وفقًا لإحصائيات مارس 2015، يستخدم الفيس بوك 936 مليون شخص يقومون بالمشاركة على الموقع بشكلٍ يومي، و1.4 مليار مستخدم نشط شهريًا، الأمر الذي يجعله أضخم شبكة تواصل اجتماعي، وأكبر دولة تحتوي على هذا القدر من المواطنين الذين يتشاركون في كافة أمور الحياة سواءً أكانت تتعلق بالعمل، الدراسة، العائلة، التسلية، أو حتى أمورٍ شخصية.
أيضًا وفقًا للإحصائيات، فإن متوسط الوقت الذي يقضيه كل مستخدم على الفيس بوك هو 20 دقيقة يوميًا.. الأمر قد يبدو صادمًا على الأخص بالنسبة للمستخدمين العرب الذين يقومون بقضاء الساعات يوميًا على الفيس بوك، لكن هذه هي النتائج الرسمية التي تم نشرها من خلال صحيفة بيزنس انسايدر.
ربما السبب في الإحساس بتدني نتائج متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين بشكلٍ يومي، هو تواجد الملايين الذين لا يستخدمون الفيس بوك سوى مرة أو اثنتين كل شهر، على عكس 936 مليون يقومون بالنشر، التعليق، الإعجاب، ومتابعة الأشخاص والصفحات بشكلٍ يومي. أما المستخدمون العرب، فيشير تقرير “وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي لعام 2015″ الى أن 89 % من مستخدمي الفيس بوك من العرب، يقومون بالدخول والمشاركة على الموقع بشكلٍ يومي. جديرٌ بالذكر أن عدد العرب قد تجاوز 81 مليون مستخدم لموقع فيس بوك في بداية مارس لعام 2014.
كل هذه الأعداد الرهيبة من المستخدمين، وإجمالي الوقت الذي يتم تضييعه بشكلٍ يومي، بالإضافة إلى اختراق الفيس بوك لمظاهر الحياة اليومية باعتباره مظهرًا عامًا وروتينًا، أدى إلى ظهور مصطلح “إدمان الفيس بوك” والذي يعني عدم القدرة عن البعد عن هذه الشبكة، وإضاعة كم هائل من الوقت دون جدوى.
علامات إدمان الفيس بوك
هناك العديد من العلامات التي تدل على أن فاعلها أصبح مدمنًا للفيس بوك، تلك العلامات بالطبع ليست قاطعة، وتختلف من شخصٍ لآخر حسب طبيعة استخدامه للموقع، لكن بشكلٍ عام هذه هي العلامات التي توضح إدمان الملايين لموقع فيس بوك:
1- قضاء أكثر من ساعة واحدة يوميًا
تتنوع أهداف المستخدمين لموقع الفيس بوك، لذا إذا كنت تقوم باستخدام الفيس بوك لأهدافٍ شخصية، أو بهدف التسلية، فإن قضاء أكثر من ساعة واحدة يوميًا يُعد إدمانًا للموقع حسب آراء بعض الخبراء. أما في حالة كنت تقوم باستخدام الفيس بوك لأهداف العمل، الدراسة، اكتساب الخبرات، أو الأهداف المعرفية بشكلٍ عام، فإن مدة الاستخدام قد تزيد على ثلاث ساعات بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يجب عليهم قضاء الساعات على الموقع من أجل متابعة العمل كمحللي الصفحات الاجتماعية، ومهام التسويق الإلكتروني. الوحيد الذي يمكنه تحديد كمّ الوقت الزائد عن الحد هو المستخدم ذاته.
2- الهوس الزائد بتحديث الصفحة الشخصية
في الوقت الذي يهتم فيه البعض بإجراءات الخصوصية بين صفحات فيس بوك، يقوم العديدون بتحديث صفحاتهم الشخصية بشكلٍ متواصل دون ملل. المشاركات الزائدة على الحد، مشاركة الأمور الشخصية بشكلٍ زائد، وكتابة كل ما تراه ويحدث أمامك، كل هذه المظاهر تعد من الهوس الزائد الذي يؤدي إلى إدمان الفيس بوك.
بدلًا من القيام بأداء الواجبات والفروض المنزلية، أو القيام بالعمل، يشعر مدمنو الإنترنت بالقلق والتعصب لعدم قيامهم بتحديث حالتهم على فيس بوك كل ساعاتٍ قليلة، بالإضافة إلى الشعور بعدم الارتياح في حالة عدم تغيير الصورة الشخصية كل عدة أيام.
3- تفضيل الفيس بوك على الحياة الواقعية
حينما يتعلق الأمر باستخدام الفيس بوك، يرسل الكثيرون الرسائل، مشاركة الصور والأخبار، تحديث الحالة، الإعجاب، وكتابة التعليقات بشكلٍ زائد عن الحد، ربما إلى الحد الذي ينسى فيه هؤلاء أنهم يمتلكون حياة واقعية يجب أن يعيشوها!
إذا كنت مدمنًا للفيس بوك، حينها ستصبح حياتك قاصرة على الكتابة والإعجاب بشكلٍ افتراضي، ستصبح سعادتك تتأثر بعدد الإعجابات والتعليقات التي تظهر على صفحتك بدلاً من السعادة الناتجة عن قضاء بعض الوقت مع العائلة، تصفح السماء في الليل، أو حتى قضاء الوقت الممتع مع الأصدقاء. إذا كنت تفضل حياتك الافتراضية على حياتك الواقعية حينها تأكد بأنك أحد مدمني الفيس بوك.
4- السعي المستمر لزيادة عدد الأصدقاء
في قانون الصداقة، طبيعة العلاقات ذات المغزى فقط هي التي تحدد عدد الأصدقاء وليس عددها. حينما تمتلك خمسة آلاف صديق على فيس بوك فهذا لا يعني أي شيء على الإطلاق سوى أنك لديك معدل عالٍ من التواصل الاجتماعي الافتراضي. أما حينما نتحدث عن الواقع فإن كل تلك الأعداد لا تمثل أي أهمية تذكر سوى كونها مجرد أرقام.
إذا كنت من الباحثين عن زيادة عدد الأصدقاء دون داعٍ، ولا تمل من إرسال طلبات الصداقة إلى من تعرفه ومن لا تعرفها، فأنت إذن مدمن فيس بوك! أضف إلى هذا الأمر أن وجود العديد من الأصدقاء على الفيس بوك يجعل حياتك بائسة، حيث يجب عليك – إذا كنت تسعى إلى إرضاء جميع أصدقائك- كتابة ما يتوافق مع ميول أصدقائك باختلاف ثقافتهم. وفي النهاية لن تستطيع الوصول إلى هذا الأمر، وستجد وابلًا من الشتائم والانتقادات السلبية من الأصدقاء الافتراضيين مما سيؤدي بك إلى الشعور بالحزن والاستياء.
هناك الكثير من العلامات التي توضح حالة إدمان الفيس بوك، مثل الدخول إلى الفيس بوك وقت النوم ووقت الاستيقاظ، تفضيل الفيس بوك على العمل، قضاء الساعات محدقًا في شاشة الهاتف المحمول، والدخول على الموقع حتى أثناء فترة تواجدك بالحمام!
كيف يمكن التغلب على إدمان الفيس بوك؟
من حسن الحظ، أن إدمان الفيس بوك على عكس إدمان المخدرات، يمكن علاجه بطرقٍ سهلة لا تتطلب سوى بعض الصبر. هناك طريقان؛ من أجل التغلب على إدمان الفيس بوك، أحدهما من أجل هؤلاء الذين يظهرون قدرة عالية في التحكم في غرائزهم والوقت الذين يقومون بقضائه على الإنترنت. أما الطريق الآخر فهو من أجل هؤلاء الذين يرغبون في التخلص من هذه المشكلة لكنهم فشلوا في تطبيق الطريقة الأولى.
الطريقة الأولى: التحكم في النفس
تختص الطريقة الأولى في التخلص من إدمان الفيس بوك عن طريق إظهار قدرة التحكم في النفس من خلال بعض الممارسات المختلفة. إذا كنت تود التخلص من تلك المشكلة، إذن يمكنك محاولة تطبيق هذه الحلول.
1- خصص الوقت الذي تقوم بقضائه على الفيس بوك
حينما تقوم بالدخول على الفيس بوك، قم بتحديد عدد الدقائق أو الساعات التي تقضيها. قم بكتابة أو تحديد بعض الأهداف اليومية أو الأسبوعية التي تتعلق بوقت الفيس بوك مثل قضاء ساعة واحدة يوميًا كمثال. كذلك قم بتوزيع الوقت الذي قمت بتخصيصه من خلال خمس أو ست مراتٍ يوميًا بحيث لا تتجاوز المرة الواحدة 10 أو 15 دقيقة، وأيضًا لضمان أنك تتصفحه في أوقاتٍ مختلفة مما يضمن عدم القلق بخصوص ما إذا كان فاتك بعض المحتويات الهامة التي تتابعها.
2- توقف عن تحديث صفحتك الشخصية
إذا كنت تقوم بالمشاركة وتحديث حالتك الشخصية باستمرار عدة مرات في اليوم الواحد، قم بتقليل هذا العدد بالتدريج. بمعنى إذا كنت تقوم بتحديث حالتك خمس مراتٍ يومية، حينها قم بتقليص هذا العدد إلى ثلاث مرات، ثم مرتين، ثم مرة واحدة حتى تتوقف تمامًا.
حينما تتوقف عن تحديث حالتك الشخصية، سيقل بالتدريج عدد الإعجابات والتعليقات التي تحصل عليها، مما سيؤدي إلى سهولة التوقف عن الدخول إلى الموقع؛ نظرًا لانعدام التفاعل مع ما تقوم بنشره، وأيضًا لقلة عدد الشعارات والرسائل التي ستصل إليك.
3 – العمل أولًا.. الفيس بوك لاحقًا
إذا كنت من الأشخاص الذين يعملون بالفعل، حينها قم بقضاء الوقت أولًا في إنجاز مهامك وأعمالك والتزاماتك ثم فكر بعدها في الوقت المتبقي وكيفية قضائه. أما إذا كنت طالبًا أو من غير العاملين بشكلٍ عام، حينها يمكنك استثمار هذا الوقت الضائع في الحصول على وظيفة بدوامٍ جزئي، أو العمل من خلال الإنترنت. كل تلك الأمور ستساهم تدريجيًا في تقليل الوقت الذي تقوم بقضائه على الفيس بوك.
4- لا تجعل الفيس بوك أول ما تدخل إليه
الملايين من المستخدمين يقومون بالدخول على فيس بوك عند استيقاظهم وقبل نومهم على الأخص من خلال الهاتف. بدلًا من الدخول إلى المواقع الأخرى أولًا، قم بفعل المهام اليومية. أما إذا كان الموقع هو وجهتك الأولى عند الدخول إلى عالم الإنترنت، حينها بإمكانك تغيير تلك العادة، عن طريق الاستمتاع ببعض المواقع الهامة والمفيدة مثل تصفح موقع التقرير قبل دخولك إلى موقع الفيس بوك.
5 – قم بإلغاء خاصية حفظ الدخول
حينما تقوم بالدخول إلى الفيس بوك من خلال الهاتف، أو من خلال المتصفح، حينها تجد نفسك بشكلٍ آلي متواجد على صفحتك الشخصية دون الحاجة إلى تسجيل الدخول. حسنًا من تلك الأمور التي يمكنك استخدامها لتقليل الوقت على الفيس بوك هو إلغاء الدخول إلى الموقع بشكلٍ آلي. حينما تقوم بالدخول إلى الموقع فيما بعد، ستجد نفسك مجبرًا على كتابة اسم المستخدم وكلمة السر. وإذا كان استخدامك متكررًا بشكلٍ يومي، حينها ربما يصيبك الملل من تكرار تلك العملية، وقد تصبح حافزًا في عدم قيامك بالدخول للكسل الذي سينتج عن تكرار كتابتك لرمز الدخول.
6- شارك في الحياة الواقعية
الطريقة الأخيرة التي تساعدك في التخلص من هوس الفيس بوك، هي المشاركة الفعالة في الحياة الواقعية. قم بقضاء بعض الوقت مع العائلة والأصدقاء، قم بممارسة الرياضة، القراءة، المهارات المختلفة. شارك في الأنشطة التطوعية والطلابية والخدمية، قم بممارسة كل ما يساعدك في المشاركة في حياة واقعية بدلًا من المشاركات الافتراضية.
الطريقة الثانية.. استخدام التكنولوجيا للتغلب على إدمان الفيس بوك
في أغلب الأمور لا تنجح الطريقة الأولى إلا مع فئة قليلة من المستخدمين، أما الأغلب فلا يستطيعون الحفاظ على تلك الإجراءات، ومن ثم يعودون إلى استخدام الموقع بشكلٍ متكرر. لذا تتسم تلك الطريقة ببعض الأدوات التي تمنع المستخدمين بشكلٍ نهائي من تجاوز الوقت المسموح به على الفيس بوك، بالإضافة إلى صعوبة تحكم المستخدمين في تلك البرامج ما دام قد تم ضبطها بالفعل.
1- stay focused
أداة هامة تمكنك من التحكم في الوقت الذي تقضيه على الإنترنت بشكلٍ عام. كل ما عليك فعله هو كتابة الموقع الذي ترغب في حجبه، والمدة التي ترغب فيها، وسيقوم البرنامج تلقائيًا بمنعك من الدخول إلى هذا الموقع خلال المدة التي قمت بتحديدها. يمكنك على سبيل المثال تحديد ساعة واحدة من أجل موقع فيس بوك، بعد تجاوزك للساعة ستجد الأداة تلقائيًا قامت بحجب الموقع. كذلك يمكنك حجب الموقع لمدة عدة ساعات بدءًا من وقتٍ معين حسب رغبتك الشخصية.
المميز في هذه الأداة أنها لا تسمح لك بالتعديل ما دامت قد بدأت العمل. إذا قامت الأداة بحجب الموقع حينها لن يمكنك الدخول إلى الموقع إلا بعد انتهاء الوقت المحدد مما يضمن عدم إضاعتك للوقت على هذا الموقع.
يمكنك إضافة تلك الأداة إلى كافة المتصفحات التي تقوم باستخدامها. إذا كنت تستخدم متصفح جوجل كروم يمكنك تثبيتها وإضافتها من هنا. أما إذا كنت تستخدم متصفحًا آخر فيمكنك البحث عن الأداة وإضافتها إلى متصفحك الشخصي.
2- Self control
هذا التطبيق أيضًا يساعدك في الحد من استخدام التطبيقات المختلفة على الأخص الفيس بوك من خلال الهاتف. كل ما عليك فعله هو إدخال الوقت والمدة التي ترغب فيها، وسيقوم هذا التطبيق تلقائيًا بمنعك من الدخول على جميع التطبيقات التي ترغب في منعها. بمجرد ضبط التطبيق على الوقت، وبدء العمل، لن تستطيع تغيير التطبيقات التي قمت بتحديدها، مما يعني انتظارك للمدة حتى تنتهي من أجل أن تستطيع الدخول الى التطبيق.
يمكنك تحميل هذا التطبيق من هنا
3- cold turkey
يمتلك هذا البرنامج العديد من المميزات، على سبيل المثال يقوم بحجب كافة المواقع التي ترغب في حجبها، منع كافة التطبيقات والألعاب التي تقوم باختيارها، وجدولة المواقع التي ترغب في حجبها في تاريخٍ ووقتٍ معين.
كذلك يقوم التطبيق بالعمل من خلال جميع المستخدمين الذين يستخدمون جهاز الكمبيوتر الخاص بك. لن يمكنك الغش وفتح الفيس بوك من متصفحٍ آخر حيث ستجد الموقع محجوبًا أيضًا حين تقوم باستخدامه من أي متصفحٍ كان.
4- وأخيرًا إغلاق وحذف حسابك
إذا كنت لا تحصل على أي فائدة من فيس بوك، وفشلت كافة الطرق السابقة في تقليل الوقت الذي تقضيه عليه، حينها يمكنك إلغاء حسابك على الموقع بشكلٍ نهائي. ستجد نفسك حينها لديك العديد من الوقت الذي تستطيع قضائه في أشياءٍ أكثر أهمية من تضييعها على منصة لا تستفيد منها سوى بالصخب والثرثرة التي لا داعي لها.
الفيس بوك له مميزات، وله أيضًا عيوب، والكيفية التي تحدد استخدامها يتم تحديدها من قِبل كل مستخدم. وبالرغم من كافة المميزات التي تحصل عليها من فيس بوك، إلا أن الشيء الزائد عن حده ينقلب ضده كما تقول الأمثال الشعبية. لذا كن أكثر وعيًا بالوقت الذي تقوم بقضائه على تلك الشبكة وحاول استخدامه جيدًا حتى لا تصبح اجتماعيًا بشكلٍ افتراضي، وتنسى أن وراءك حياة واقعية ما زالت مليئة بالفرص التي يمكنك الاستمتاع بها.