كيف تكونت آراء خاطئة تعشش في أذهان الكثيرين؟!

التراد ولد سيدي

إن مشكلة تكوين الرأي وبناء الرؤى مشكلة معقدة حيث تتكون انطلاقا من  معلومات وقدتكون معلومات حقيقية أوغير حقيقية مكتملة أو ناقصة تتوفر على شروط الصحة والمصداقية او تنبني على جزيآت وعناصر غير متماسكة. ويتم  تكرير المعلومات وصياغتها بأساليب مختلفة وتتعرض لسلسلة تطورات تتضمن تلقيها حفظها وإعادتها ثم تكريرها حتي تبدو كأمرثابت. اومفروغ منه .في الوقت الذي قديكون مؤسسا على أكاذيب أوبعضهاعلى الاقل غيرمؤسس على حقائق.وفي علم (لبرغاندا) يعتمد في التاثير على تكرار الأقوال والمقولات ودعمها بأية أدلة اوشواهد اوآحاآت  مهما كان ضعفها حتى تستصاغ  الفكرة وتثبت في الذهن... والذي عرف النظام النازي يعلم أن وزيردعايته  يقول أكذب أكذب حتى يصدقك الناس!

..و إن تكون الرأي داخل التجمعات السياسية أحزابا واتجاهات  أوجمعيات  تجتمع على منطلقات فكرية اوشعارات سياسية  ذات رموز اصطلاحية أوثقافية تعتمد في تكوينها  بطبيعتها  الأنغلاقية    على أفراد يتلقون معلوماتهم من نفس المصادر إعلامية او دعوية دينية اوعقدية سيايية  سواء كانت منطلقات نظرية أو شعارات سياسية أواشتهادات مذهبية أوطائفية يتم تعاطيها  وترويجها والبحث عن أي اثر اوعنصر يدعمها ويستمر نفس التوجه  ونفس التأطير  حتى تصبح قناعات ثابتة لاتتزحزح ..وتلعب الشخصيات ذات الكاريزما الخاصة  والجاذبية والملك الخطابية  دورا حاسما في تركيز  الافكار والشعارات داخل التجمعات المنظمة والمغلقة  سواء كانت سياسية أودينية  مذهبية اوطائفية اوثقافية إصلاحية..  هذ النوع من الرأي الذي يولد في بيئات خاصة ضمن ظروف خاصة يطبعها الأنغلاق وتوابعه دائما من  التعصب والتزمت. والمبالغة في التمسك بما يرونه ومايسمونه  قناعات  . والذي ينبني غالبا على أسس غير واضحة وغير  دقيقة من نظرة ضبابابية ومستندات وأدلة ضعيغة لاتصمد أمام أي فحص أو مراجعة .لكنه محصن بسبب  التعصب لايمكن فحصه ولا مراجعته   ومع ذلك  يتم تبنيه واستخدامه كأدوات محددة للنظرة للأمور ولتحليل الأحداث  مما شكل مشكلة كبيرة امام رأي عام يتسم بالوعي ووضوح الرؤية .. فآراء مبنية على منطلقات فاسدة أو مؤسسة على معلومات خاطئة  اوناقصة  كيف يمكن التعامل معها ؟ 
فجماعة كاملة أوقعتها ظروف غير مناسبة في هرطقات وخزعبلات تعميها عن الواقع وتفتح لها بابامفضى للتيه والتخبط  وهم بتمسكهم بتجمعاتهم ومصادر إعلامهم وتوجيههم  يحسبون  أنهم سالكين الطريق الافضل فكيف يمكن التعامل معهم؟ إنهم يجتمعون على إسم يجمعهم ويرمز لتوجههم  ويظهرون التمسك به  معتقدين أنه سفينة نوح  من تخلف عنها غرق  وأنه هبة من الله منحها لهم لم يعطيها لغيرهم  مثلما يرى اليهودنفوسهم ( أنهم شعب الله المختار) ويحسبون  أن ماعندهم لايأتيه  الباطل لامن بين يديه ولامن خلفه! وهم في الحقيقة لايرون شيئا ولايؤمنون بشيئ إنهم تائهون يعيشون في الوهم وينظرون للسراب ويتبعون آراء خاطئة وشعارات غير دقيقة  لكنهم فقدو البصيرة ووقعو في متاهات تضليل منظريهم وقادتهم الذين وضعوهم أسارى اضاليل وأباطيل لافكاك منهما إلا بإعادة النظر في المنطلقات وكثير مما احاط بها وفي التجربة والواقع.هذه حال المنتمون للأتجاهات إلامن رحم الله.!
إن تياراتنا السياسية منقسمة على هذه الاشكال بحيث لكل توجه رؤاه وتفسيره للواقع وتصوره لمشكلاته وليس لديها الأستعداد للأستماع لغير رأيها فجميع القضايا الوطنية لديها الحلول المناسبة لها واصدقاؤها في الإقليم هم الجديرون بالدعم وغيرهم لارأي لهم يستحق النظر  ولاحلفاء يستحقون تأييد .وهكذا لكل تجمعاتنا السياسية رؤاها ومنطلقاتها وحلفاؤها فمن شاء فاليلتحق بخطها أو يذهب حيث شاء 
  إن النظرة السليمة للامور تتطلب مراجعة الكثير من منطلقاتنا وفحص الكثير مما بنينا عليه كثيرا من آرائنا لنستطيع ان نلتقي في الأمور التي تتطلب الالتقاء ودراسة الواقع بتجرد وبلا حمولات من آراء مسبقة ومطلقات رآها البعض فمعرفة  الواقع هي الطريق لعلاجه والتعامل مع مشكلاته .كما ان تحديدالاصدقاء والاعداء جزء من معرفة الواقع فلابد من طرحها للنقاش ووضع معايير مشتركة تحدد الصداقة والعداوة انطلاقا من مفهوم المصلحة الوطنية ومصلحة الإقليم وتحديدمعايير قابلة للفهم تجمع الرؤى وتخدم الوحدة والمبادئ الوطنية والإنسانية هذاكله يمر عبر مراجعة الجميع لبعض المسلمات وقبول الأشتراك في الرأي وتصحيح بعض الأخطاء وتدوير بعض الزوايا وتجاوز بعض الخصوصيات! !
  
أماهذه النظرة المسطحة التي ترى ضرورة صداقات لبعض الجهات لأسباب إيدلوجية أوحركية  ومعادات أخرى لنفس الاسباب لايمكن لأنه لا يشجع على الوحدة وانسجام الرؤي  إن الذي يمكن أن يكون مدخلا لتحديد الموقف من الجهات الخارجية  هو تحديد المصالح الوطنية  ومصالح الشعوب المظلومة مثل الثورة الفلسطينية   مصالحنا ومصالح الفلسطينيين  تبرر المواقف من الجهات الخارجية أما موقف    الجميع من القوة الخارجية بوصفها متساوية في عدائها لقضايا الأمة فنظرة تحتاج إلى تعديل لان مواقف إمريكا وإسرائيل لا يمكن أن تقارن  بأي موقف إقليمي أودولي فإمريكا اختارت بإيرادتها دعم الصهيونية ضدحقوقنا ولسنا نحن الذين قررنا تبني موقف من إمريكا بينما بعض الدول في الإقليم مهما اختلفنا معها فإنها لايمكن ان تكون بمستوى إمريكا وإسرائيل .إن تصوير البعض  لبعض دول الإقليم بوصفها أعداء رئيسيين غير صحيح فخلافاتنا موجودة لكنها لاتستأهل هذ القدر من العداء التي تنعت به  والانطلاق من مبررات لتلك العداوات من مكررات كاذبة وفي أحسن الأحوال  مبالغ فيها إن وجوداختلافات مع إيران لاغبار عليه لكن المشكلة في ضرورات الواقع وإكراهاته وتحديد الخيارات والبدائل إن السياسة في منطقتنا تتحددخياراتها ليس بمانريد اونحب وإنما لما يفرضه الواقع وإذانظرت للقوة التي تشكل الواقع  وتنزع من ذهنك  الاحكام المسبقة  فستجد أن إيران وتركيا مهما اختلفنا معهما فإنهما أقرب إلينا في التوجه من باق القوى لأن باق القوى حلفاء الاعدا ئنا  الرئيسيون إذاكان لنا أعداء رئيسيون..! 

سبت, 23/05/2020 - 17:57