المَغْفُورُ له "ابريد الليل"..أحدُ نودِرِ الزَّمَنِ المُوريتَانِيِّ الحَدِيث.

المختار ولد داهي

مثلت   وفاة المغفور له محمد يحظيه ولد ابريد الليل  رزءً  كبيرا لهذا" الوطن الصغير" و "الوطن الكبير"و الإنسانية جمعاء ذلك أن   المرحوم أفنى عمره و قلبُه و قلمُه مُثْقَلَان بهموم  و مهام الوطن و المنطقة و "الوطن الكبير "و العالم أجمع.

لم أتشرف بمعرفة و لا لقاء المغفور  له لكنه انتزع تقديري و إعجابي لثلاثة أسباب  أولها ما حصل عليه الإجماع و التواتر من    ثباته على مبادئه لم يحرف و لم يبدل رغم الابتلاءات  التى ابْتُلِيَّ هو بها و ابْتُلِيَّ بها الفكر الذى آمن به  و لعل العض بالنواجذ على المبادئ صفة حميدة مشتركة و "ماركة مسجلة" عَزَّ  و بَزَّ  بها الشهيد صدام حسين و غالبية صحبه.

ثاني أسباب الإعجاب بالمرحوم هو  "الإتقان من غير افْتِتَانٍ و لا استلاب"للغة الفرنسية و آدابها فهو ينتج فكره باللغة الفرنسية المجمع على سلامتها و أناقتها و بلاغتها  وسعة و تعدد و تنوع مأخذها و مع ذلك أَمِنَ من الافتتان و الاستلاب   الذى أودى بكثيرين من سَمته بل ظلَّ يدعو و يجاهد  باللغة الفرنسية من أجل التمكين للغة العربية فى بلد   سكنه و مازال تجاذب و تنافس "مريض بالدسم  السياسي" بين اللغتين العربية و الفرنسية.

ثالثُ أسباب الإعجاب- مهما اتفقتَ و اختلفتَ مع الرجل- هو   الثقافة الواسعة و "أهلية الاجتهاد الفكري"اللنان  تنبئ بهما المقالات التى زود بها المشهد السياسي و الثقافي للبلد و هي الكتابات التى  كنت أقرأها مرات و مرات و أحسُّ أني لمَّا أحِطْ بها خُبْرًا   فقد كان  كاتبها   يغرف من  بحار و أنهار و من ما وراء البحار و الأنهار فيوظف التاريخ القديم و الحديث لكل الحضارات و الشعوب  من مختلف أصقاع و بقاع العالم من أجل قراءة    يحسبها منصفة للماضى تبرز موجبه و تحذر من سالبه و ابتغاء  ترشيد حادب  للحاضر  و استشراف  علمي للمستقبل.

رحم الله محمد يحظيه فقد كان أحد نوادر هذا الزمان الموريتاني كما بينتُ  ثباتًا و ثقافة و أهلية "للاجتهاد الفكري" و أحسن  الله عزاء رفاقه أولًا و  رحمه  تاليا و قيضَ لهذا البلد  من أبنائه الشباب  من  يعززون و يؤبِّدُون  القيم الإيجابية  لمسيرة الراحل و يزيدون و يضيفون و يصححون و يسددون،...

سبت, 16/01/2021 - 16:12