظر أمريكا في الإتجاه الآخر لتتغاضى عمّا تقوم به تركيا من هجمات.

في محاولة أخرى للتفاوض، قد تتجه أمريكا إلى زيادة الضغوطات على حركة فتح الله كولن، وهو رجل دين يعيش في بنسلفانيا، وحليف سابق لأردوغان، قبل أن يتهمه الأخير بالتحريض على الانقلاب العسكري ضده في يوليو الماضي.

كثيرًا ما حاولت تركيا إجبار أمريكا على تسليم كولن لها، إلا أنها فشلت في توفير أي أدلة دامغة لمسؤولي أمريكا إثباتًا لادعاءاتهم. لكن في الواقع يتخفى كولن وراء العديد من الشبكات المتضافرة من المدارس والمراكز الثقافية، التي تستطيع أمريكا من خلالها الكشف عن طرق لتضييق الخناق على تركيا أكثر.

أخيرًا، استطاعت أمريكا تقديم التنازلات في قضية ريزا زراب، رجل الأعمال التركي الذي سُجن بسبب خرقه للعقوبات الإيرانية. لكن قد تتسبب هذه التطورات في التأثير سلبيًا على فريق ترامب، فهي تنازلات قد لا يحتاج البيت الأبيض إلى اتخاذها من الأساس.

يبدو أن كلا الرئيسين على استعداد تام لبداية جيدة سويًا والتغاضي عن العديد من القضايا، مثل حقوق الإنسان؛ لمجرد الوصول إلى هدف ما من مناقشة القضايا المشتركة بينهما، التي تتضمن محاربة داعش والإرهاب. بالتالي وافق أردوغان على التغاضي عن سياسات ترامب المعادية للإسلام، والتدابير التي اتبعها في الآونة الأخيرة.

من المدهش أن أردوغان لم يظهر على الساحة، ولم يُبد رأيه عندما منع ترامب دخول المسلمين إلى أمريكا. عادة ما يكون لدى أردوغان رأيًا بخصوص كل شيء. هذا في حد ذاته خطوة تعبّر عن رغبته في بدء علاقة جيدة مع ترامب، فأردوغان يعتزم الوصول إلى هذه المكانة، وسيصل إلى المكتب البيضاوي ويصافح الرئيس الأمريكي، رغم العواصف التي يتسبب فيها ترامب في العالم الإسلامي.

لن يُجبر أردوغان على الجلوس وسط محاضرة مع السياسيين والموظفين المدنيين والصحفيين المسجونين في تركيا منذ فشل الانقلاب العسكري. سيتفاجأ العالم إذا ما ذُكر في اجتماعه مع ترامب أي كلمة بخصوص حقوق الإنسان.

 

المصدر: فورين بوليسي