كشف الصاروخ السوري الذي سقط في صحراء النقب بالقرب من المفاعل الإسرائيلي في ديمونا عن حقيقتين في غاية الأهمية.
الحقيقة الأولى: إن الجيش السوري من الآن فصاعداً سوف لن يقف مكتوف الأيدي وهو يرى الطائرات والصواريخ الإسرائيلية وهي تعربد في سماء دمشق وبقية المدن السورية الأخرى فمن الآن وصاعدا أصبحت سوريا عازمة على تطوير دفاعاتها الجوية ومنظومتها الصاروخية بالشكل الذي يُمكّنها من مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، ومن هذه اللحظة على إسرائيل أن تدرك أن سوريا اليوم غير سوريا الأمس وإنها بدأت تلأم جراحها النازفة خلال صراعها المرير مع المنظمات الإرهابية وإنها تستعد الى إعادة دورها التاريخي في الصراع العربي الإسرائيلي، ويعود الفضل في ذلك إلى الاعتداءات السافرة من قبل إسرائيل التي تسببت في قتل الآلاف من أبناء الشعب السوري وإلى هدم العشرات من المواقع المدنية والعسكرية التي تعرضت للطائرات والصواريخ الإسرائيلية والتي حفزت القيادة السورية على تغيير قواعد الاشتباك.
فقد نَفَذَ الصبر السوري على هذه الاعتداءات التي كانت تنفذها إسرائيل لغايات دعائية نفسية ، فقد اختارت إسرائيل سوريا الخارجة لتوها من حرب مدمرة كساحة لتنفيذ عنجهيتها ومآربها العسكرية في استخدام أنواع الأسلحة الفتاكة وفي بعث الخوف والهلع لدى شعوب المنطقة والتأكيد على تفوقها العسكري من خلال ضرباتها الخائبة على الأراضي السورية، وبعد الرد الصاروخي السوري لم تعد سوريا ملعباً للطيارين الإسرائيليين وهم يستعرضون عضلاتهم أمام الشعب السوري وشعوب المنطقة مستغلين انشغال الجيش السوري في تطهير أرض سوريا من الإرهابيين وقوى الظلام الذين عاثوا في الأرض فساداً.
لقد استطاعت سوريا بصاروخها العابر للخطوط الحمراء الإسرائيلية (ليس الطائش) أن تسحب من تل أبيب أهم ورقة لتنفيذ برنامجها العسكري الذي يروم من خلال عملياتها العسكرية في سوريا اثبات تفوقها العسكري في المنطقة.
فمن اليوم ستحسب إسرائيل الف حساب لأية ضربة عسكرية موجهة ضد سوريا. وإن عليها من الآن أن تستعد للرد السوري الذي لم يكن محسوباً في الاستراتيجية الإسرائيلية المبنية على عدم تجرؤ أية دولة في الرد على إسرائيل، لأن الرد على إسرائيل يعني مواجهة جملة كبيرة من التداعيات السياسية والعسكرية ليس من قبل إسرائيل وحسب بل ممن يوفر الحماية الكاملة لإسرائيل من الدول الكبرى وفي ظنها: ليس هناك دولة في المنطقة مستعدة لتحمل هذا العبء، من هنا كان وصول الصاروخ السوري إلى صحراء النقب على مقربة من أهم مركز أمني إسرائيلي يعني خرقاً لهذه الاستراتيجية الإسرائيلية الذي سيكلف إسرائيل ثمناً باهضاً.
أما الحقيقة الثانية التي كشفها الصاروخ السوري فهي عن هشاشة القبة الحديدية التي صرفت عليها اسرائيل 210 مليون دولار والتي كانت مبعث فخر للقيادات الإسرائيلية حتى ان دولاً كبرى اقترحت على إسرائيل شراء هذه المنظومة لحماية مراكزها الدبلوماسية ومواقعها الأمنية في مناطق تواجدها في منطقة الشرق الأوسط.
فلم تعد هذه القبة بمنأى أمام أي هجوم صاروخي، وغير قادرة على توفير الحماية للمواقع الأمنية، فلقد انتهى مفعول المعجزة الإسرائيلية ولم يعد بأيدي الإسرائيليين ما يفتخرون به وما يدللون به على قوتهم العسكرية الفائقة.
فلقد أيقظ الصاروخ السوري قادة إسرائيل من سباتهم فأخذوا يتراشقون بالاتهامات، فهذا ليبرمان يتهم نتنياهو بأنه ينام الليل تاركاً الشعب الإسرائيلي في العراء ليواجه الخطر، وربما من أهم نتائج ما حدث هو فقدان ثقة الإسرائيليين بقادتهم الذين جروا عليهم الوبال جراء سياساتهم العدوانية التي جلبت لهم معادات شعوب الأرض. ويأتي هذا التطور الخطير في حماة الانتخابات الاسرائلية و التنافس الانتخابي بين الاجنحة و الاحزاب المختلفة التي ستقرر مصير نتنياهو.
نقلا عن رأي اليوم