في الوقت الذي استأنفت فيه القوة العسكرية الإقليمية لمجموعة الخمسة للساحل عملياتها العسكرية في أوائل شهر أكتوبر بعد عدة أشهر من التوقف تظل أهدافها تطرح أسئلة عديدة.
في 15 سبتمبر خلال قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المنعقدة في واغادوغو وافق رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية على خطة لتمويل قوة الساحل بمليار يورو. قرار بدا للكثيرين بمثابة نقطة تحول لكن ظلت هناك بعض التساؤلات حول مستقبل قوة مشتركة تكافح لتطوير وتحقيق أهدافها. فوراء طموح مقاربة تنموية جديدة للأمن في الساحل تختفي كثير من التناقضات التي لم يتم حلها فيما يتعلق بالهدف الاستراتيجي لمثل هذه المبادرة.
نهج عسكري حازم
تأسست المجموعة التي تضم موريتانيا ومالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد في فبراير 2014 وتم إطلاق القوة في نوفمبر 2015 ومع ذلك فإنها ليست مبادرة التعاون الأولى بين دول الساحل والشركاء الخارجيين دولا ومؤسسات. فمنذ عام 2013 في أعقاب عملية سرفال التي أطلقتها فرنسا في مالي كانت هناك قناعة بضرورة القتال غير الوطني ضد الجماعات "الإرهابية" في الساحل.
تحقيقًا لهذه الغاية؛ قامت العديد من دول الساحل مثل تشاد بتطوير قوات مشتركة تجمع الموارد العسكرية للعديد من الدول لمحاربة عدو متنقل بشكل أكثر فعالية. كانت الفكرة إذن هي تسهيل التعاون العسكري والشرطي والذي غالبًا ما يكون غير موجود بين مختلف بلدان منطقة الساحل للسماح بملاحقة جماعات مسلحة معادية خارج حدود الدولة المجاورة.
على سبيل المثال تم تطوير هذا التعاون عبر الحدود بين تشاد والسودان من خلال إنشاء القوة المشتركة بين تشاد والسودان في عام 2010. وكانت هذه مبادرة مثيرة للاهتمام لأنها أبرمت اتفاقًا أمنيًا بين الدولتين بعد فترة واجهت فيه الدولتان مجموعة من التمردات المتداخلة.
ستؤدي ممارسات التعاون هذه التي شجعتها فرنسا المنخرطة في مالي إلى العديد من العمليات "التجريبية" مثل عملية "روسيت" في نوفمبر 2013 والتي جمعت بين القوات المالية والنيجرية والفرنسية للقيام بأعمال على الحدود بين مالي والنيجر. لذلك فإن الحاجة إلى التعاون العابر للدول للقوات الساحلية هي في الأساس جزء من مقاربة عسكرية وأفريقية.
التغيير السياسي الصعب في أهداف مجموعة الساحل
يمكّن هذا السياق الأولي من فهم الصعوبة الحالية التي تواجهها المجموعة في تحديد أهدافها بشكل أفضل. فقد تضمنت الاتفاقية المنشئة للمنظمة والموقعة من قبل الدول الخمس في ديسمبر 2014 بالفعل إلى جانب الأهداف العسكرية أهداف سياسية أوسع (دمقرطة المؤسسات العامة ومكافحة التخلف والأمن الغذائي وتطوير البنية التحتية الكهربائية والمائية...).
وقد أدت مشاركة المانحين الخارجيين وخاصةً ابتداء من عام 2017 وإنشاء "تحالف الساحل" الذي يضم عشرات الدول والشركاء الدوليين (فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي...) إلى التوسع السياسي لأهداف مجموعة الخمسة.
وبالتدريج ارتبط النموذج "تطوير الأمن" بتحديد الأهداف الأساسية لمجموعة الخمسة مع زيادة طموحة بشكل خاص في الأهداف المراد تحقيقها. في حين أن هذه المشاريع ترتبط في الإطار المعياري "بالأمن الإنساني" وتجعل من الممكن تجاوز النهج العسكرية البحت وقصير الأجل إلا أنه يصعب تنفيذها على وجه الدقة بسبب حجمها.
علاوة على ذلك يعاني هيكل اتخاذ القرار والهيكل الإداري لمجموعة الخمسة حتى اليوم من صعوبات تشغيلية كبيرة. فالأمانة الدائمة للمؤسسة تم اعتبارها في البداية هيكلًا إداريًا مصغرا ومرنًا وهي اليوم أسيرة لتكاليف التشغيل التي تستهلك الجزء الأكبر من ميزانيتها تخصيص.
من ناحية أخرى فإن مختلف لجان التنسيق الوطنية التي تم إنشاؤها في كل دولة والتي من المفترض أن تنفذ الإجراءات المتعلقة باستراتيجية التنمية والأمن لا تنسق مع الأمانة الدائمة.
ما الهدف من مجموعة الساحل؟
إلى جانب الصعوبات المؤسسية التي تواجهها والتي هي في نهاية المطاف تسرى على أي مؤسسة ناشئة فإن تحديد أهداف المجموعة وتخصيص مواردها لا يزال يمثل مشكلة. فقد بدا أن الإعلان الأخير عن تمويل بقيمة 1 مليار يورو للقوة المشتركة أمر يبعث على الارتياح لكن لا يزال من الضروري أن تكون المنظمة قادرة على تخصيص الأموال بكفاءة عند الحاجة. والمشكلة هي أن تضاعف أهداف مجموعة الخمسة أدى في كثير من الأحيان إلى تشتت الموارد.
فاستراتيجية تأمين المناطق الحدودية من خلال التعاون بين الدول انتقلت المجموعة إلى استراتيجية عالمية لمكافحة انعدام الأمن من خلال التنمية. ومن المفارقات أن هذه الاستراتيجية ضحية لطموحها تفرض صعوبات حقيقية فيما يتعلق بتطبيقها على مستوى القوة المشتركة.
تتألف هذه القوة من قوة عاملة مكونة من حوالي 5000 رجل وهو رقم يبدو منخفضًا جدًا نظرًا لاتساع المناطق التي يتعين مراقبتها وحمايتها ولا تزال هذه القوة غير مجهزة تجهيزًا جيدًا (تبلغ الميزانيات الوطنية بالإضافة إلى دول مجموعة الخمسة أقل من مليار دولار مع وجود تباينات كبيرة في التدريب والمعدات والعقيدة) وغير مدربة تدريباً كافياً وسوف يستفيدون من مصداقية أكبر إذا تم توضيح مبدأ الاختيار.
يعزى هذا التشتت في الوسائل إلى تناقض مستمر في تحديد مفهوم الأمن في الساحل. هل يجب أن نحارب في شكل مفترض للإرهاب العالمي في الساحل؟ أم يجب علينا بدلا من ذلك معالجة التحديات الأمنية حسب المنطقة؟ هل ينبغي لنا أن نفضل الوسائل العسكرية أو على العكس من ذلك تنفيذ سياسات التنمية الاستباقية التي تتعامل مع المشكلة في مراحلها الأولى؟
لا يبدو أن هذه الأسئلة قد تم حلها حتى الآن ولا يزال هناك شكل من أشكال تحييد الاستقطاب الثنائي بين البعد العسكري والبعد السياسي للجهاز.
ترجمة موقع الصحراء
المتابعة الأصل اضغط هنا