نظارة ذكية تعيد الأمل لمكفوفي فلسطين

قد يتحول ألم الشاب الفلسطيني الكفيف مصطفى الجوهري (34 عاما) إلى أمل بعد ذلك الجهد الذي بذله طلبة فلسطينيون باحثون في جامعة بوليتكنيك بمدينة الخليل في الضفة الغربية، أنجزوا "نظارة ذكية ناطقة" تقود الكفيف لمعرفة كل ما يحيط به على مكتبه.

تقوم فكرة "مشروع التخرج" الذي أنجزه ثلاثة طلبة في قسم هندسة الأجهزة الطبية بالجامعة الفلسطينية وهم محمد النجار وإيهاب سليمان وغازي الهنيني وأشرف عليه المحاضر رمزي القواسمة قبل أيام؛ على اختراع نظارة ذكية للمكفوفين، وخاصة الموظفين منهم، لتُعرِّفهم على الأجسام المحيطة بهم.

و"النظارة الذكية" أشبه بالعين البشرية، حيث تنقل الصورة إلى الدماغ عبر كاميرا مثبتة فوقها ومتصلة سلكيا بقاعدة بيانات إلكترونية ليقوم الدماغ بتحليلها ومعرفة محتواها بناء على معلومات وصور سابقة خزنت داخل تلك البيانات عبر "خوارزميات معقدة".

ثم تنقل البيانات المحللة في رسالة صوتية باستخدام سماعة أذن تساعد المكفوف في البحث على الأشياء دون الحاجة إلى مساعدة الأشخاص الآخرين، مما يعني توفير الوقت والجهد للمكفوف.

 

تخفيف المعاناة
لم يُخف مصطفى الموظف في هيئة الفلسطينية فرحته بالاختراع الجديد، ويقول للجزيرة نت إن مثل هذه المشاريع والأفكار تعطي أملا كبيرا له ولأمثاله "وتضيء شمعة في درب الظلام الدامس".

ويريد مصطفى -المنحدر من مدينة جنين شمالا ويعاني مع ثلاثة أشقاء من فقد البصر- أن تنقل هذه الاختراعات إلى حيز الواقع، وألا تظل "تراوح مكانها" مثل أبحاث كثيرة.

ويرفض أن تطوى صفحة هذه المشاريع دون أن تتبناها الجهات الرسمية أو المراكز العلمية كي تخرج إلى التطبيق، لكونها تسهم في تخفيف معاناة المكفوفين لا سيما الملتحقين ببعض الوظائف ومن يبحثون عنها، فالنظارة -وفق محمد النجار أحد الطلبة الباحثين- "صممت لتناسب الموظفين من هذه الفئة".

وفي البدء خُزِّن داخل قاعدة البيانات ما لا يقل عن عشرين أداة تلزم الموظف المكفوف من حاسوب ولوحة مفاتيح وكتاب وهاتف وأدوات قرطاسية. ويقول النجار إن "هذه الأدوات يمكن زيادتها في قاعدة البيانات وفق حاجة الكفيف مستقبلا".

واستغرق إنجاز الطلبة حتى خرج للعيان كبراءة اختراع ثمانية أشهر قسمت بالتساوي بين البحث والتنفيذ، واستخدم الباحثون أدوات بسيطة وخفضوا تكاليف إنتاجها من 750 دولارا إلى نحو 200 باستخدام مواد محلية أقل كلفة.

وهم يسعون لتطوير الاختراع بجعل الاتصال لاسلكيا بين الكاميرا وقاعدة البيانات المخزنة وتوسيع مدخلاتها من المعلومات، وكل ذلك هدفه -حسب النجار- "تطويع التكنولوجيا لأغراض إنسانية وتوفير فرص عمل للمكفوفين".

ويشكل الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة ما نسبته 7.5% من الفلسطينيين (ما يزيد على ثلاثمئة ألف معاق)، وتقدر نسبة المكفوفين منهم بـ1.6%.

 

دعوات للتبني
ويمكن لهذه النظارة الذكية أن تخفف من معاناة الكفيف بشكل كبير وملموس، خاصة أنها -وفق المحاضر بجامعة بوليتكنيك رمزي القواسمة- ستقود لتعريفه بكل ما يحيط به.

ويؤكد القواسمة أنه لم تسجل فلسطينيا مثل براءة الاختراع هذه، وأن ما وجد من أبحاث في هذا الشأن لم يتجاوز الجانب النظري، إضافة إلى اختراع بعض الحساسات التي ترشد الكفيف يمنة ويسرة وإذا ما كان هناك عائق أمامه.

ويقول "إن نجاح الاختراع يكون بإسقاطه على الأرض بشكل أوسع عبر توسيع قاعدة البيانات ليتحرك الكفيف ويعرف كل ما يحيط به في الغرفة لا ما هو أمامه فقط".

والمطلوب -حسب القواسمة- تبني الجهات المسؤولة والرسمية لهذا المشروع وتحفيز المبدعين واحتضانهم، مشيرا إلى أنهم أنتجوا العام الماضي "سترة إرشاد" للمكفوفين أيضا، وقال إن نموذج النظارة الذكية مبدئي ويمكن أن يُطور بإضافة أدوات أحدث وأقل كلفة وتلبي الاحتياج.

وختم حديثه للجزيرة نت بنصح الباحثين بأن تغادر اختراعاتهم "الغرض البسيط منها وهو التخرج أو الحصول على وظيفة"، إلى شيء أكبر يكون بتطوير أبحاثهم والبناء عليها لخدمة أكبر قطاع من المكفوفين، وهو ما يأمله الباحثون الثلاثة أيضا.

 

المصدر : الجزيرة

 

أربعاء, 04/07/2018 - 23:07