ذكر تقرير لصحيفة وول ستريت الأميركية أن مجموعة من المستثمرين يتساءلون عما إذا كان بمقدور مركز دبي المالي العالمي أن يحافظ على مكانته عقب انهيار إحدى كبريات الشركات الاستثمارية العاملة فيه وهي شركة أبراج، وهو ما أثار مخاوف واسعة لدى المستثمرين من ضخ أموالهم في المنطقة.
ومن مبررات قلق المستثمرين التزام سلطة الخدمات المالية بدبي الصمت تقريبا منذ تفجر فضيحة مجموعة أبراجالتي أساءت إدارة مئات الملايين من الدولارات من أموال المستثمرين الدوليين، من بينهم مؤسسة بيل وميليندا غيتس والبنك الدولي.
وقد أصدرت سلطة الخدمات المالية بدبي بيانين مقتضبين، وصادرت بعض أجهزة الحاسوب المحمولة من شركة أبراج، وهي تجري محادثات مع واحد على الأقل من مراجعي حسابات الشركة.
توتر المستثمرين
ويقول مستثمرون ومسؤولون تنفيذيون بدبي إن رد فعل السلطات التنظيمية بشأن قضية أبراج جعلتهم متوترينبشأن البيئة التنظيمية في الإمارة، التي أسست منطقة مالية منذ أكثر من عقد من الزمان، وكان من المفترض أن تكون دبي ملاذا قائما على قواعد واضحة، لكن المخاوف من حوكمة الشركات وتضارب المصالح برز إلى السطح.
وتقع مقار بعض الشركات في دبي ولكن مقرها القانوني في ملاذات ضريبية مثل جزر كايمان، مما يخلق حالة من عدم اليقين بشأن خضوع هذه الشركات لتشريعات الإمارة.
ويقول محامون يعملون في دبي إن عالم التمويل في الإمارة -التي تستضيف المقار الإقليمية لكبريات البنوك العالمية- يشبه ناديا صغيرا يتربص أعضاؤه ببعضهم البعض إذا ما ارتكبوا مخالفات.
ويعتمد مركز دبي المالي العالمي على القانون البريطاني في عمله، وتشرف سلطة الخدمات المالية التابعة للمركز على 629 شركة، ولم يسبق لهذه الهيئة أن واجهت مشكلة انهيار شركة كبيرة بحجم مجموعة أبراج، التي كانت تدير في الماضي استثمارات بقيمة 14 مليار دولار.
مؤسس مجموعة أبراج عارف نقفي يتابع قضائيا في الإمارات ويسعى لإبرام تسويات مع مستثمرين متضررين من إساءة توظيف أموالهم (رويترز)
تهم وتحركات
ويخضع مؤسس أبراج عارف نقفي حاليا للمتابعة القضائية في دولة الإمارات بسبب توقيع صك مرتجع لرجل أعمال في المنطقة، وتهم أخرى من مستثمرين آخرين بإساءة استغلال أموالهم، وقال محامون مطلعون على القضية إن نقفي فشل الشهر الماضي في التوصل لتسوية ديون مع رجل الأعمال، وذكر محامو مؤسس أبراج أن الرجلين يعملان على إتمام تفاصيل تسوية قبل بدء جلسات المحاكمة.
ومن المحتمل أن يكون الإطار القانوني الذي تعمل فيه مجموعة أبراج قد أسهم في تعقيد عملية مراقبتها من قبل الجهات التنظيمية بدبي، إذ إنها مسجلة قانونيا بصفتها مجموعة قابضة في جزر كايمان وهو ما يجعلها بعيدة عن مراقبة سلطات دبي.
وتتهم أبراج بسوء إدارة أموال المستثمرين الذين يتعاملون معها، إذ وظفت أموالهم في أغراض غير التي اتفق عليها الطرفان في الأصل، وقد رفعت ضد المجموعة دعوى قضائية بعد أن تعذر عليها سداد ديونها.
وقال موظفون سابقون في أبراج إن هيئة دبي للخدمات المالية لم تقم ببعض الزيارات المعتادة في السنوات الأخيرة للمجموعة في إطار ممارسات صلاحياتها الرقابية.
تدفقات مشبوهة
ويضيف هؤلاء الموظفون السابقون أن تدفقات الأموال المشبوهة كان يمكن اكتشافها في مرحلة مبكرة، لكن بعض الموظفين أنفسهم تساءلوا عما إذا كانت الزيارات الإشرافية لهيئة دبي للخدمات المالية قد حققت أي نتائج.
كما أن أغلب التحقيقات المعلنة في قضية أبراج قادها محققون خاصون بتكليف من المستثمرين المتضررين، أو من لدن مجموع أبراج نفسها.
ومنذ العام 2006، اتخذت سلطة دبي للخدمات المالية إجراءات في 74 مرة تجاه كيانات أو أفراد انتهكوا القواعد المنظمة لمركز دبي المالي، غير أن أغلب هذه الإجراءات كانت بحق شركات صغيرة أو أفراد، باستثناء فرض غرامات على بنكين دوليين هما بنك "إي بي أن إمرو" الهولندي و"دويتشه بنك" الألماني.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "إيريديوم أدفايزرز" الاستثمارية أوليفر شوتزمان إنه كلما تأخرت هيئة دبي للخدمات المالية في التحرك أصبحت قدرة إمارة دبي على جذب رأس المال الأجنبي في خطر، وأضاف شوتزمان "كم هناك من قضية مثل قضية أبراج في دبي ما دامت الأمور تدار من تحت الطاولة؟".
المصدر : وول ستريت جورنال