ولدتُ ونشأتُ في عهد الدولة الموريتانية، واندلعت حرب الصحراء وأنا فويق العاشر من أعوامي، وتعلمت وعملت وبلغت وشببت واكتهلت تحت حكم العسكر، ومرَّ معظم حياتي حتى الآن في المدن، وأُغْرِمْتُ فترة بالمعلومات العامة كعواصم الدول وأسماء قادتها والأرقام القياسية.. وما إلى ذلك، وبالرياضات الذهنية على اختلافها. ولا أذكر أني وجدت صعوبة في استيعاب ما أردت فهمه، مهما قيل في تعقيده (تحدثا بالنعمة وشكرا لها) ولم أعان ضعف الذاكرة إلا مؤخرا، وعملت طويلا في الإعلام..
مع ذلك لا أستطيع أن أميز رتبة عسكرية من أخرى، ولا أن أهتم بها حتى أتنبه لها! فأنا لا أنظر إلى البزة؛ بل إلى لابسها. ولا أفهم علو الرتبة إلا حينما أرى صاحبها يختال استعراضا في مشيته، أو يخالس عاتقيه النظر، أو أرى حالة الجنود حين يدنو منهم. حينذاك أعلم أنه من كبار الرتب.. لكن ما هي رتبته؟ هنا المشكلة!
من هذا القبيل أن بشار بن برد (وهو من مشاهير العمي) جزم بحسن ثغر امرأة اعتمادا على إكثارها من الضحك!
على أني كثيرا ما أدافع (مقتنعا) عن قطاع الدفاع حين يوجه اللوم إليه فيما كحادثة التجاري بنك الأخيرة؛ فالشباب نتاج هذا المجتمع، ومن المفهوم أن لا يسعى شاب – ومن ورائه أهله- بمختلف الطرق لدخول الجيش ليموت دفاعا عن الشعب والوطن اللذين لم يَتَرَبَّ على أهميتهما، وإنما يريد مهنة كسائر المهن توفر الراتب وتتيح امتلاك السيارة والمسكن والزواج والإنجاب وباقي حلقات المسلسل (وصح إن قدم أو أخر) وربما كانت الطريق الأقصر – أو الخط الجوي- إلى الثراء والسياسة والنفوذ من أعلى أبوابها.