معضلة دواء موريتانيا.. مساع لتطبيق القوانين المعطلة (تقرير)

صورة من الصيدليات أمام المستشفى الوطني (الصحراء)

مضى نحو عقد من الزمان على صدور قانون تنظيم الصيدلة والمستلزمات الطبية، ويُلاحظ المهتمون أن معظم بنود هذا القانون ظلت حبرا على ورق.

واشتمل القانون على 153 مادة قانونية صدرت في 10 من فبراير 2010، تحت الرقم 022 - 2010، ونشرتها الجريدة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية في عددها 1219 الصادر في يوليو 2010.

بين القانون والواقع
تشير المادة 92 من قانون الصيدلة إلى إلزامية وجود مسافة دنيا بين أي صيدليتين تصل 200 متر على الأقل، وذلك على كافة التراب الوطني، فيما تشير المعطيات الموجودة على أرض الواقع إلى خلاف ذلك في حالات كثيرة تمت بعد صدور واعتماد القانون.
كما يحظر القانون وجود الصيدليات أمام المراكز الصحية العمومية أو الخصوصية، ويقول متابع للملف إن "كل الصيدليات الموجودة أمام مستشفى الصداقة ومستشفى الأم والطفل استُحدثت بعد صدور القانون".
عوضا عن ذلك، تلزم الترسانة القانونية بفتح المستودعات في المناطق النائية فقط، وهو ما يمكن لأي متفحص للشوارع الرئيسية ملاحظه ما يخالفه تماما، كما يحظر القانون عليها بيع بعض الأدوية المحددة، كأدوية الضغط والسكري، لكن مستودعات نواكشوط "تنتشر في جميع المقاطعات وتبيع جميع الأدوية" وفق مصادر الصحراء.
أما الحضور الفعلي للصيدلاني المتخصص أثناء عمل الصيدلية، فهو أمر نادر الحدوث، وتقول مصادر الصحراء إن معظم صيدليات البلاد تخالف هذا القانون، فــ "في كل الأحوال حضور صيدلاني في كل صيدلة أمر مستحيل خاصة في ظل النقص الشديد في أعداد الصيادلة المتخصصيين في البلاد" يقول صيدلاني في حديث إلى الصحراء.

خطبة جمعة فقرار وزاري..
في يوم الجمعة الموافق 30 سبتمبر وجهت وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي أئمة الجوامع في عموم البلاد إلى توحيد خطبة الجمعة حول "حرمة بيع واستعمال الأدوية والأغذية منتهية الصلاحية".
ودعا منشور صادر عن الوزراة الأئمة إلى التركيز على حرمة الأدوية المزورة و المغشوشة وخطورتها على الفرد والمجتمع.
وفي الاجتماع التالي لمجلس الوزراء في 3 أكتوبر 2019، اقترح وزير الصحة محمد نذير ولد حامد على المجلس الوزاري، خارطة طريق لتموين البلد بالأدوية والمستلزمات الطبية. كما استعرض الخطوط العريضة لاستراتيجية "تضمن توفر أدوية ذات جودة وفي المتناول بشكل مستدام".
وقال الوزير، في المؤتمر الصحفي للحكومة حينها، إن خطته تقوم على تجميع كافة الطلبات المتعلقة بالأدوية والمستلزمات الطبية ومركزتها وعرضها على مجموعة من الموردين المنتقين على أساس جودة مواردهم والخدمات التي يقدمونها.
وأكد الوزير أن الوكالة المركزية لشراء الأدوية والتجهيزات والمستلزمات الطبية ستكون "هي نقطة توريد وتوزيع جميع الأدوية على الصيدليات وعلى جميع المراكز الصحية في عموم البلاد".

حرب في مواقع التواصل
تزامنا مع القرارات الحكومية اشتعلت حرب افتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي، لم تتوقف عند حدود التحذير من الأدوية المزورة، بل طالت كذلك التشهير بمن يُزعم أنهم مزورون للأدوية في البلاد.
لكن، كلل حملات مواقع التواصل الاجتماعي الفوارة، ما تلبث القضايا تلاحق بعضها، والحالة تلك، فقد تحولت بوصلة المدونين سريعا إلى قضايا أخرى.

وعادت "الأدوية" إلى الواجهة من جديد مع إطلاق وزارة الصحة لعملية تفتيش واسعة لمراكز بيع الأدوية أمام المستشفيات الرئيسية بالعاصمة نواكشوط.
وتقول مصادر في الوزراة إن الأخيرة مصرة على وقف التجاوزات التي تساهم في فوضي بيع الأدوية وتحول دون تطبيق دفتر الالتزامات، الذي تمنح بموجبه الرخص للصيدليات والمستودعات.
وتحمل فرق التفتيش التابعة لوزراة الصحة إنذرات مكتوبة تسلمها للصيدليات والمستودعات التي "قد تعاني من النواقص بغية إصلاحها" في أجل أقصاه شهر ابتداء من هذا التاريخ.
 إلى ذلك، أحرقت السلطات الإدارية، الأسبوع الماضي، 220 طنا من الأدوية المنتهية الصلاحية من شركة توريد الأدوية ومخازن الموردين. وعلق مصدر في الوزارة بأن سحب الأدوية يأتي خوفا من تزوير تواريخها و إعادتها إلى الأسواق.

صورة تظهر تقارب صيدليات بالعاصمة انواكشوط (الصحراء)
صورة تظهر تقارب صيدليات بالعاصمة انواكشوط (الصحراء)
اثنين, 04/11/2019 - 10:48