نحن نعيش تحت المراقبة طيلة الوقت. هناك أكثر من 2300 كاميرا أمنية في مانهاتن، 10 آلاف على الأقل في شيكاغو، ما يقرب من نصف مليون في لندن. ثم هناك كل الطرق السرية -وهي في الحقيقة ليست سرية جدًا- التي تبقي بها الحكومة عينها على الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
الفنان فلوريان فراير قلب السحر على الساحر، واستغل مشروعه في تخزين صور المناظر الطبيعية “لاندسكيب” باستخدام تطبيق خرائط جوجل (Google Maps) في التجسس على نظم المراقبة في ألمانيا، المفارقة هنا أنه لم يأخذ الصور، أو حتى اللقطات التي ظهرت في تقريره بنفسه؛ بل تم سحبها من ملفات فرعية مخبأة على كل صفحة ويب زارها خلال بحثه. إنه أمر مذهل وغريب، ومثير للقلق كذلك، ويثبت أنه حتى عندما كنت تتجسس على الآخرين فهناك شخصٌ ما ربما يتجسس عليك.
فلوريان استلهم محاولات الفنان الألماني تريفور باجلين، وهو فنان معروف بشغفه باستكشاف نظم المراقبة والأمن الوطني. كان قد دعا الناس مؤخرًا لتوثيق البنية التحتية لنظم المراقبة في ألمانيا، ووعدهم بضم أفضل الأعمال التي تصله إلى معرضه القادم في فرانكفورت. كما صرح لمجلة frieze d/e، فقال إنه يريد مساعدة الفنانين في “تخيل إبداعات فنية، أو خلق صور، التي من شأنها أن تسمح لنا بفهم حقيقة نظم المراقبة الجماعية“.
كان مشروع فلوريان فراير هو استجابة لتلك الدعوة؛ فقبل بدئه في هذا المشروع، لاحظ فراير أنه في كل مرة يزور صفحة ما، أو ينقر على خريطة على الشبكة، يخزن متصفحه صورة بذلك، هذا الشيء الذي اكتشفه أثناء فحصه للقرص الصلب الخاص بجهازه. لذا؛ فقد قام في مشروع الصور المخزنة بفعل ذلك عن عمد، باستخدام خرائط جوجل لاستكشاف مواقع يعتقد أنها المفتاح لإشارات جهاز الاستخبارات الألماني (SIGINT)، والقواعد العسكرية الألمانية والأمريكية، والسفارات وما شابه ذلك. “استمتعت بمحاولاتي في إيجاد هذه المناظر الخفية التي كان يبحث عنها باجلين في ذات الوقت، لكن البيانات التي وجدتها بعد ذلك على جهاز الكمبيوتر الخاص بي كانت أيضًا المناظر الخفية الخاصة به هو شخصيًا“، كما يقول.
وقال الفنان إنه لا يملك أي مبادئ توجيهية خاصة في عملية خلق الصور أو بالأحرى تخزين الصور، ولكنه قرر أن كل مركب يشمل 81 مصغرًا لتشكيل شبكة لطيفة متداخلة من الصور. كان يحب حقيقة أنه (صنع) صورًا من صور أخرى. وقد استخدم خدعة مماثلة في مشروعه “The Eye of God” باستخدام الفوتوشوب وخرائط جوجل لإعادة تشكيل صور مطابقة لأعمال المصور الشهير “أندرياس غورسكي” في البحرين.
تمتع “فراير” بتحدي “باجلين” في ابتكار تشكيلات فنية بصور المراقبة الجماعية المخزنة للاندسكيب، هذه الصور التي يمكن فهمها بطريقة مباشرة جدًا وعاطفية، ولكنها أيضًا تنقل معلومات ومعاني عميقة جدًا. كما تساءل عما إذا كان أي من الأشباح والجواسيس الذين كان يراقبهم يراقبونه بدورهم حاليًا.
“إن كان صحيحًا حقًا أن البيانات الخاصة بنا تتم متابعتها وتخزينها من قبل منظمات سرية كما نقرأ في الأخبار كل يوم منذ نشر ملفات سنودن، إذن؛ فالتجسس على محطات المراقبة المثبتة في خرائط جوجل سيجلبني بالتأكيد في دائرة اهتمام هذه المنظمات”، كما يقول. وأضاف: “هذا الأمر في الحقيقة مخيف جدًا. لا أدري لم أفعل ذلك، ربما أنا فقط لا أستطيع أن أصدق بأن هذا يمكن أن يكون صحيحًا“.
