تدرس الحكومة التونسية هذا الأسبوع، إمكانية تمديد الحجر الصحي الشامل جرّاء فيروس كورونا إلى الشهر المقبل، لكنها تواجه ضغوطاً كبيرة من أصحاب المهن الحرّة وعمّال اليومية، تدفع باتجاه رفع الإغلاق والسماح لهم باستئناف نشاطاتهم.
ومنذ الأسبوع الماضي، يشهد عدد الإصابات بفيروس "كورونا" استقرارا نسبيا، حيث وصل عدد الحالات المؤكد إصابتها إلى 747 بزيادة يومية بين 15 و 25 حالة، ولكن الأوساط الطبية تقول إن تقلّص عدد الإصابات غير كاف لتطويق الوباء والتحكم فيه، وإن الوضع لا يزال غير مطمئن ويتطلب الحرص على احترام الإجراءات والتدابير الوقائية والالتزام بها لمكافحة الوباء.
وفي هذا الجانب، قال وزير الصحة عبد اللطيف المكي، إن "التمديد في الحجر الصحي في تونس ضروري، لكن لا بد من مناقشته بصفة جماعية"، مؤكدا أن مجلس الأمن القومي هو الذي سيتخذ القرار النهائي في التمديد من عدمه، بعد دراسة وتقييم الوضع الوبائي والصحي.
وأوصت اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا بالتمديد في الحجر الصحي الذي ينتهي يوم 20 من الشهر الجاري، إلى غاية يوم 3 مايو القادم، وهي التوصية التي سينظر فيها مجلس الأمن القومي في اجتماع مرتقب هذا الأسبوع، قبل إعلان القرار الرسمي بإقرار التمديد في الحجر أو إنهائه أو التخفيف فيه.
ومن شأن إقرار التمديد في الحجر الصحي أن يضع السلطات في مرمى انتقادات رجال الأعمال وأصحاب المهن الحرة وصغار التجّار وعمال اليومية، الذين يطالبون بتخفيف إجراءات الحجر أو إنهائه حتّى يتسنّى لهم العودة لمباشرة أعمالهم، لكنها تخشى من أن يهدد هذا السيناريو، جهودها في السيطرة على فيروس "كورونا" ومحاصرته، ويساهم في المزيد من تفشي الوباء.
تهديدات اقتصادية كبيرة
وفي هذا الجانب، أشار الخبير الاقتصادي عبد الجليل بدري، إلى وجود تهديدات اقتصادية كبيرة في صورة التمديد في الحجر الصحي أسابيع أخرى، وهو القرار الذي قد يزيد في تراجع النمو الاقتصادي إلى معدلات غير مسبوقة واختلال التوازنات المالية للدولة، وكذلك تداعيات اجتماعية خاصة للفئات الهشة من أصحاب المهن الصغيرة، ومع ذلك حذّر من التسرع في رفع الحجر الصحي قبل حصر الفيروس، لأن الخسائر الاقتصادية والمادية لا يمكن أن تعوّض الخسائر البشرية، مؤكدّا أنّه ينبغي على الدولة أن تعطي الأولوية لحياة مواطنيها ولا تفكرّ حالياً في نسب النموّ والأموال والفرص المهدورة.
وأكدّ بدري في تصريح لـ" العربية.نت"، أن الرفع في الحجر ينبغي أن يكون بشكل تدريجي ومدروس، مع ضرورة إلزام الجميع بارتداء الكمامات واحترام التدابير الوقائية، مشيرا إلى إمكانية السماح لبعض المهن بمزاولة نشاطها، خاصة التي لا تكون فيها تجمّعات كبيرة.
ولكن معزّ همّامي الذي فقد مورد رزقه في محلّ الحلاقة بسبب الإجراءات الحكومية لمواجهة فيروس "كورونا"، لا يرى الحل إلا في إنهاء الحجر الصحيّ وإعادة الحياة إلى طبيعتها، موضحا أنّه التزم بالحجر طوال شهر كامل، ولم يعد قادرا اليوم على الاستمرار في توقيف عمله أكثر، بعد أن وجد نفسه عاجزا عن تسديد إيجار المحل وتوفير حاجيات عائلته المكونة من 4 أفراد.
وأضاف همّامي في تصريح لـ" العربية.نت"، أن أصحاب المهن الصغيرة من أمثاله الذين أحيلوا على البطالة هم أكثر الفئات المتضرّرة من الأزمة، لأنهم لا يتمتعون براتب شهري مستقرّ ولا بتغطية اجتماعية، رغم المنحة التي خصصتها الحكومة لفائدتهم والمقدّرة بـ 200 دينار، مؤكدّا أنّها لا تفي بالغرض ولا تغطي متطلبات الحياة اليومية خاصة بعد ارتفاع الأسعار.
وأضاف همّامي، أن الأمر لم يعد يطاق بعدما وجد نفسه عاطلا عن العمل ويعيش في خصاصة، معبرا عن أمله في أن يتم إنهاء الحجر الصحيّ حتى لا تطول أزمته أكثر ويزداد وضعه المعيشي سوءا ، وحتى لا يلجأ إلى التمرّد على الإجراءات الحكومية ويفتح محلّه أمام العموم لتوفير قوت عائلته.
العربية نت