قانون الجاهلية الأخرى لِـهَدْمِ الأسرة والأخلاق

 الحسن محمد ماديك

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومَن والاهُ، وبعد:
فقد اطّلعت على "مشروع قانون يتعلّق بمكافحة العنف ضدّ النساء والفتيات" تحرص حكومة موريتانيا على اعتماده في البرلمان، وأتّفق مع هذا القانون على ضرورةِ إحياء الأنفس وتكريم الإنسان حيث كان وكيف دانَ ومِن جميع الأعراق والأجناس والألوان ضرورةً تقتضي عِقابَ المعتدِي على الأموال والأعراض والأنفس، ولكُلٍّ حظُّه من حَدِّ الحرابة لِيُقَتَّلَ المعتدُون بالقتل والاغتيال، ولِتُقَطَّعَ أيدِي المعتدِين وأرجُلِهم على الأموال مِن خلاف، ولِيُصَلَّبَ حتَّـى الموتِ المعتَدون على الفروج حتى يشهد جميع أفراد المجتمع نكال المغتصِبين أعداء سِلم الأسرة والمجتمع.
ولا معنى في القانون للتفرقة بين النساء والفتيات إلا أن يُرادَ بها اعتبارُ الصبيّة والبِكر كالثَّيِّبِ.
إنّ إلحاق الأذى المعنوي والمادّيّ ضدّ النساء لـمُسْتَوجِبٌ العقاب، فإن يكن الْـمُعتدَى عليهَا قاصِرا أو مُغَرَّرا بها غلُظ العقاب.
ولقد تعدّدَتْ مواطن الخلل والقصور والفجور في قانون النوْعِ فاستوجب وصْفَه بقانون الجاهليّة الأخرَى للقرائن التاليّة:
أوّلا: في المادّة الثانية عبارة (سواء في الحياة العامة أو الخاصة) يعني تسويةَ الْـمُعتدِي بالعنْفِ ضدّ النساء من الأجانب (الحياة العامة) بالزوج والأب والأخ وسائر الأولياء (الحياة الخاصة).
ثانيا: في المادة الثانية أيضا قصَرَ القانونُ الوصفَ بالاغتصاب والتحرُّشِ على النساء، ويعني تشريع عدمِ مؤاخذة الفتيات على تحرُّشِهنّ بالرجال واختطافهم واغتصابهم بقرينة قصْرِ الوصْف بالضّحيّة على (المرأة أو البنت المعتدى عليها).
ثالثا: صرَّحتِ المادة 20: بتشريع استفادة النساء والفتيات ضحايا العنف من الدّعم المالي من الشركاء كالدولة، ويعني أنّ لهذا المجتمع الطيِّبِ الغافل مشرِّعون من خارج البلاد هم الشركاء الذين فرضوا تشريع هذه الجاهليّة الأخرى.
رابعا: المادة 35: تعني تشريع سَلْبِ الأب والزوج والأخ وِصايَتَهُ الشرعيّة على البنت والزوجة والأخت لحِمايتها وتحصينِها مِن الموصوفين في الكتاب المنزل ﴿وَيُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَـمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾[النساء 27]، وكذلك دلالة عقاب الأب والزوج والأخ بالسجن سنة وبالغرامة المالية إذا اعترض حُرِّيَّة المرأة في بيته في السفر والسهر خارج المنزل احتجاجا بضمانها في القانون.
ألا لا فرق بين الجاهليّة الأولى قبل البعثة النبوية وبين الجاهليّة الأخرى المستوردة من الغرب إلا بعَضْلِ وِصاية الأب والزوج والأخ على أهله لحماية عِرضِهِ وللقيام بِفَرْضِهِ ولوقاية نفسِه ومالِه مِن نارٍ وقودُها الناسُ والحجارة.
خامسا: المادة 36: عرجاء عوراءُ بـمَنْعِها الزواج من الفتاة في السابعة عشر مِن عمرها مثَلا وبعقوبة الزوج بالسجن سنة وبالغرامة، غير أنّ الذين يُريدون مِنَّا أن نتّبِع الشهوات وأن نـمِيلَ ميْلًا عظِيمًا صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ عن زِنَـى الفتاة دون الثامنة عشر بالتراضي مع مَن شاءتْ خارج المنزل بعد تحريرها من قيود الشرع والأسرة والعُرْفِ.
سادسا: المادة 38: كشفَتْ أنّ قانون الجاهليّة الأخرى كالسحرة يُفَرِّقُ بيْن الْـمَرْءِ وزَوْجِهِ وبين الأبِ وابنتِه المراهقة وبين الأخ وأختِه اليتيمة المراهقة المغَرَّرِ بِها إذا اعترض على سهَرِها واختفائها مع المراهقين خارج المنزل وهم سُكارَى يزنون ويفجرون فادَّعتْ أنَّه سبّبَ لها أذًى معنويا وليتم إبعادُه عن قريتِها خمسة أعوام بعد إكماله عقوبة الـحَبْس.
سابعا: المادة 43: سَيْفٌ مُصْلَتٌ على الأب والزوج والأخ والحاضِنة الأُسَريّة إذا ادّعتِ المراهقة أو الشَّاذّة تعرُّضَها لعُنْفٍ وليتِمَّ إخراجُها شهرا قابلا للتجديد بقوّة القانون وسدَنَتِهِ إلى حِضنِ المنظّمات التي يُشْرِفُ عليها الشركاء مِن خارج البلد.
والخلاصة: أنّ قانون الجاهليّة الأخرى رغم ما طرأ عليه مِن حذف قد وضعه خُبراء من المنظومات الدولية مختصُّون في هدْمِ ما تبقَّى من الإسلام والأسرة والمعروف.
وأجزِمُ بقوّة النظر والاستدلال بـمُسارعة الشيخَيْنِ رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني والوزير الأول إسماعيل ولد ابدَّه ولد الشيخ سيديّا إلى سحْبِ القانون المجنون المطعون المأفون المشحون بتدمير ما نشأ عليه كل منهما في أسرتِه وما ورِثهُ مِن أسلافِهِ من الاستقامة والورَعِ والمحافظة على السِّلْمِ الاجتماعيّ.
وكتبه في نواكشوط يوم السبت 16 رمضان 1441 هـ
الـحَسن ولد ماديكْ
باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة
رئيس مركز إحياء للبحوث والدراسات

سبت, 09/05/2020 - 17:32