في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" وبعد أن أقسم المتهم "سرحان عبد البصير" الذي هو عادل إمام بكل ما يملك وما لا يملك، بأن لا ناقة له ولا جمل ولا بعير في جريمة قتل جارته "الراقصة"، سأله القاضي: " لماذا إذن لم تغير شقتك عندما علمت بأن جارتك راقصة؟"
فرد عليه عادل إمام قائلا: "والله يا سيادة القاضي، لو أن كل واحد منا ترك شقته لأن جارته راقصة، لوجدنا أنفسنا جميعا في العراء".
هذا المشهد قفز إلى ذاكرتي وأنا أحاول، ذات مساء رمضاني بدون كهرباء، أن أبتلع قرار الحكومة الأخير القاضي ببيع ثلاث مدارس بالمزاد العلني.
حكومتنا حفظها الله وأدامها تاجا على رؤوسنا، عللت قرارها "التاريخي" هذا، بمحاذاة هذه المدارس لأسواق وسط مدينة نواكشوط، مما يفرض حماية التلاميذ من المخاطر الدائمة الملازمة لجوار الأسواق والتي تشمل الاعتداءات والعنف والضجيج..
ومع أنه لا توجد في هذه الدنيا الواسعة نظرية علمية واحدة، يمكن أن تفسر هذا الحنان الرائع الذي نزل دفعة واحدة على حكومتنا الموقرة وجعلنا نحن نصاب بدوخة وقرحة وحرقة، إلا أن هذه المشكلة تبدو صغيرة للغاية إذا ما قيست بمعضلة أخرى أكبر وأدهى وأمر.
فنحن نعيش في بلد تنمو فيه الأسواق كالفطر، تماما كالراقصات في مصر، وإذا كانت الحكومة ستتخلص بمزادات علنية من كل المدارس المحاذية للأسواق، فسينتهي بنا الأمر إلى "حكومة مزاجات علنية" وتلاميذ يتسكعون في العراء .
بصراحة أعتقد أن الأستاذ عادل إمام محق، لكن ذلك لا يعني أبدا أنني أعارض قرار الحكومة...أعوذ بالله.
نقلا عن صفحة الكاتب