ناشط سياسي: الحوار المرتقب يهدف إلى إلهاء الشعب عن معاناته

الأمين العام لحزب ارك باللا توري ـ (المصدر: الإنترنت)

قال الأمين العام لحزب الرك باللا توري إن الإعلان عن حوار اجتماعي مرتقب يهدف إلى "إلهاء الشعب الموريتاني عما يعانيه وكذلك تدجين المعارضة في المستقبل بعد أن فقدت بوصلة اتجاهها".

 

وأضاف توري في مقال له، أن "أي حوار كان سياسيا او عاما لابد ان يتطرق الي الإشكالات المرتبطة باللجنة المستقلة للانتخابات واللائحة الانتخابية من اجل النفاذ الي الحالة المدنية لتسجيل المواطنين، الي جانب النظر في وضعية مؤسسة المجلس الدستوري، لأن الحوار حول هذه القضايا في حالة نجاحه كفيل بخلق الظروف الملائمة لتناوب سلمي على هرم السلطة، وهو ما يبدو غائبا في برامج من يحكموننا اليوم".

 

وفيما يلي نص المقال:

 

"نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ينهار

الحوار المرتقب: اجتماعي أو سياسي؟

تميزت نهاية الأسبوع الماضي بحدث اعلان رئيس حزب الاتحاد من اجل الجمهورية السيد سيدي محمد ولد الطالب اعمر عن النية في الشروع في الاعداد للحوار الكبير مبينا ان هذا الحوار سيكون حوارا اجتماعيا وليس حوارا سياسيا، لان هدفه سيكون منصبا على حل جميع المشاكل التي تحول دون تقوية الوحدة الوطنية.

وقد أدت حصرية عنوان الحوار الي سيل الكثير من الحبر واللعاب، حيث استغرب العديد من المحللين دقة العنوان باعتبار ان أي نقاش للمشاكل الاجتماعية في البلد لابد ان يفضي الي الحديث عن الجانب السياسي.

في حين ذهب اخرون الي اعتبار المعوقات الحقيقية للوحدة الوطنية هي حالة غياب الديمقراطية والعدالة والمساوات في البلد، وهي الحالة المقصودة والمفروضة من طرف النظام العسكري السياسي المالي الذي استحوذ على السلطة منذ فجر 10 يوليو 1978.

 

ان أي حوار كان سياسيا او عاما لابد ان يتطرق الي الإشكالات المرتبطة باللجنة المستقلة للانتخابات واللائحة الانتخابية من اجل النفاذ الي الحالة المدنية لتسجيل المواطنين، الي جانب النظر في وضعية مؤسسة المجلس الدستوري، لأن الحوار حول هذه القضايا في حالة نجاحه كفيل بخلق الظروف الملائمة لتناوب سلمي على هرم السلطة، وهو ما يبدو غائبا في برامج من يحكموننا اليوم.

 

لقد أراد رئيس حزب الاتحاد من اجل الجمهورية  بكل بساطة التحدث مبكرا وبشكل مستفيض، ذلك انه بات من المؤكد ان التحضير بدأ لحوار...

ان الذين يتحدثون اليوم عن تنظيم حوار اجتماعي وهم غير آبهين بمأساة اليتيم والارملة غير قادرين على حمل هموم شعب مطحون في الواقع، عكس زعمهم بانه يعيش في رغد. ولا ادل على هذا العجز عدم التجاوب مع الطلبين اللذين وردا الي ديوان الرئيس المقدمين من تجمع الارامل والايتام من ضحايا الاعدامات خارج القانون خلال سنوات 86 – 91   بهدف مقابلته. لقد بقيت رسائل الوالدة هولي صال والسيدة ميمونه ألفا سي وبوكار لامترو وزملاؤهم بلا جواب، وهم ينتظرون لقاء الرئيس محمد ولد الغزواني.

 

ان هدف " حوارهم " المرتقب هو إلهاء الشعب الموريتاني عن ما يعانيه، وكذلك تدجين المعارضة في المستقبل بعد ان فقدت بوصلة اتجاهها. وتذهب بعض المصادر الصحفية الي ان الغرض الحقيقي من هذا التحرك أعمق مما هو معلن، فهو يهدف الي تنظيم حوار على طريقة وشكل الحوارين اللذين سبق ان نظم "علي بابا" في مناسبتين كما شهدنا. وبعد ذلك تقوم المعارضة التي فقدت كل الخيارات بتشريع دخولها في حكومة "وفاق وطني" حسب تسميتهم، خاصة وان بعض أطراف المعرضة التي أصبحت تعيش على وقع نزيف هجرة كوادرها بفعل غياب الرؤية ستكون مضطرة للمشاركة في الكعكة للحفاظ على فلول مؤيديها نظرا لصعوبة الحالة العامة في البلاد. وعليه يتم دفن الفرص الحقيقية لتنظيم حوار صادق وجامع يمكنه ان يؤسس لتحولات ضرورية تفضي بدورها الي وحدة وطنية حقيقية بعيدة عن الشعارات المطاطية والجوفاء المرفوعة اليوم.

 

 

 

 سلطات مترددة تتلمس...

 

لقد أعقب انتخاب الرئيس محمد ولد الغزواني سنة 2019 حالة من الفوضى الخطيرة التي لم تكن لتخمد لولا الإرادة القوية لكافة الطيف السياسي المعارض التي غلبت المصلحة العليا للوطن بعد ان قررت تجاوز كل الخلافات والخصومات والتركيز على المستقبل فدخل كل زعمائها في لقاءات مع ولد الغزواني، تلك اللقاءات التي زادت من تصميم الجميع في المضي الي الامام بعد الوعود بالشروع في العمل على خلق فضاء للتشاور حول جميع القضايا الوطنية بغية إيجاد حلول لها.

 

وبعد مرور مائة يوم وهي المدة المعهودة لبدء تقييم أداء الرئيس المنتخب بدأ الكثير من الموريتانيين بعد ما لاحظوا غياب إرادة التغيير للواقع السابق في التقليل من التفاؤل الذي كان لديهم.  لقد ارجأ البعض سبب بطيء الإجراءات وضعف وقعها الي البيئة الزاوية غير المستعجلة، بينما يرى فيه البعض الاخر ضعفا من الرئيس. في الوقت الذي تجمع غالبية الموريتانيين على ان الرجل قد وقع فريسة لعصابة "علي بابا" التي يعتقد ان بإمكانه إعادة تدويرها.

اما نحن فنرجح فرضية التناقض المزدوج وعجز النظام عن التقدم خطوة واحدة الي الامام بعد إصرار على التغيير بالأدوات القديمة على مستوى الفاعلين أو الطرق التي لم تثمر في العشرية السابقة سوى الواقع المرير الذي يشهده الموريتانيون جميعا.

هذا الواقع الذي قال أحد مسؤولي وزارة التنمية الريفية في إطار رده على ملاحظاتي حول التسيير الحالي للشأن العام ان جائحة كوفيد 19 قد أدت الي بطيء سير، بل وقف البرامج والمشاريع الحكومية للتنمية. وهنا نصل الي مسألة هامة هي طريقة تسيير السلطات العمومية للجائحة في البلد، تاركين الجانب الطبي منها لأهل الاختصاص في الميدان.

 

لقد استبشر الموريتانيون يوم 25 مارس 2020 خيرا حين أعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن إنشاء صندوق وطني للتكافل الاجتماعي مخصص لمحاربة الجائحة واثارها السلبية، وضخ فيه مبلغ 25 مليار اوقية قديمة، كما فتحته أمام تبرع الفاعلين الذين بدورهم دعموه بشكل كبير.  كان من المتوقع ان يقوم الصندوق بدعم المواطنين الذين تأثرت مداخيلهم كثيرا بفعل الإجراءات المقيدة للحركة والنشاط التي اتخذت الحكومة من أجل مكافحة انتشار الجائحة (الفيروس)، تلك الإجراءات التي كانت ضرورية وفعالة رغم وقعها الصعب على المواطن.

 

في ظل هذه الازمة الخطيرة قررت السلطات بدل دعم القطاع غير المصنف الذي يوفر الوظائف لعدد هام من المواطنين توزيع سلات غذائية على الاسر المحتاجة، وهي العملية التي لم تمس الا عددا قليلا من تلك الاسر التي تم احصائها والإقرار بحاجتها الي الدعم، فأين ذهبت اذن تلك المواد الغذائية التي تم شراؤها لهذا الغرض؟

فمثلا في الحي الذي اسكن تم تسجيل عشرات الاسر الفقيرة والهشة، غير ان الذين استفادوا من تلك السلات الغذائية في الواقع لم يجاوز ثلاثة (3) اسر ولمرة واحدة.

 

لقد زرنا في قمة الجائحة في إطار مهمات في داخل البلد العديد من المناطق ( باسكنو، فصاله،أمبود، بوكى)  حيث لاحظنا ان العديد من المواطنين تركوا دون مساعدة يكابدون الواقع الصعب في الوقت الذي رأينا على الشاشات صور الرئيس الروندي بول كاغامي و هو يشارك في توزيع المواد الغذائية على جميع مواطني بلده بيتا ، بيتا دون لوائح و لا تمييز. هذا مع علمنا بأن موريتانيا ليست رواندا و أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ليس هو بول كاغامي ، رغم قدوم الاثنين من المؤسسة العسكرية  ووصولها الي السلطة بقوة البندقية ، حيث كان الأول انقلابي من الصف الثاني في الوقت الذي كان الثاني زعيم تمرد.

 

اين ذهبت عشرات المليارات من اوقيتنا التي جمعت من اجل تغذية صندوق التكافل الاجتماعي " كوفيد 19 "؟ لقد اقر الرئيس نفسه في أحد اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة بتسيير الصندوق بحدوث تجاوزات وأعلن ان المفتشية العامة للدولة قد اخذت على عاتقها مهمة التفتيش في تسيير الصندوق. رغم كل هذا لم تحرك السلطات ساكنا ولم تعاقب المسؤولين عن التجاوزات اذن مازال الموريتانيون ينتظرون الحقيقة!

ان الحكومة في هذا الملف كما في غيره من الملفات قد أبدت عجزها وتقصيرها، على الرغم من ان الذين سبق لهم العمل مع الوزير الأول محمد ولد بلال يشهدون له بالكفاءة العالية والوطنية، تلك الصفات التي لا يمكن ان تؤتي ثمارها او تكفي وحدها لان الحكومة وحدة متكاملة والقصور الحاصل هنا وهناك لبعض من افرادها قد أضر بأدائها.

نحن لسنا مقتنعين بأدائها ويمكننا الحديث عن لائحة من الأنشطة الحكومية (برامج ومشاريع يجري تنفيذها) غير المجدية.

وهنا نستحضر من بين أخرى فشل سياسية مكافحة البطالة، اذ أن فتح المجال امام اكتتاب 100 عاطل يقابلها ترشح 15000 للعرض مما يوضح عمق الازمة وتفشي البطالة في البلد.

لقد عمدت الحكومة في محاولتها مكافحة البطالة من خلال وزارة التشغيل والشباب والرياضة الي إطلاق المرحلة الأولى من برنامج " مشروعي مستقبلي" خلال شهر يناير من سنة 2020 ، حيث استفاد من تمويلات المشروع 500  من حملة الشهادات العاطلين عن العمل خلال كامل السنة. وبهذه الوتيرة فإن ادماج 271000 من حملة الشهادات العاطلين عن العمل الذين أعلنت عنهم الوزارة يتطلب 542 عام من غير احتساب الاعداد التي تلتحق بهم سنويا والتي تتراوح بين 50 و60 ألف شخص.

لقد قابلنا العديد من الذين استفادوا من المشروع الحالي والذين مازالوا يجدون صعوبة في إطلاق مشاريعهم، اين الخلل؟ هل المشاريع غير اقتصادية رغم حصولها على التمويل، أم بيروقراطية الوزارة وبطيء إجراءاتها؟ .

  

نقول للسلطات الحالية، حان الوقت للقيام بإجراءات ملموسة للحد من الآلام التي تعاني منها فيئة عريضة من المواطنين الذين نحن منهم. اليوم أصبحت غالبية الموريتانيين تخاف من المستقبل بعد ان أصبحوا مقتنعين بأن سفينتنا المشتركة (موريتانيا) تقاد بشكل سيئ. أصبح العديد من مناضلي حزب الرك والمتعاطفين معهم الذين نلتقي بهم يوميا يعبرون عن احباطهم حيث يعتقدون ان الإجراءات التي قيم بها حتى الان لا تنبئ بالقطيعة مع تلك التي طالما شجبنا في عهد "علي بابا " وعصابته.

 إن الغالبية العظمى من الموريتانيين معرضة اليوم للمجاعة نظرا لصعوبة الحصول على المواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل صاروخي حتى وصل أرتفع سعر بعضها بنسبة 30 %. لم يعد مستوى دخل الكثير من الموريتانيين يمكنهم من تلبية كافة الحاجات الغذائية لأسرهم. إن الوضع خطير ونحن تتساءل عن مكمن الخلل والفشل في تحديد الأسعار، وعن وضع القطاع المسؤول عن العمل الاجتماعي؟

 

           بــــلا تــــــــور

مهندس زراعي / خبير في البيئة

الأمــــين الــعام لــحزب الــــــرك"

ثلاثاء, 19/01/2021 - 14:06