الجزائر: حراك سياسي ساخن على الأبواب

أحد, 2015-08-16 22:54

تستعد الجزائر لاستقبال حراك سياسي ساخن، وذلك لأول مرة منذ سنوات، بسبب تأزم الوضع السياسي، وكذا بداية تأزم الوضع الاقتصادي، في مشهد قاتم لم تعرف البلاد مثله، منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، وهو ما يفتح الباب لعودة الاحتجاجات والاضطرابات، والتي لن يكون بإمكان السلطات مواجهتها بوضع اليد في الجيب، مثلما تعودت على ذلك، لأن البحبوحة المالية التي كانت السلطة تفتخر بها تبخرت، وأموال احتياطي النقد الأجنبي وصندوق ضبط الموارد لم يتبق منهما الكثير، ومليارات الدولارات التي كانت تصيب السلطة بالغرور وبالدوار أيضا التهمتها بضعة أشهر من تراجع أسعار النفط، فالاقتصاد الريعي الذي كان الكثيرون يحذرون من هشاشته تحول اليوم إلى حقيقة صادمة وكابوس استفاق عليه من كانوا يمارسون سياسة الهروب إلى الأمام، ومن ربطوا مصيرهم بكرسي الحكم وربطوا مصير بلد ببرميل من الخام تتحكم فيه وتتلاعب به عوامل خارجية.
السلطة التي لم تقل بعد الحقيقة للشعب تحاول التأقلم مع التقلبات الاقتصادية، في الوقت نفسه الذي تحاول فيه مرة أخرى تسوية الصراع الصاخب بصمته بين مكونات النظام حول تغيير طبيعة النظام نفسه، لكن الأزمة الاقتصادية تبدو أسرع، والسلطة التي ضيعت فرصة 15 سنة، رغم البحبوحة المالية، لبناء اقتصاد حقيقي، لن تتمكن من ذلك في ظرف خمسة أشهر أو حتى 15 شهرا.
وكما جرت العادة، فإن السلطة، كلما وجدت نفسها في ضيق وأزمة، لا تستطيع تقديم إجابات فعلية لها، فإنها تلجأ إلى مسكنات من نوع آخر، بمعنى آخر كلما كانت السلطة في أزمة اقتصادية قدمت تنازلات سياسية، وفي خضم هذه الضبابية التي تلف مستقبل البلاد، عاد الحديث في الكواليس عن إمكانية تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، يتم على إثرها انتخاب رئيس جديد، وتغيير لسلطة السياسية الحاكمة، ومن ثمة وضع حد للانهيار الذي يكاد يكون حتميا، ويبدو أن الأمور ستتحرك في الخريف المقبل، أي في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني، مع العلم أن هذا المشروع قائم منذ أشهر، وكان الجميع يتطلع إلى موعد الخامس من يوليو/تموز الماضي، الذي يوافق عيد استقلال البلاد، لكن في الوقت الذي كان فيه الكثيرون ينتظرون الإعلان عن تنظيم انتخابات مبكرة، فاجأهم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بنيته الذهاب إلى نهاية ولايته الرابعة، لكن الأمور ساءت أكثر منذ ذلك التاريخ، وعاد الحديث عن صراع العصب داخل النظام، وعادت التغييرات داخل المؤسسة العسكرية، والتي يراها البعض عادية وتدخل في إطار إعادة هيكلة الجيش، في حين يرى آخرون أنها حلقة جديدة في الصراع الذي تحول إلى صداع في رأس الدولة الجزائرية.

القدس العربي