تطبيع الدول العربية مع دولة الاحتلال الصهيوني . محاولة للفهم

ابراهيم ابو سرية

بداية اقامة العلاقات بين بعض قادة الدول العربية ودولة الاحتلال الصهيوني  كانت عبر  اتصالات ولقاءات سرية منذ نهاية الاربعينات من القرن الماضي وكان مصطلح الرجعية العربية الذي اطلق في المنطقة العربية من طرف اليسار العربي والفلسطيني خصوصا والذي كان يعني في احد  مضامينة الدول العربية التي تتامر علي قضية الشعب الفلسطيني او التي تقمع القوي السيارية او الديموقراطية او التي تدخل ضمن الفلك الامريكي .ذلك المصطلح الذي تأكدت صحتة في الوقت الحاضر حيث اللعب علي المكشوف كما يقال الا ان كتاب اليسار الفلسطيني لم يعودوا في يستخدموة الا ما ندر .
عملت الدول الرجعية العربية علي اغراق الثورة الفلسطينية بالمال الرسمي وذلك بهدف بناء الثقة معها ولربطها سياسيا فيما بعد تمهيدا لترويضها وبالتالي التراجع عن تحرير فلسطين والذي كان  هدفا لكل التنظيمات الفلسطينية  باعتماد الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية حيث يكون الشعب الفلسطيني هو الطليعة والجماهير العربية مساندة وداعمة له . وظهرت مقولات الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي خذ وطالب فيسجل لهذا الرجل كاول زعيم عربي عرض بشكل علني موضوع التسوية مع دولة الكيان الصهيوني ثم تم تبني شعارات عديدة من طرف القيادة الفلسطينية كشعار يا وحدنا وشعار استقلالية القرار الفلسطيني ومثال قطرة قطرة يسيل الواد واجريت اتصالات مع ما يدعي بقوي السلام الصهيونية كحركة الان , تلك الامور شكلت المقدمة الضرورية لعقد ما يسمي باتفاقيات اوسلو سيئة الصيت والسمعة تلك الاتفاقيات التي لم يتم دراستها بشكل كافي من طرف القيادة الفلسطينية  فكان الاعتقاد السائد كما يبدو  انه بمجرد الاعتراف المتبادل سوف يحصل الشعب الفلسطيني علي دولة قابلة للحياة .
شهدت الاونة الاخيرة هجوما خليجيا من بعض الكتاب واصحاب الراي  ضد الشعب الفلسطيني وثورتة وقيادتة معدديين افضالهم وعطاياهم علي الشعب الفلسطيني  الا ان الموقف الرسمي للدول الخليجية كان يطل براسة بين وقت واخر ولغاية الان ورغم كل ما حدث بالتكيدعلي دعم الدول الخليجية  للشعب الفلسطيني والتاكيد علي عروبة القدس فهذة الاطلالات كانت عبارة عن قنابل دخانية للتغطية ولتضليل  للهجوم التطبيعي الخليجي  ففتحت الفضائيات ابوابها  امام  قادة دولة الاحتلال الصهيوني بذريعة سماع الراي الاخر حتي لو كان يحتل ارض عربية بهدف ترويض الوعي والعقل العربي لفكرة قبول دولة الاحتلال باعتبارها ليسجسم غريب في المنطقة العربية  وتم استخدام سلاح الدين الاسلامي عبر اصدار فتاوي من العلماء المسلمين بزيارة المسجد الاقصي فيما عرف بالتطبيع الديني اضافة الي التطبيع الرياضي ووووو......الخ .
مبررات قادة الدول العربية المطبعة يتمثل ذلك بمبررين هما :
لا شك بان لكل دولة من الدول المطبعة اهدافها سواءا كانت خليجية او غير ذلك وكل دولة تلقت ثمن التطبيع يختلف عن الاخري الا ان اهم تلك المبررات هي:
الاول : ان التطبيع هو قرار سيادي يتعلق بسيادة كل دولة 
ثانيا : ان التطبيع يقوي مواقف الدول المطبعة فيما يخص دعمها للقضية الفلسطينية 
ان قادة الدول المطبعة كما يقال يضحكون علي ذقون الشعب الفسلسطيني وعلي شعوبهم عبر استخدام التضليل فتبريراتهم لا تقنع دجاجة حمقاء او عرجاء ففيما يتعلق بالمبرر الاول والمتعلق بقرارات الدول المطبعة هي قرارات  السيادية فهل قراراتهم السيادية محصورة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني وهل نسي  هولاء المطبعين ان هناك اجزاء من اراضيهم ما زالت محتلة فاين قراراتكم السيادية وهل فخامة السيد الرئيس ترامب له الحق في تمليك هذه الارض او لا ؟اما بخصوص الرشاوي المقدمة والموعودة وهي بالمليارات سوف تتستفيد منها هذه الدول يتناسي قادة الدول العربية العباقرة تجارب الدول العربية المطبعه سابقا ووعود قادة تلك الدول لشعوبها بان المن والسلوي سوف يهبط عليهم من السماء بمجرد التطبيع ونهاية الحرب مع دولة الاحتلال الصهيوني ولكنهم  لم يجنوا الا الخسارة فلا  زال المواطن العربي يعاني الفقر والمرض ويعيش حياة بائسة و تجارب الغرب وتحديدا الام امريكيا فهي لا تعطي اموال نقدا بل تعطي معدات عسكرية يخصم ثمنها من تلك الرشاوي المقدمة اضافه الي خصم اجرة الخبراء العسكريين والصيانة وقطع الغيار اضافة الي برامج التشغيل  وان الام امريكيا لهم ما تقدمه باليد اليمني تاخذه باليد اليسري فهل تقدم امريكيا باستصلاح اراضي في تلك الدول؟ وهل تقوم ببناء مستشفيات وتزويدها بالمعدات والادوية الطبية لعلاج ابناء الفقراء في تلك الدول ’وهل ستقوم ببناء جامعات  حديثة تساهم في تطور العلوم ونهضتها في تلك الدول الجواب صفر مكعب .
اما فيما يتعلق بان التطبيع يقوي الدول المطبعة وبالتالي زيادة دعمها للقضية الفلسطينية يبدو ان هذا المبرر هو مثار للسخرية لان غيرهم ممن طبع قال ذلك سابقا والنتيجة ههه  ههه فهل الدول المطبعة تعد الشعب الفلسطيني باطلاق الاسير البطل الاخ المناضل نائل البرغوثي الذي امضي واحد واربعون عاما خلف القضبان فكان اقدم سجين في العالم ؟؟؟؟؟؟؟.
مخاطر التطبيع علي القضية الفلسطينية :
يمكن ايجازها وتبسيطها كما يلي 
اولا : الجانب الامني وهو المهم لدولة الاحتلال الصهيوني ويتعلق الامر بعمل دورات تدريبية  للحراس الشخصيين لطويلي العمر من قادة دول التطبيع للحفاظ علي حياتهم لتحسين خبرتهم واعادة تاهيلهم  وافادتهم من الخبرة الصهيونية في هذا المجال وبالتالي ستقوم دولة الاحتلال بنسج علاقات مع قادة الاجهزة الامنية والاستفادة من المعلومات التي لديهم وذلك من اجل اشعال الفتن الداخية لدي الدول الغير مطبعة والتي تقف بكل شموخ وصلابة الي  جانب الشعب الفلسطيني وثورتة اليطلة والعمل علي انهاكها وااضعافها .
ثانيا : الجانب الثقافي والاعلامي ستعمل دولة الاحتلال علي تقوية العلاقات العلمية عبر زيارات الوفود العلمية والثقافية والاعلامية ولكن بشكل شكلاني لن يجلب الفائدة الحقيقية والمرجوة  والذي ستستفيد منة قادة الدول المطبعة اعلاميا وتقديمة لشعوبة كاحد ثمرات التطبيع الطيبة والحلوة اما المناهج التعليمية فستعمل دولة الاحتلال عل حذف او ازالة كل مادة تتعلق مثلا بالجهاد كفريضة علي كل مسلم مادامت بلاد المسلمين محتلة وسيتم ازالة كل ما يتعلق باليهود سواءا في القران الكريم او السنة النبوية واعلاميا سيتم فتح ابواب وسائل الاعلام علي مصرعيها امام الكتاب والصحفيين الصهاينة وسيتم التغاضي عن الجرائم الصهيونية اليومية بحق ابناء الشعب الفلسطين والاساليب الصهيونية معروفة وتعمل ببراعة في هذا المجالي والهدف هو اضعاف مساندة الشعوب في تلك الدول في مساندتها للقضية الفلسطينية والعمل علي التشكيك في الاحداث والجرائم الصهيونية  بل والعمل علي ايجاد اجواء معادية تجاه الشعب الفلسطيني .
ثالثا : الجانب السياسي ان التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني سوف يساهم في فك عزلتها الدولية ولا نستغرب ان تقوم الدول المطبعة بالتصويت الي جانب الكيان الصهيوني في المحافل الدولية ولجان حقوق الانسان وان تقوم كذلك بنقل سفاراتها الي القدس المحتلة .
رابعا : الجانب الاقتصادي التطبيع سوف يؤكد انهاء تلك المقاطعة الكاذبة للمنتوجات الصهيونية وبالتالي ستجد المنتوجات الصهيونية اسواقا جديدة لها وتدخل الارباح الي الميزانية الصهيونية اضافة الي استغلال الثروات الطبيعية والايدي العاملة الرخيصة التي قد يتم استقدامها للعمل في الدولة الصهيونية . 
نتيجة كل تلك المخاطر فان التطبيع العربي مع الدولة الصهيونية سيعمل علي دعمها والخاسر هو الشعب الفلسطيني صاحب اقدس واعدل قضية في العالم والتطبيع العربي هو طعنة في قلب فلسطين ويؤكد ان الدول العربية المطبعة مثل بعض الدول الاوروبية التي تدعم دولة الاحتلال وتصطف الي جانبة . 
في الختام ان الشعب العربي الفلسطيني المناضل وقيادتة البطلة والتي تمر في ظروف صعبة جدا لا يعول الا علي قدراتة المحدودة وارادتة الجبارة والغير محدودة  وعلي الدعم الصادق من طرف الجماهير العربية وعلي دعم الدول التي ترفض التطبيع وان الشعب الفلسطيني مؤمن ايمانا راسخا بان دماء ابناؤة لن تذهب هدرا حتي لو طبع وطبل ورقص وصفق كل دول العالم 
اخيرا ننحني اجلالا واكبارا لارواح شهداء فلسطين ولروح كل مواطن عربي قاتل من اجلها وتحية للاسري والمعتقلين الابطال خلف قضبان سجون  الاحتلال الصهيوني وتحية للجرحي ونتمني لهم الشفاء وتحية للصامدين والصامدات خلف بوابات المسجد الاقصي المبارك اولي القبلتينن  وثالث الحرميين الشريفيين وتحية لكل  من قدم اي شكل من اشكال المساعدة للشعب الفلسطيني البطل وتحية لحملة السلاح في الفصائل الفلسطينية والمجد كل المجد لشهدائنا الابرار وعاشت فلسطين . 

 

ثلاثاء, 05/01/2021 - 18:53