نحن لسنا بمعزل عن العالم، ولكننا لا نريد أن نكون نسخة طبق الأصل من مجتمعات، لا نشترك معها الثقافة ولا المنبع الفكري.
حين ننادي بالتغيير وبناء دولة مواطنة والقانون، فإننا نريد من ذاك أن يكون نابعا من بيئتنا وثقافتنا، لا مسخا ونسخا من مجتمعات وثقافات أخرى، ستكون رديئة أن حاولنا استجلابها بكل مقاييسها.
كل التجارب العالمية تقول: إن بناء الدول عمل تراكمي، يقوم على جهد مشترك بين الأجيال، كلها يضع أولويات مرحلته وماتحتاجه الأمة من مقتضيات الوجود وبناء الذات... وهو ما قد نكون فقدناه في مراحل سابقة، أو سررنا نحو المراحل اللاحقة بخطى بطيئة مقارنة بالمطلوب، وما ينبغي أن نكون بل وفي فترات قد نكون عدنا القهقهرى، وهذا ما أثر على بناء الدولة أو الجمهورية التي نريد.
طبعا إن الوعي المجتمعي بضرورة التغيير هو القادر على بناء أمة حضارية ودولة قائمة على أسس سليمة ومتنية في ظل متغيرات عالمية كبيرة جدا، ولكن هذا لا يلغي أن الإصلاح والتغيير بالأول هو إرادة سياسية، تفرضها النخب والسلطات الحاكمة، وتساعد عليه، وكثير من التجارب العالمية تقول ذلك، لأنها هي من تستطيع تأطير ما نريد وتملك من الإمكانيات ما يجعلها تعنى بالقضية.
ومع ذلك لا ينبغي أن يكون التغيير الجاد صادما لثقافة المجتمع أو مقتلعا له من جذوره وإن كانت بعض المجتمعات تحتاج ثورة حقيقة في كثير من المفاهيم حتى تعي ضرورة التغيير نحن الأفضل.