بلا كهرباء ومياه.. البصرة مصدر نفط العراق وضحيته

تعاني مدينة البصرة جنوبي العراق، التي تطفو على بحر من النفط، من انقطاع الكهرباء وسط لهيب صيف وصلت حرارته إلى أكثر من 55 درجة مئوية، في وقت تصل فيه مياه الشرب مالحة وغير صالحة للشرب أو الزراعة.

و لا يتعلق الأمر بفصل الصيف الحالي فقط، بل إن انقطاع الكهرباء بات شرارة تشعل نيران الاحتجاجات في يوليو/تموز من كل عام، لكن مظاهرات هذا العام كانت الأقوى والأكثر حدة، وامتدت إلى محافظات ومدن عدة جنوبي ووسط البلاد.
 
ومنذ حوالي شهرين يشكو أهالي البصرة من عدم صلاحية المياه للشرب أو الاستحمام بسبب ملوحتها الشديدة واحتوائها على نسب عالية من الدهون المجهولة المصدر.

ويقول حسين الربيعي، أحد سكان المدينة، إن أهلها اضطروا لشراء المياه النقية من المعامل لشربها، أو خلطها بمياه خزانات البيوت من أجل الاستحمام بماء أقل ملوحة.

لكن المشكلة برأيه تكمن في أن معامل المياه داخل المحافظة انتقلت إليها العدوى، وأصبحت عبواتها ملوثة بالملح والدهون أيضا، وأما شراؤها من معامل خارج المحافظة فيزيد الكلفة عليهم.

ويشكو أصحاب هذه المعامل من تأثير التلوث على معدلات الإنتاج، حيث انخفض من ستة عشر طنا في الساعة إلى أقل من أربعة أطنان في العديد منها بسبب الملوحة، وهو ما أدى كذلك لارتفاع أسعارها.

وفضلا عن ذلك، فقد أدت ملوحة المياه إلى تضرر عدد من المحاصيل الزراعية مثل العنب والبرتقال والتين التي ماتت معظم أشجارها، بالإضافة إلى النخيل الذي ازداد ذبولا وقلّت ثماره، كما يؤكد الربيعي.
 
مياه الشرب باتت حلما ينتظره أهالي البصرة (الجزيرة)

حلول ترقيعية
ويرجع عضو مجلس النواب عن البصرة صفاء الغانم الأزمة إلى "عدم امتلاك الحكومة المحلية المال الكافي لإصلاح قطاع الخدمات لأن الحكومة المركزية لم تزودها بمستحقاتها من الموازنة".

وأضاف الغانم أن توقف الخط الإيراني للكهرباء الذي كان يغذي البصرة ومحافظات أخرى "أدى إلى توقف كثير من المنشآت والمعامل مما فاقم من حجم الغضب الجماهيري".

وذكر الغانم أن عدم التزام الشركات النفطية بتخصيص نسبة 75%من التعيينات فيها لأهالي المحافظة، وفقا للاتفاق الذي وقع معها في جولة التراخيص النفطية، فاقم من مشاكل الأهالي، مضيفا أن الحكومات المحلية السابقة كانت تعاني من استشراء الفساد فيها بشكل كبير، مما عرقل أي محاولة لإصلاح الخدمات فيها.

غير أن الغانم يستبشر بحلّ الأزمة، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وافق على منح مستحقات البصرة من الموازنة والبالغة ثلاثة تريليونات و500 مليار دينار (نحو ثلاثة مليارات دولار) بالإضافة إلى عشرة آلاف درجة وظيفية، كما توقع أن يساهم ضغط الشارع وقوته في هذا الحل قريبا.

أما مشكلة الكهرباء، فقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس إن الحكومة تزود البصرة حاليا بأربع ساعات كهرباء مقابل ساعتي قطع، مرجعا أسباب كثرة الانقطاعات في الصيف إلى زيادة الأحمال وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، علاوة على زيادة الاستهلاك زيادة كبيرة.
وحول مشكلة المياه، كان محافظ البصرة أسعد العيداني قد وعد في وقت سابق بإنشاء ثماني محطات تصفية للمياه بدءا من منطقة الكرمة شمالا حتى قضاء الفاو جنوبا، لكن شيئا من ذلك لم يحصل.

ويرجع مستشار محافظ البصرة لشؤون الخدمات عبد الواحد بركات أسباب ارتفاع نسب الملوحة في شط العرب إلى انخفاض كميات المياه الوافدة إلى الشط التي بدأت بالتدني منذ أعوام في أشهر الصيف.

وقال إن التدفقات المائية لشط العرب كانت تتراوح ما بين 50 و75 مترا مكعبا في الثانية، لكنها تراجعت إلى 20 مترا مكعبا خلال السنوات الأخيرة.

كما أشار إلى جانب آخر من المشكلة، وهو "تغيير مجرى نهر الكارون الذي ينبع من إيران والذي تحوّل إلى مكب للمياه الصناعية والبزل، مما أدى إلى ارتفاع نسب تلوثه".  
وذكر بركات أن "حلولا كثيرا وضعتها مؤتمرات أقيمت للحد من تفاقم هذه الأزمة لكن ضعف أداء الحكومات المحلية حال دون منحها الأولوية"، واصفا الحلول الحالية بـ"الترقيعية ".

ومن وجهة نظره فالحل يتمثل في إنشاء سد لحجز مياه شط العرب، وعدم السماح للمد الملحي بالصعود شمالا، وإنشاء مزيد من محطات تحلية المياه لتغذية مركز مدينة البصرة، وهذه المشاريع تحتاج إلى إقرار من الحكومة الاتحادية.

المصدر : الجزيرة

جمعة, 27/07/2018 - 02:10