
الشيخ الأول ورث حب السياسة عن أبيه، فهو سليل أسرة أهل ببانا العريقة، وابن شيخ المنتخبين الموريتانيين أحمدو ولد حرمه، الذي أسال وما زال يسيل الكثير من الحبر.
ورغم أن "ببانا الإبن" أختار مهنة الطب والتشخيص خاصة، إلا أن السياسة أبت إلا أن يكون لها منه حصة، سنين طويلة قضاها الشيخ في الترحال بين المعارضة والموالاة، ولما تعبت من السفر الطويل حقائبه، حط الرحال في فندق وسط العاصمة نواكشوط، وأقسم بأغلظ الأيمان أمام رهط من الصحافة بأنه سيدعها لأنها منتنة.
غادر الشيخ السياسة محملا بانتكاساته الكثيرة وانتصاراته النادرة، وأوسع المكان للجيل الثالث من الأسرة الكريمة، فاستحق بذلك على حزبه لقبا سبقه إليه عكاشة هو "الرئيس المؤسس"، لكن لا ضير في ذلك ما دمنا في بلد شعاره "جميع الحقوق غير محفوظة".
وأما الشيخ الثاني، فهو شيخ المسلمين وزينة العلماء الشناقطة، العلامة محمد الحسن ولد الدوو، علاقة الشيخ بالسياسة عويصة جدا تماما كتلك المسائل الفقهية التي عودنا على أن يمخر عبابها، فبين قائل إنه من حزب تواصل وقائلة بأنه منظر للحركة الإسلامية فقط لا غير، ظلت صلة الشيخ بالمشهد الوطني بين مد وجزر حسب مزاج المواسم السياسية.
ولأن الإسلاميين عودونا دائما على أن يعيروا مقياس علاقتهم بالسلطة على ساعة شيخنا الجليل، فقد كان من الطبيعي جدا أن يثير استقبال الشيخ الددو للرئيس وسلامه عليه نقاط استفهام كثيرة:
هل عدنا إلى المعارضة الناصحة؟ وهل الشيخ هو من سلم على الرئيس أم أنه كان سلاما بالوكالة؟ وهل ستحتاج هذه الساعة مع الرئيس هي الأخرى إلى فتوى كما احتاجت إلى ذلك ساعة الاتصال من قبلها؟
...تلك حكاية أخرى من حكايات سيدة متقلبة الأطوار والأمزجة، اسمها السياسة الموريتانية، يلقبها العارفون بشأنها ب"سيدة المفاجآت".
نقلا عن صفحة الكاتب على الفيس بوك