يرى باحثون ومحللون في مراكز دراسات في واشنطن أن منطقة الساحل تسقط في أيدي الجماعات الجهادية. كانت المخاوف حادة بالفعل لكن هجوم إيناتيس في النيجر في 10 ديسمبر الجاري يؤكد أن الساحل يغرق في الفوضى التي دبرتها الجماعات الجهادية، دون أن تتمكن الدول الإقليمية أو التدخل الفرنسي من حسم المعركة ضد تلك الجماعات.
أسفر هجوم إيناتيس عن مقتل 71 جنديا نيجيريا بمعسكر للجيش، وتبنى الهجوم ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية.
حلقة مأساوية تؤكد أن هذا البلد الإفريقي، مثله في ذلك مالي وبوركينافاسو المجاورتين، يواجه تمردًا متصاعدا. ويقول مايكل شوركين الباحث بمعهد راند والمحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" إن الوضعية في الساحل "سيئة للغاية وتتجه نحو الأسوأ". مضيفا أن "هناك عدد قليل جدا من الجنود المحليين الذين يفتقرون إلى المهارات والمعدات، والفرنسيين ليسوا كثيرين كذلك".
هجوم إيناتيس الأكثر دموية في النيجر منذ عام 2015، تزامن مع سلسلة هجمات دموية قتل فيها أكثر من 140 جنديًا في مالي، كما فقدت بوركينا فاسو 24 جنديًا في أغسطس الماضي في هجوم على قاعدة بالقرب من الحدود المالية.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية طلب عدم الكشف عن هويته إن "الوضع خارج عن السيطرة، والدول غير منظمة وقد تجاوزتها الأحداث".
وما تزال مجموعة الساحل الخمس، التي من المفترض أن يتحد أعضاؤها أمام عدو يتزايد خطره كل أسبوع، تشكل بالنسبة له فكرة أكثر من مجرد قوة: "لكن مع مزيد من الدعم الدولي يمكن أن يصبحوا طرفًا فاعلًا لكن لا توجد مؤشرات على أن ذلك سيحدث".
كما أظهرت ردود الفعل الأولى في النيجر أن الرأي العام المحلي يشكك علانية في دور القوة الفرنسية التي تحتفظ بــ 4500 رجل على الأرض. وهو رقم متواضع بالنظر إلى المساحة الشاسعة، كما يؤكد المحللون.
يقول مايكل شوركين إن "الجميع يعلم أن بارخان ليست قوة مهمة بالقدر الكافي للقيام بأكثر من إخماد حريق أكبر منها بكثير". في إشارة إلى صعوبة المهمة التي من أجلها.
في هذه المنطقة القاحلة والفقيرة جدا، والتي تجتاحها الرياح والرمال وتهملها الدول المركزية، تتطور الديناميات الاجتماعية والسياسية وفقًا للمنطق القبلي، وقد عرفت الجماعات الجهادية كيفية استغلاله. فهي "تتقدم في قراءتها للواقع المحلي وبدأت في اقتراح أشكال من الحكم"، كما تلاحظ إميلي إستيل، وهي باحثة في معهد أميركان إنتربرايز (AEI). وتضيف: "إنها تلبي الاحتياجات البسيطة للسكان"، مشيرة، على سبيل المثال، إلى إدارة حقوق استخدام الأراضي أو استخدام المياه في القرى.
كما أن قوات الأمن المحلية تتحمل جزءا من المسؤولية، حيث تنفذ الاعتقالات الجماعية وعمليات الإعدام دون محاكمة للأفراد المتهمين بدعم الجهاديين. يقول أحد القرويين لمنظمة العفو الدولية "خلال النهار نخشى الجيش وفي الليل نخشى الجهاديين".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن تأجيل القمة المخصصة لعملية برخان ومجموعة الساحل التي كان من المقرر عقدها في 16 ديسمبر، وتقرر تأجيلها إلى يناير المقبل لتوضيح مواقف كل من القادة الأفارقة مع الوجود العسكري الفرنسي. لكن أيا من الخبراء لم يتوقّع مغادرة فرنسا للمنطقة لما في ذلك من خطر السماح للجهاديين بالعمل بحُرية على بعد بضعة آلاف الكيلومترات من أراضيها.
ترجمة الصحراء
لمطالعة الأصل اضغط هنا