في هذه كبوت سيدي الرئيس.. فمأساتنا في تلك الدبلوماسية

محمد يحيى ولد باب أحمد

التعيينات الأخيرة في السلك الدبلوماسي كانت حقا مخيبة للآمال والطموحات التي كانت معلقة على النظام الجديد، ليس فقط لأنها كرست خيارات النظام البائد القائمة على الزبونية دون أي تغيير، وإنما أيضا لأن من شأن تلك السلسلة الطويلة من التدوير أن تثقل كاهل الخزينة العامة، ومن ورائها كاهل المواطن، بأثمان باهظة بسبب تكاليف تنقل أولئك الدبلوماسيين وتأثيث منازلهم ومكاتبهم، واستحواذ كل واحد منهم قبل رحيله على ما سبق أن أثث به مكتبه ومنزله السابق، طبقا لما دأبوا عليه في كل عملية تدوير.

 

فأي فائدة ترجى من تبادل هؤلاء فيما بينهم؟ ما دام ليس في الأطقم تجديد؟

 

بالأمس فقط أخذتنا الحمية لأنفسنا عندما أساء الى البلد أحد الصحفيين المصريين حينما أعتبر أن سبب منع طائرة الزمالك المصرية من عبور أجواء موريتانيا أول مرة هو وجود حرب أهلية فيها، وفى نفس الإبان تقريبا ثارت ثائرتنا، ضد تسجيل لأحد المشارقة يحذر فيه المستثمرين من الاستثمار في البلد.

 

قبل ذلك بأيام قليلة تجندنا للدفاع عن أحقية مرشحنا لرئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أحمدو يحيى عندما وقع عليه هجوم - اعتبرناه شرسا ومدفوع الثمن - من قبل التونسي طارق دياب، وقبل ذلك وقبله وقبل ما قبله ما أكثر ما استأنا وأخذتنا الحمية لأنفسنا من هجومات لا ساحل لها من فلان وعلان من إخوة لنا وجيران وأجانب من مختلف الأصقاع هاجمونا وأساؤوا إلينا بقصد وبغير قصد، وبعلم أو جهل وبحق أو بباطل، لا لشيء إلا لأن دبلوماسيتنا راكدة معدومة قاصرة عاجزة.

 

لو كانت دبلوماسيتنا ناجحة لكنا قبلة للاستثمارات العالمية، لأن خيرات بلادنا المتنوعة تبرر استقطاب مختلف أنواع الاستثمار، ولما كانت جميع الاتفاقيات التي نبرمها مجحفة وغير عادلة.

 

لوكان في أولئك الدبلوماسيين خيرا لكانت الديمقراطية الموريتانية - على علاتها - قدوة في العالمين العربي والإفريقي.

 

لو كانوا محنكين دبلوماسيا لكنا مضرب مثل في نشر الثقافة العربية الإسلامية التي أفلح الآباء والأجداد في نشرها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا منذ تأسيس دولة المرابطين وحتى اليوم.

 

لو كانت دبلوماسيتنا ناجحة لكنا مثالا يحتذى عند الغرب في التعايش السلمي والتسامح بين المكونات الاجتماعية متعددة الأعراق والثقافات.

 

لوكان دبلوماسيونا أكفاء لكنا قبلة للسياح وكنا وكنا..

 

هذه هي أدوار الدبلوماسيين: تلميع ما هو حسن وإصباغ ما هو خشن بلبوس حسن فأين نحن من هذا؟

 

مأساتنا الحقيقية هي في فشل دبلوماسيتنا، وسبب فشلها هو مثل هذه التعيينات، التي تستند في غالبيتها العظمى (دون مطلق التعميم) على الزبونية: فلان ابن فلان، أو قريب فلان، أو نسيب فلان... الخ

 

حتما سيفشلون، ليس فقط لأنهم لم يعدوا سلفا للقيام بالمهمة ولم تكن دراستهم كافية للقيام بها، ولكن أيضا لأنهم يعتبرون أن ذلك التعيين امتياز يستحقونه لأسباب قبلية أو عرقية أو قراباتية، وبالتالي فهم يستبيحون استغلاله لمصالحهم الشخصية، ولا ينبئك مثل مؤتمن على الوطن بكواليس القوم خبير.

سبت, 27/02/2021 - 12:40