أزمة صامتة في القضاء.

الهيبه الشيخ سيداتي

يعبر قضاة كثيرون هذه الأيام بشكل علني من دون تحفظ عن استيائهم مما وصل إليه وضع السلطة القضائية، فمنذ فترة تعرقل السلطتان التنفيذية والتشريعية تطورها نحو الاستقلالية وتتحكمان في مواردها، ويتحامل عليها المتنفذون عندما ترفض تدخلاتهم وضغوطهم، وتعلق عليها بعض دوائر الدولة كل فشل، ويتجاهل الرأي العام دورها وظروف عملها. يُنتظر منها المستحيل وتقابل بالجحود.  
حسب معلوماتي يعمل في المحاكم الموريتانية الآن حوالي 180 قاضيا، يستقبلون يوميا آلاف المواطنين وينظرون في مئات الملفات بعضها بالغ التعقيد وافر الصعوبات، ويتخذون قرارات حساسة وخطيرة أحيانا، في ظروف عمل شاقة، بوسائل بسيطة ومحدودة، مواجهين ضغوطا ومخاطر متنوعة قبلية وإدارية ...الخ، ودون أي حماية من الدولة . 
ومنذ 7 سنوات ينتظر القضاة دون جدوى مراجعة نظامهم الأساسي، وقبل ذلك توقفت من حيث بدأت سنة 2006 جهود تحديث المحاكم وتطوير وسائل عملها، كما تم استثناء القضاة من جميع الزيادات على الرواتب والعلاوات التي استفاد منها موظفو الدولة منذ 2008 إلى الآن.
اليوم يتقاضى أعلى القضاة رتبة أقل بكثير مما يتقاضاه أي مسؤول رقابة مالية أو بالإدارة الإقليمية، رغم تفاوت الأعباء و المسؤوليات، وتشغل محاكم كثيرة مقرات مؤجرة متهالكة، ولا تملك أي محكمة سيارة للخدمة، وقليل منها يحظى بحراسة أمنية وبخدمة فراشين وبوابين، ويتحمل بعض القضاة نفقات الإقامة والتنقل بين محاكم متعددة، وينقلون أثاث وتجهيزات المحاكم على حسابهم، ومنهم من يجد صعوبة في تأمين المتطلبات المكتبية لضآلة المخصصات. 
عوّل القضاة على أن توصيات المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة ستعزز مكانة ودور السلطة القضائية وتحسن أداءها وتطور كفاءة وظروف العاملين فيها. لكن التلكؤ في تنفيذ تلك التوصيات والتملص من بعضها سبب استياء يكاد يتحول إلى غضب لا يمكن التنبؤ بمساراته في وجود أغلبية شابة منفتحة وطموحة ظهر تأثيرها في المواقف الجريئة التي عبر عنها نادي القضاة قبل أشهر.

اثنين, 05/10/2020 - 16:41