تعدد الزوجات.. وجه آخر للصراع الفلسطيني الإسرائيلي

خميس, 2017-10-19 11:33

منحت وزارة القضاء الإسرائيلية النيابة العامة الضوء الأخضر لمحاربة ظاهرة تعدد الزوجات بالداخل الفلسطيني والمنتشرة بشكل خاص في أوساط البدو بالنقب، وذلك بهدف الحد من نسب الولادة الطبيعية العالية لدى العرب.

وحسب المعطيات الرسمية للشرطة الإسرائيلية، فإن نسبة تعدد الزوجات بالنقب تصل إلى 36%، كما تفيد معطيات الجمعيات العربية بأن النسب لا تتعدى 18%.

وترى الفعاليات الفلسطينية بالداخل في مزاعم المؤسسة الإسرائيلية بتضخيم النسب محاولة لتبرير تشديد الإجراءات وتطبيق القانون الجنائي، سعيا للحد من التكاثر والولادة الطبيعية بين بدو فلسطين بالنقب.

وينسجم هذا التوجه مع الخطة التي قدمتها وزيرة القضاء أيليت شاكيد، التي صادق عليها المستشار للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت في فبراير/شباط الماضي.

وتقضي الخطة بتشديد الإجراءات بإلزام المكاتب الحكومية والمحاكم الشرعية بالكشف عن المعلومات العائلية وتطبيق القانون لمنع ظاهرة تعدد الزوجات بين فلسطينيي 48 تحديدا، الذي ينص على فرض عقوبة السجن لمدة خمسة أعوام.

وكشفت المؤسسة الإسرائيلية عن النوايا الحقيقية والأهداف من وراء تطبيق القانون على فلسطينيي 48 دون غيرهم من المواطنين بإسرائيل، حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ظاهرة تعدد الزوجات عند الفلسطينيين بالتهديد للأمن القومي والوجودي لإسرائيل.

ووفقا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية، بلغ عدد السكان بإسرائيل ثمانية ملايين و743 ألف نسمة، يشمل اليهود والعرب، بما في ذلك سكان القدس المحتلة والجولان السوري المحتل.

وبلغ عدد اليهود ستة ملايين و523 ألف بنسبة 74.6% من السكان، بينما العرب عددهم مليون و824 ألفا يشكلون ما نسبته 20.9% من السكان، كما تم تصنيف 396 ألفا كـ"آخرون"، يشكلون 4.5% من السكان، وهم المسيحيون من غير العرب، وطوائف أخرى.

 

تكاثر وحصار
النائب بالكنيست عن القائمة المشتركة سعيد الخرومي من سكان النقب، يرى في تجريم إسرائيل تعدد الزوجات محاولة لحصار فلسطينيي 48، والسعي لتقليل أعدادهم، بعد أن فشلت كافة مخططات المؤسسات الإسرائيلية لمنع التكاثر الطبيعي والزيادة السكانية باستنزاف طاقات المجتمع الفلسطيني والبدوي على وجه الخصوص، عبر مصادرة الأرض وهدم المنازل والحرمان من مقومات الحياة والخدمات الأساسية.

واعتبر الخرومي ظاهرة تعدد الزوجات بصفوف البدو بالنقب جزءا من الموروث الحضاري والثقافي المتوارث عن أجيال حتى قبل قيام إسرائيل، حيث إن هذا الموروث هدفه الحفاظ على البنية المجتمعية وأواصر القربى وتقليل نسبة العنوسة.

ولفت إلى أن الظاهرة في العصر الحديث انحسرت ولا تتعدى 18%، مما يؤكد أن النظرة الإسرائيلية لتعدد الزوجات بالنقب أمنية بامتياز، وتهدف إلى تحسين الميزان الديموغرافي لليهود على حساب الوجود العربي.

وقال الخرومي للجزيرة نت إن ما يقلق المؤسسة الإسرائيلية هو الزيادة الطبيعية للبدو بالنقب البالغ عددهم 230 ألف نسمة، منهم 97 ألفا دون سن 18، وهذا العدد -بحسب التقديرات الإسرائيلية- يتضاعف كل 15 عاما.

وأضاف أن محاربة التكاثر الطبيعي بالنقب تأتي تحت شماعة محاربة تعدد الزوجات عبر الترويج للمشاريع والمخططات الحكومية والسعي للنهوض بالمجتمع العربي وتوفير فرص العمل وتشجيع المرأة على الخروج لسوق العمل.

 

خطر وصراع
ويقول نائب رئيس الحركة الإسلامية الشيخ كمال خطيب إن القانون يتغاضى عن الظاهرة الاجتماعية البديلة لتعدد الزوجات والمنتشرة بالمجتمع الإسرائيلي وتعرف "بالصديقة" أو "المعرفة في الجمهور" بحيث لا يجرمها القانون.

ولفت إلى أن المؤسسة الإسرائيلية تجيز وتسمح لليهود بالزواج بامرأة ثانية وثالثة، والإنجاب دون عقد زواج صادر عن "الحاخامية اليهودية"، لا سيما مع صدور فتاوى لبعض الحاخامات تجيز لليهود تعدد الزوجات لمضاهاة الولادة الطبيعية للفلسطينيين ومواجهة "الخطر الديموغرافي" بغية الحفاظ على "يهودية الدولة".

وشدد في حديثه للجزيرة نت على أن هذا الإجراء ينسجم مع مخططات المؤسسة الإسرائيلية التي تستهدف وجود الشعب الفلسطيني في وطنه، وتعتبره قنبلة موقوتة، مبينا أن البعد الديموغرافي أضحى الوجه الأبرز للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأصبح تعدد الزوجات بمثابة وجه آخر للصراع.

 

المصدر : الجزيرة