عاش سكان الدائرة الباريسية الـ11، الجمعة، حالة من الذعر أعادت إلى أذهانهم ما شهده الحي من مأساة منذ خمس سنوات ونصف حين هاجمت مجموعة مسلحة مقر صحيفة شارلي إيبدو الساخرة في 2015، إذ نفذ رجل يحمل سكينا هجوما على شخصين كانا في استراحة من عملهما بوكالة "بروميير لينيه".
"رأيت أحدهما ملطخا بالدماء يطارده رجل يحمل ساطورا"
روت شاهدة تعمل في الوكالة نفسها التي يقع مقرها في الشارع المجاور للمقر السابق لصحيفة شارلي إيبدو أنه "كان اثنان من زملائي يدخنان أسفل المبنى في الشارع. سمعت صراخا. ذهبت إلى النافذة ورأيت أحدهما ملطخا بالدماء يطارده رجل يحمل ساطورا".
وكانت وكالة الأنباء هذه المجاورة لصحيفة شارلي إيبدو شاهدة على الهجوم الذي نفذه الأخوان كواشي في العام 2015 في مقر هيئة تحرير الصحيفة الأسبوعية.
"انصرفوا انصرفوا حدث هجوم"
ثم قص حساني عروان (23 عاما) وهو مصفف شعر يعمل في صالون قرب مكان الحادث "قرابة الظهر، ذهبنا لتمضية استراحة الغداء في مطعم. عندما وصلنا، راحت صاحبة المطعم تصيح، انصرفوا انصرفوا حدث هجوم، خرجنا مسرعين ودخلنا الصالون وأغلقناه وبقينا فيه حيث كانت أيضا أربع زبونات".
إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد وتهديدات جديدة للصحيفة
ويأتي هذا الهجوم في الوقت الذي تتعرض فيه هيئة تحرير صحيفة شارلي إيبدو لتهديدات جديدة منذ إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد في 2 سبتمبر/أيلول تزامنا مع بدء المحاكمة التي تستمر حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني بشأن هجمات يناير/كانون الثاني 2015.
وبعد تعليق قصير للمحاكمة، استؤنفت الجلسة من دون أن تذكر محكمة الجنايات الخاصة في باريس هذا الهجوم، وفق صحافية من وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نقلت ماريكا بريت مديرة الموارد البشرية في شارلي إيبدو من منزلها بمرافقة الشرطة بسبب تهديدات اعتبرت خطيرة.
وعقب هذه التهديدات، طلب دارمانان "إعادة تقييم التهديدات التي يتعرض لها الصحافيون والمتعاونون مع شارلي إيبدو".
ونشرت مئة وسيلة إعلامية من صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية وإذاعية الأربعاء، رسالة مفتوحة تدعو الفرنسيين إلى التعبئة من أجل حرية التعبير.
إصابة شخصين
وأسفر هجوم الجمعة عن إصابة شخصين واستلمت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب التحقيق في القضية التي أحيت ذكرى العام 2015 المؤلمة في فرنسا التي شهدت خلاله هجمات في يناير/كانون الثاني على شارلي إبدو وتلك الأكثر دموية في 13 تشرين الثاني/تشرين الثاني.
وعبّرت إدارة صحيفة شارلي إبدو التي انتقلت إلى مقر سري وتحت حماية مشددة منذ الهجوم الذي أودى بحياة 11 من هيئة تحريرها عبر تويتر "عن دعمها وتضامنها مع جيرانها السابقين والأشخاص المتضررين من هذا الهجوم البغيض".
ورجح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن يكون الهجوم "عملا إرهابيا إسلاميا"، وأوضح الوزير في تصريح لمحطة "فرانس 2" التلفزيونية الفرنسية أن الهجوم وقع "في الشارع الذي كان يضم مقر شارلي إيبدو، وهذا هو النهج المتبع من قبل الإرهابيين الاسلاميين ومما لاشك فيه هو هجوم دام جديد على بلدنا".
ويعمل الجريحان في وكالة "بروميير لينيه" لكن حالتهما "ليست في خطر" على ما أعلن رئيس الوزراء جان كاستيكس الذي تفقد موقع الحادث في شارع نيكولا أبّير في شرق باريس الذي انتشر فيه عناصر من الشرطة.
وأدت سلسلة الاعتداءات التي شهدتها فرنسا منذ كانون الثاني/يناير 2015 إلى مقتل 258 شخصا. وما زال مستوى التهديد الإرهابي "مرتفعا جدا" بعد خمس سنوات على ذلك كما تقول وزارة الداخلية.
فرانس24/ أ ف ب