إقرار يوم عالمي لشجرة الأركان.. وخبراء يحذرون من انقراضها

حظي القرار الأممي بدعم واسع من قبل 113 دولة

عدد مناقبه المشاهير، وتباهوا بمنافعه على الصحة ونضارة بشرتهم. من كيم كرداشيان ومادونا وكاتي بيري إلى كاثرين زيتا جونز. كلهن أكدن في أكثر من مناسبة أنه سر جمالهن. الأركان بزيته السحرية، أصبح ذائع الصيت ويتهافت عليه الباحثون عن الجمال الطبيعي بعيدا عن الكريمات وملطفات البشرة التي تُصنع داخل المختبرات.

نجاح شجرة الأركان في اكتساح عالم التجميل والتغذية، وصل إلى العالمية وحصل على اعتراف أعلى منظمة في العالم. 

فقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، أمس الأربعاء بالإجماع، القرار الذي قُدم بمبادرة من المغرب، والذي يعلن العاشر من ماي من كل سنة، يوما عالميا لشجرة الأركان.

وحظي هذا القرار الأممي بدعم واسع من قبل 113 دولة عضو في الأمم المتحدة.

وهكذا سيتم الاحتفاء بشجرة الأركان، الشجرة المستوطنة في المغرب، التي تعد تراثا ثقافيا لاماديا للبشرية، ومصدرا عريقا للتنمية المستدامة، في العاشر من ماي من كل عام على الصعيدين الوطني والدولي.

اختيار تاريخ 10 مايو لم يأت بالصدفة، بل هو مستوحى من دورة نضج ثمرة شجرة الأركان.

وعلق عمر هلال، السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، في تصريح لوسائل إعلام مغربية قائلا: "يحمل هذا القرار ثلاثة أبعاد، الأول وطني، ويجسد رؤية الملك لروية المخطط الأخضر ومن أجل الأمن الغذائي وتثمين شجرة الأركان.

البعد الثاني، هو اعتراف بمكانة المرأة، فيما يتعلق بمجهودات المغرب، عن طريق التمكين المالي والمهني للمرأة. أما البعد الثالث، فالإعلان عن يوم عالمي للاحتفال بشجرة الأركان يعتبر تجسيدا لارتباط المملكة بهذه الشجرة واهمتمام المملكة بتجويد منتوجها".

ويعود إطلاق هذه المبادرة إلى فبراير من العام الماضي خلال حدث نظمته المغرب، بالتعاون مع الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة واليونسكو ومنظمة الصحة العالمية.

وتوج ذلك الحدث بإطلاق مسلسل التفاوض حول القرار المتعلق باليوم العالمي لشجرة الأركان، والذي توقف بسبب تداعيات وباء كوفيد-19 على أساليب وظروف العمل في الأمم المتحدة.

الأركان ثروة لا مادية 

وأكد ميلود أزرهون، المنسق الإقليمي لشبكة جمعيات أركان للمحيط الحيوي، في اتصال هاتفي مع "سكاي نيوز عربية" أن هذا القرار يعتبر تتويجا لمسار طويل من المجهودات المبدولة للنهوض بهذا القطاع.

وأضاف أن "ما نتوفر عليه اليوم من هذه الثروة، هو مِلك للإنسانية جمعاء، ونحن مطالبون بالحفاظ عليه، ليس للمغاربة فقط بل لكل سكان العالم".

ودعا أزرهون إلى عدم إغفال الجانب الثقافي للأركان "فهو زيت نُظمت حوله قصائد وأشعار، وأهازيج شعبية ترتبط بكل مرحلة من إنتاجه. لأن طريقة استخلاصه تختلف عن زيت الزيتون على سبيل المثال".

وخلص الناشط الجمعوي إلى أن إقرار يوم عالمي لشجرة الأركان، سيدفع السلطات لإيلاء مزيد من الاهتمام بهذه الشجرة المهددة بالانقراض.

شجرة الأركان تعيش لمئات السنين وتمتد سلاسلها في المغرب على مساحة تفوق 830 ألف هكتار. وتنتج المملكة سنويا ما يربو عن 5300 طن من زيت الأركان.

 

وتنمو هذه الشجرة في عدد من المناطق الواقعة بجنوب المغرب، مثل أكادير وتارودانت وسيدي إفني وشيشاوة، وخاصةً في منطقة سوس ما بين الصويرة وتافراوت. 

وتُعمر هذه الشجرة لمدة 250 عامًا بالرغم من المناخ الحار لتلك المناطق. وتنتج ثمارها نوعين من الزيوت، الأول خاص بالطعام ويكون لونه بنيا داكنا وذا طعم قوي، والآخر خاص بالتجميل ولونه أصفر ذهبي.

ويتوقع أن يصل الإنتاج العالمي، الذي يأتي معظمه من المغرب، إلى 19623 طنا، أو ما يعادل مليارا و79 مليون دولار أمريكي، بحلول 2022، بعد أن كان 4836 طنا في عام 2014.

ويصل سعر اللتر الواحد من زيت الأركان في السوق العالمية، إلى 3000 يورو. وأصبح مادة أساسية في صناعة عدد من مواد التجميل، حيث يمكن أن تصادف منتجاته في أرقى عواصم العالم، وقد ترى لافتات إعلانية ضخمة عن فوائد زيت الأركان أو واجهات صالونات التجميل المزينة بقوارير مختلفة الألوان والأحجام التي تحمل علامة "موروكن أويل" أو "زيت الأركان". 

 

وقال عماد ميزاب، دكتور في الصيدلة واختصاصي في المواد الطبيعية في حديث لـ"سكاي نيوز عربية": "زيت الأركان عبارة عن زيت نادر يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الذهنية مثل، حمض اللينوليك، وحمض الأوليك الذي يمكن أن يحسن نفاذية البشرة ويساعد المكونات الأخرى على اختراق الجلد بسهولة أكبر. ويعالج زيت الأركان حب الشباب والتهاب الجلد، ويقلل من الشيخوخة المبكرة، ومفيد للشعر".

وأضاف في معرض حديثه عن منافع الأركان: "زيت هذه الثمرة يحمي من أنواع عديدة من السرطان، يقلل الكولستيرول ويساهم في تيسير الهضم، كما ينشط خلايا الدماغ ويقلل من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية".

وقد شجع إقبال العالم على الأنظمة الغذائية النباتية والصحية، على الاعتماد على هذا الزيت كمكون رئيسي في وجباتهم اليومية، إذ يعتبر منتجا مثاليا للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب ونقص الفيتامينات والمعادن والسمنة المفرطة، وتحديدًا في الدول الآسيوية التي تعتبر سوقا هائلة لهذه الصناعة بسبب ميل شعوبها إلى العلاجات الطبية التقليدية.

منافع الأركان تجاوزت حدود المغرب، وأصبحت ذات بعد عالمي بفضل اهتمام ممثلين ومشاهير به.

وأثارت تصريحات الممثلة البريطانية "كاثرين زيتا جونز" منذ حوالي أربع سنوات حول حفاظها على نضارة بشرتها، تفاعلا واسعا.

وقالت الفنانة الشهيرة: "إن سر بشرتها النضرة هو الذهب السائل أو زيت الأركان، ويستخرج من ثمرة شجر الأركان وهو شجر نادر يتواجد بسهل سوس المغربي ويعمر لمدة 200عام، وهو يستخدم بكثرة في المطبخ التقليدي".

وأشارت خلال حديثها إلى أن "عبء العمل أثر على مظهرها وجعل بشرتها جافة، ولكن بعد استخدام الأركان أصبح وجهها أكثر حيوية ونضارة".

وكانت الممثلة كيم كاردشيان، أيضا، قد لفتت إلى أنها تستخدم هذا الزيت المغربي في منتجات التجميل لديها.

الأركان "محمية حيوية" من اليونسكو

وفي عام 1998، حظيت الأركان بتصنيفها "محمية حيوية" من اليونسكو، الأمر الذي جعل الهيئات المغربية المعنية تتدخل للحفاظ عليها من خطر الانقراض، بالإضافة إلى تثمين هذا التراث الاقتصادي والثقافي الفريد.

غير أن شجرة الأركان تعاني، بحسب الخبراء، من التأثير السلبي للتغيرات المناخية، ومن ظاهرة الاستغلال المفرط، وهجوم قطعان الماشية للرعي الجائر خلال فترات الجفاف، وأيضا من مزاحمة الفلاحين للاستفادة من أراضيه.

وهي مؤشرات أخدتها السلطات المغربية بعين الاعتبار، فبدأت تضاعف جهودها لتوسيع المساحات المغروسة من هذه الشجرة.

آخرها قيام وفد من المسؤولين بإقليم تيزنيت في 17 فبراير الجاري، بغرس 100 هكتار من شجر الأركان بدوار "تيفادين" التابع لجماعة أربعاء أيت أحمد، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تأهيل مجال الأركان بإقليم تيزنيت.  

سكاي نيوز عربية 

خميس, 04/03/2021 - 17:30